عندما قرّر الرئيس سعد الحريري العزوف عن ترشيح نفسه لرئاسة الحكومة قبيل ساعات قليلة من موعد الاستشارات النيابية الملزمة، قرّر رئيس الجمهورية ميشال عون ان يخوض مغامرة طرح اسم الدكتور حسان دياب، آخذاً الامر على مسؤوليته، بعدما تشاور في شأن تسميته مع بعض الموثوقين لدى القصر الجمهوري، فهل ندم عون على خياره؟ أم من المبكر الخوض في مثل هذه الفرضية؟
يبدو واضحاً انّ خللاً جوهرياً طرأ على العلاقة بين عون ودياب خلال الايام القليلة الماضية، الى درجة أنّ وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي ردّ على بيان الرئيس المكلّف المدافع عن صلاحياته بمطالعة دستورية – سياسية مزدحمة بالرسائل والدلالات التي تؤشر الى خلاف واسع مع دياب حول طريقة مقاربة ملف التأليف الحكومي وما بعده.
ووفق رواية قصر بعبدا، فإنّ اندفاعة عون لاعتماد خيار تكليف دياب بتشكيل الحكومة لم تأتِ أساساً من فراغ، «اذ أنّ رئيس الجمهورية كان قد خرج بانطباعات ايجابية حول شخصية دياب بعد الإجتماع الأول الذي جمعهما، عشية تسميته رسمياً، في قصر بعبدا، حيث قال عون يومها لقريبين منه: «الرجل مهذب و«رايق» وقد اتفقت معه على بعض الخطوط العريضة للنهج الذي يُفترض ان تتبعه الحكومة المقبلة».
وعندما استفسر رئيس مجلس النواب نبيه بري، قبل ان يعطي موافقته النهائية على اسم دياب، «عمّا اذا كنتم واثقين في الرجل وهل حكيتم معه؟» جاءه الجواب من القصر الجمهوري بالإيجاب، وانّ التواصل الذي تمّ بين عون ودياب يدعو الى الارتياح والاطمئنان.
وتبعاً لرواية قصر بعبدا، تمّ لاحقاً تثبيت مجموعة معايير ناظمة لعملية تشكيل الحكومة، تتصل بهويتها وطبيعة الأسماء الواجب اختيارها وتوزّع الحقائب الوزارية حسب الطوائف والمذاهب، «لكن دياب راح يقضم شيئاً فشيئاً تلك المعايير ويعتمد مقاربات لا تحقق وحدة القياس في التأليف».