تحليل السياسات

الثورة أحبطت “تهريبات”… وتحوّلت إلى سلطة

الأنباء الكويتية

احتفل اللبنانيون بليلة رأس السنة الجديدة في البيوت خلف الشاشات، وفي ساحات الثورة، خصوصا في بيروت وطرابلس انطلاقا من كون هذه المناسبة خارج المألوف الطائفي.

لا حوادث تذكر في ليلة ولادة العام الجديد، سوى 24 جريحا في حوادث السير، وخمس اصابات برصاص الابتهاج التقليدي، ثلاث في طرابلس بين ساحتي النور والقبة، ورابع في الضاحية الجنوبية، وخامس في بلدة الشويفات، وقد هنأ اللواء عماد عثمان ضباط وعناصر قوى الامن الداخلي على حسن ادارتهم للحركة المرورية والاجراءات الامنية، التي حالت دون ان تكون الخسائر في تلك الليلة اكبر.

احتفال «الثورة» بالسنة الجديدة في ساحة الشهداء تحول الى حشد سياسي بإطار فني وفرته مجموعة فنانين من الداعمين للحراك الثوري الذي اكد حضوره وتماسكه خلف ثوابته، ليغدو احدى ظواهر الحياة السياسية التي تميز بها عام 2019، بعد الجيش الذي حمى هذا الحراك من عصف الساسة الفاسدين، بقدر ما حمى المواطنين من الطوابير المندسة في الثورة، فاستحق وصفه بشخصية العام اللبناني بلا منافس.

في احتفالات الثورة تعريف بالانجازات وبما هو في طريق الانجاز، مع التذكير بشهداء الثورة، او الانتفاضة التي هزت بُنيان النظام الطائفي، واطلقت الوطنية اللبنانية من عقالها، وكشفت عورات السلطتين التشريعية والتنفيذية وعجزهما عن التشريع الصحيح، والتنفيذ الاصح، وتحولت الى هيئة تفتيش وديوان محاسبة ومحكمة رأي عام مستعينة بالاعلام الذي تحول من سلطة رابعة الى سلطة اولى في بعض الحالات، فأسقطت مشاريع الكهرباء برا وبحرا، وخصوصا المعامل القائمة على الفساد، وافشلت «تهريبات» كثيرة من خلال المعابر البرية او المرفأية، وما زال هناك اكثر، وآخر انجازاتها على هذا الصعيد كشف صفقة التمديد لمشغلي الخليوي والتصدي لها.

ما ألزم اللجان النيابية المختصة اتخاذ قرار وقف التمديد، قبل ان يصبح امرا واقعا، كصفقة شراء بناية لشبكة «تاتش» في وسط بيروت التي رتبت على الدولة العاجزة حمولة 100 مليون دولار تقريبا.

على ان الانجاز الاكبر لـ «الثورة» تمثل بحمل رئيس الحكومة سعد الحريري على الاستقالة، فكان واحدا من «كلن يعني كلن» انما البقية قد تأتي، والرهان في ذلك على معطيات السنة الجديدة، وعليها ايضا تنظيف وجه لبنان المالي والاقتصادي من تجار الصيرفة والهندسات المصرفية التي حفرت خندقا عريضا في حقل الثقة بين اللبنانيين وادارات المصارف اللبنانية المنغمسة في الاستثمار السياسي والظرفي يتطلب عقودا لردمه.

البعض يرد مشكلة الناس مع المصارف الى العقوبات الاميركية على ايران، والى خفض للتصنيف الائتماني متجاهلين عن عمد اغفال التهرب والتهريب، ولعبة المحاصصة بين السلطات الرئيسية «مرر لي.. امرر لك»، في اسوأ عملية مقاسمة للمصالح الذاتية، بعيدا عن اي رقابة او محاسبة، خصوصا من جانب مجلس النواب الذي تحول من رقيب الى شريك في اللعبة، بدليل انه عقد خمس جلسات تشريعية فقط عقدت في العام 2019، اقر خلالها 41 قانونا معظمها متعلق بالمصادقة على اتفاقيات دولية او بتنظيم المهل، وقد تم التمديد مرتين للقاعدة الاثني عشرية قبل اقرار الموازنة العامة للعام 2019 ما سجل مخالفة دستورية من خلال عدم احترام المواعيد الدستورية.

اما ابرز القوانين التي اقرها المجلس هذه السنة، بحسب المحامية لارا سعادة لاذاعة «صوت لبنان»، فعددها 3: قانون حماية حرج بيروت، وقانون حماية احدى المحميات، وقانون العقوبة البديلة (استبدال السجن بالخدمة الاجتماعية للجرائم التي لا تتخطى عقوبتها السنة)، وعلى صعيد مكافحة الفساد اقر المجلس قانونا وحيدا لمكافحة الفساد وانشاء هيئة لذلك، لكن رئيس الجمهورية ميشال عون رد هذا القانون الى المجلس لعلة ما ولم يعد المجلس اقراره مجددا، وكل القوانين المتعلقة بتحديث قوانين المناقصات العمومية والتفتيش المركزي والاثراء غير المشروع واستقلالية القضاء واستعادة الاموال المنهوبة، كل هذه القوانين ما زالت في ادراج اللجان النيابية، حتى اندلاع ثورة 17 اكتوبر، حيث تم تشكيل لجنة فرعية لم تبدأ عملها، النائب ميشال موسى رد هذه اللا نتاجية التشريعية الى الظروف التي منعت انعقاد المجلس النيابي فترة طويلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى