أكّد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان أن رأسنا سيبقى مرفوعًا ونعتّزّ بعملنا الوطنيّ وقال في كلمة له في العدد الجديد لمجلة”الأمن”:
«سيبقى رأسنا مرفوعاً، ونعتزُّ بعملنا الوطني»…
قلت هذا الكلام قبلاً وسأبقى أقوله دائمًا مفتخرًا بكل عنصر وضابط في مؤسسة قوى الأمن الداخلي، وهم الذين لا يوّفِّرون نقطة عرق بل نقطة دم إلا ويبذلونها في سبيل خدمة وطنهم على مدار الساعة لا سيما منذ ١٧ تشرين الأول الماضي.
غداً، سيسطر تاريخنا في صفحات كثيرة ناصعة البياض تشهد لمؤسساتنا التي سينصفها الجميع بالتأكيد، بأنها كانت على قدر المسؤوليّة الملقاة على عاتقها بكل عقل وضمير، فهي التي حرصت على حماية القوانين من خلال تنفيذها وحمت الحّرّيات ودافعت عن الأملاك العامة والخاصة والمؤسسات.
ليس سهلًا وعاديًا أن يختبر لبنان زلزالًا كاد يهزّ كيانه منذ 17 تشرين الأول. وليس عاديًا ما يبذله أبناء مؤسستنا لتأمين عبور الوطن من محنته إلى الأمان، بالحفاظ على الأمن، أمن الجميع، أمن المتظاهر، كما أمن غيره، أمن المعارض وأمن المواليّ، أمن طالب التغيير وأمن الحزبي.
السياسة تفرِّق عادة، لكن الأمن يجب أن يبقى موحّد المعايير للجميع. وإذا كان بعض الحراك يريد تغيير منهجيّة الدولة، بطرق عنيفة، عبر الإعتداء على المؤسسات العامة والخاصة لتدميرها وتخريبها، فهذا العنف حكمًا سيوّلِّد عنفًا، والفعل سيجابه بردَّة فعل، ولا مصلحة لأحد بأخذ الشارع إلى دوامة عنف لا تحتمل.
قوى الأمن الداخلي ستبقى تقوم بواجبها كما ينصّ القانون. وإذا كان هناك من يفّكّر بتغيّير سياسات معينة، وهذا حقّ له، فعليه أن يطلب من قوى الأمن المضيّ بما تقوم به ليتمكّن هو من بلوغ أهدافه في التغيير، لأن من يطلب الحقّ لا يعتمد الباطل، والذي يريد التحسين لا ينتهج التخريب، وصاحب المطلب المحقّ لا يمكن أن يطلب من قوى الأمن الداخلي التخلّي عن دورها وواجبها والتزامها بالقانون.
وإذا كانت هناك مؤسسات في الدولة، للأسف، لا تقوم بواجباتها كما يجب وكما تلحظ القوانين، فإننا في قوى الأمن الداخلي، حريصون على أدائنا المؤسّساتي وقيامنا بواجبنا على أكمل وجه، ونحن في هذا السبيل تحمّلنا ونتحمّل الكثير، وضحّينا وما زلنا نضحّي وسنبقى نضحّي، فهذه هي رسالتنا، وأكبر دليل أنه حتى كتابة هذه السطور بات لدينا ومنذ بداية الحراك، ٧٠٢ جريح في صفوف عناصرنا وهو رقم كبير طبعاً.
وأنا كمدير عام لقوى الأمن الداخلي، ومن موقع مسؤوليتي، لن أسمح ولن أتهاون إزاء ضرب معنويات هذه المؤسسة بأي شكل من الأشكال.
إن عدم استخدام العنف من قبل عناصر قوى الأمن، وهو حقّ لهم بموجب القانون عند اقتضاء الضرورة، تضحية من قبلنا في التحمّل، ومحسوب لنا لا علينا.
وأقول هنا: شرف كبير لنا أن يسقط لنا جرحى في المعارك مع شبكات الإرهاب والخارجين على القانون، لكن ليس شرفًا للمتظاهرين أن يسقط جرحى من عناصر قوى الأمن على أيديهم، فهذا انتقاص صارخ لهيبة الوطن الذي يدّعون إعادة بنائه.
إن إعطاء الأوامر من قبلي شخصيًا، كمدير عام لقوى الأمن الداخلي، بالردّ على عنف ما، يبقى قرارًا ممزوجاً بالتعقّل والصبر والبصيرة وليس هو الرّد الحقيقي المرتقب، وهذا يأتي بعد ساعات من التحمّل، يكون عناصرنا تعرضوا خلالها لإعتداءات، ووقع في صفوفهم إصابات. فربما لو كنت أنا شخصيًا في مكان الإعتداء عليهم، لكان من الممكن أن أصدر أوامر للردّ الفوري تتناسب مع جسامة الإعتداءات التي تطال العناصر الساهرين على حماية الأمن، فمن يتلقّى الضّربات ليس كالذي يعدّها. ومن لا يوافقني القول، عليه أن يكون من بين عناصر قوى الأمن الذين يتعرضون للإستفزاز والإعتداء وتلقّي الحجارة والحديد وأحياناً موادّ قاتلة… فعند ذلك يستطيع أن يفهم ما يقول، وأنا واثق من أنه سيكون أشدّ قسوة على المتظاهرين المعتدين.
إنما للأسف، هنا ردّة الفعل في النهاية، تكون تجاه أُناس من وطني لديهم مطالب تمثّلني ربما، ولكننا لا نستطيع إلا أن نقوم بواجبنا بدءًا من حماية أنفسنا وصولًا إلى حماية الأمن ضمن القانون. وهنا لا بدّ من العودة إلى النصوص، التي إذا ما تقيّدنا بها، يكون الجميع رابحًا.
فهذه النصوص تعطي قوى الأمن الداخلي الحقّ بالدفاع عن نفسها كما حماية المؤسسات العامة والخاصة، وكذلك تعطي هذه النصوص المواطنين الحقّ بالتظاهر والتعبير عن الرأي ضمن الأصول، وتفرض علينا بالمقابل حمايّة هذا التظاهر.
إن عناصر قوى الأمن الداخلي ليسوا أعداءً لإخوانهم المتظاهرين، وفي الوقت نفسه ليسوا هم الجهة الصالحة لتلبية مطالبهم، وعليهم أن يدركوا هذا الأمر، وأن يتمّسّكوا بالنصوص والقوانين، ولا يسمحوا لبعض المشاغبين بتشويه تحرُّكهم السلمي المشروع