مقالات صحفية

تأليف الحكومة في كوما وموفد من بري التقى الحريري

تأليف الحكومة في كوما وموفد من بري التقى الحريري

تأليف الحكومة دخل في الكوما. كل التفاؤل انقلب إلى تشاؤم. حتى استقالة حسان دياب لم تعد مستبعدة. نُقل عن مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان قوله إنه لن يستقبل الرئيس الملكف إلا إذا جاء يبلغه الاعتذار عن التكليف. ذلك قد يكون بعيداً، لكن ليس تأليف الحكومة أقرب. لم تعد حكومة الاختصاصيين أمراً محسوماً. الرئيس نبيه بري عاد إلى حكومة تكنوسياسية، فيما تحدث التيار الوطني الحر عن حكومة “أهل الجدارة”. حزب الله اكتفى بالدعوة إلى تأليف حكومة تحمي مصالح اللبنانيين وتعالج الوضع الاقتصادي في أسرع وقت.
وسيط بري زار الحريري! باختصار، تداعيات اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني بدأت تنعكس على تأليف الحكومة. الأولوية صارت لـ”حكومة لمّ الشمل”، تطرّق إليها بري ثم تكتل لبنان القوي. ذلك يفرض عودة التواصل مع سعد الحريري المعتكف في فرنسا. لذلك، تردد بحسب “الاخبار” أن وسيطاً من بري زاره، مقترحاً عليه العودة لتفعيل حكومة تصريف الأعمال. قال بري رداً على سؤال عن إمكانية عدم تجاوب الحريري مع تصريف الأعمال، “مش على خاطرو، فتصريف الأعمال واجب دستوري”. هل يكون ذلك بوابة عودة الحريري إلى مفاوضات التأليف، وربما التكليف؟
لماذا طرح قواعد جديدة؟ في دردشة مع الإعلاميين، سأل بري: “لماذا التأخير ولماذا طرح قواعد جديدة في التشكيل مخالفة للأعراف”؟ ونفى “كل ما يُشاع عن عدم حماسته لحكومة برئاسة دياب، قائلاً “ليس صحيحاً كل ما يُشاع. لقد قدمت كل الدعم والمؤازرة له”. وحذّر بري من أن “الوضع في المنطقة غير جيد على الإطلاق، والوضع في لبنان للأسف يتدحرج من سيئ الى أسوأ”.

الثنائي متمسّك بالحريري: وإذا كان التيار الوطني الحر، الممسك بناحية التأليف إلى جانب الرئيس المكلف حسان دياب، يعتبر ان “حكومة جديرين” هي الممكنة للخروج من المأزوق، ذهبت أوساط الثنائي الشيعي عبر “اللواء” إلى ان لا بدّ من حكومة إنقاذ، يعود إلى رئاستها الرئيس سعد الحريري الذي يتوقع ان يعود الى لبنان في غضون الأيام القليلة المقبلة.

ما المقصود؟ إلى ذلك، دعت مصادر طلعة عبر “اللواء” إلى انتظار المدى الذي سيصل إليه الرئيس برّي بما صرّح به حول حكومة “لم الشمل”، وعما إذا كان المقصود من كلام رئيس المجلس تطعيم الحكومة أو العمل على زيادة ممثلين في الحكومة من الأحزاب التي امتنعت عن المشاركة، لا سيما “القوات اللبنانية” والحزب الاشتراكي والكتائب، أو حتى “المستقبل”، رغم ان هذه الأحزاب كانت أعلنت انها لا تريد المشاركة في الحكومة.
وقالت هذه المصادر ان الكرة في ملعب الرئيس المكلف الذي اما ان يتجه إلى تعديل موقفه من التشكيلة الحكومية شكلاً وعدداً، أو الإصرار على موقفه، وهو ما ينقل عنه، أي التأكيد على حكومة اختصاصيين من 18 وزيراً.
24 ساعة حاسمة: ولفتت إلى ان ما عرضه الرئيس المكلف على الرئيس ميشال عون هو تُصوّر اولي لحكومة اختصاصيين من 18 وزيراً، مع اعادة توزيع لبعض الحقائب وأسماء بعض الوزراء، داعية إلى انتظار 24 ساعة لتحديد المسار إيجاباً أو سلباً.
وافادت “اللواء” ان الرئيس المكلف سيلتقي اليوم، الخليلين أي المعاون السياسي للرئيس برّي الوزير علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، ان لم يكن قد التقاهما مساء أمس، للوقوف منهما على حقيقة موقف الرئيس بري واسبابه واهدافه، كما انه سيتواصل مع الرئيس عون لمناقشة خلفيات هذا الموقف، خصوصا وان رئيس الجمهورية كان يرغب منذ البداية بحكومة تكنو-سياسية، لكنه استجاب لرغبة الرئيس المكلف بحكومة اختصاصيين.
مشاورات مستمرة: وأكدت مصادر رسمية مطلعة على مشاورات عملية التأليف، ان لا تغيير دراماتيكياً في الصيغة الحكومية، ولا سلبية مطلعة، وان المشاورات مستمرة.
وفي تقدير مصادر نيابية مطلعة، ان كلام الرئيس برّي لم يكن مفاجئاً للرئيس المكلف، بالنسبة لموقفه الداعي إلى حكومة “لم الشمل” بمعنى تشكيل حكومة وحدة وطنية ان امكن من أجل معالجة نتائج الأزمات الداخلية والإقليمية، بالاشتراك مع كل أو اغلب القوى السياسية، إذ ان هذا كان رأيه منذ التكليف، وهو أبلغه إلى الرئيس عون، ولعل تريثه في تسليم أسماء الوزراء المقترحة من كتلته النيابية يعود إلى عدم اعتماد معايير موحدة في التشكيل، وانه ينتظر الاتفاق على نوعية الوزراء ليسقط الأسماء على الحقائب التي باتت مكتوبة لكتلته النيابية.وبالتوازي مع مواقف الرئيس برّي، جزمت مصادر قيادية في الثنائي الشيعي، بأن طرح رئيس المجلس هو لجس نبض الرئيس سعد الحريري وجهات دولية حول إمكانية عودته إلى ترؤس حكومة إنقاذ ومواجهة داخلية وخارجية، معتبرة ان مرحلة ما بعد اغتيال قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني تحتاج إلى ترتيبات سياسية معقدة، أهمها حكومة جامعة برئاسة سني جامع حتى ولو كان اسمه سعد الحريري، مشيرة إلى ان الرئيس دياب لم يعد شخصاً مناسباً لهذه المرحلة.
احياء التسوية؟ ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الرئيس عون أعاد احياء طرح الحكومة السياسية من الخلفية ذاتها التي انطلق منها برّي، واللافت ان الثنائي الشيعي لا يجد حرجاً بعودة الحريري مرشحاً وحيداً لرئاسة الحكومة، لكن السؤال: هل يرضى الرئيس عون بإعادة احياء التسوية الرئاسية، بالرغم من كل ما قيل وحصل حولها من احراج لإخراج الحريري؟
معلومات الغرف المغلقة تشير إلى ان الثنائي قد يكون مضطراً للسير بحكومة الرئيس دياب إذا وافق على تعديل حكومته من تكنوقراط إلى تكنو-سياسية، ووفقاً للمصادر القيادية نفسها، فإن دياب ما يزال يملك حظوظاً ضئيلة لتشكيل حكومة سياسية بنكهة اخصائيين، إذا افترضنا- والكلام للمصادر انه عرف كيف يقتنص الفرصة المتبقية له لتشكيل هكذا حكومة.

دياب متمسّك بمعاييره: وفي هذا الصدد، أكدت مصادر الرئيس المكلف الدكتور حسان دياب لـ”الجمهورية” انه “لا يزال متمسّكاً بالمعايير التي بادر الى تثبيتها بعد تكليفه، وتتمثّل في تشكيل حكومة مصغّرة من وزراء اختصاصيين، غير حزبيين، وغير مشاركين في الحكومة السابقة”، لافتة الى انه سبق ان تمّ التفاهم مع الجميع على هذا الاطار الذي كان دياب قد “شدّد عليه ايضاً خلال مشاوراته مع الكتل النيابية في مجلس النواب”.
واعتبرت هذه المصادر “ان ما حصل أخيراً في المنطقة يدفع الى الاصرار على هذه المعايير أو الضوابط في التأليف وليس العكس، لأنّ المطلوب تشكيل حكومة محصّنة داخلياً وخارجياً”.
وأشارت الى “انّ الحراك الشعبي من جهة والمجتمع الدولي من جهة أخرى يتطلّعان الى حكومة توحي بالثقة، وهذا أمر لا يمكن ان يتحقق مع وزراء سياسيين يشكّلون امتداداً لتجارب سابقة بل مع اختصاصيين قادرين على مواجهة الازمة الاقتصادية المالية ومفاعيلها”.
وأوضحت المصادر نفسها “ان الرئيس المكلف رفع الى رئيس الجمهورية، خلال اجتماعهما الاخير، مسودة تشكيلة وزارية، وانّ الرئيس ميشال عون اقترح بعض التعديلات عليها، وانّ الدكتور حسان دياب ينتظر حالياً جواب الرئيس النهائي”. واكدت انّ دياب “ليس في وارد الاعتذار، لكنّ الوقت ثمين ويجب ان يتعاون الجميع على إتمام ولادة الحكومة حتى تنطلق في مهمة وقف الانهيار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى