جواب عن سؤالٍ بأسئلةٍ كثيرة: لن أرضى بأنْ أكون حذاءً مرميًّا على قارعة البلاد
عقل العويط
أطرح على أهل الحكم والحكومة والطبقة السياسيّة، وكلّ مَن يعنيهم الأمر، سؤالًا بأسئلةٍ كثيرة.
هو سؤالٌ حقيقيٌّ، واقعيٌّ، صادقٌ، مُمِضٌّ، موجعٌ، جارحٌ، مهينٌ، معيبٌ، ولن أقبل بأنْ يبقى السؤال من دون جواب.
هو سؤالٌ بأسئلةٍ كثيرةٍ، كحال بيتنا اللبنانيّ الذي هو، على قول المؤرّخ كمال صليبي، بيتٌ بمنازل كثيرة:
كيف أحصل على ودائعي إذا كنتُ مضطرًّا لتأمين قسطٍ جامعيٍّ، أو إذا كنتُ مضطرًّا لتسديد ديوني تجاه أشخاصٍ ثالثين، أو إذا كنتُ مضطرًّا للحصول على ما يغطّي ثمن لقمة العيش؟
وإذا حصلتُ على بعضٍ من ودائعي، بالعملة اللبنانيّة، لاستحالة حصولي عليها بالعملة الصعبة، فبأيِّ سعرٍ أصرّفها؟ أبالسعر الرسميّ 1517 ليرة للدولار الواحد، أم بالسعر الذي لا يستقرّ على حالٍ لدى جيوش الصرّافين والمرابين والمتلاعبين بالمال، من الـ2200 صعودًا إلى حيث لا أحد يمكنه أنْ يتوقّع أو يفترض أو يتخيّل؟
ثمّ، ماذا يبقى لي من قيمة هذه الوديعة، إذا كانت تخسر نحوًا من نصف قيمتها، بمجرّد خروجها من المصرف؟
… وماذا يمكنني أنْ أشتري بقيمة هذه الوديعة، إذا كانت أسعار الموادّ الغذائيّة لا رقيب عليها ولا حسيب؟
أمّا إذا كنتُ لا أملك ودائع في المصرف، لا بالعملة اللبنانيّة ولا بالعملات الاجنبيّة (وهذه هي حال كاتب هذا المقال تمامًا)، فكيف أعيش، وكيف أحفظ كرامتي، إذا كنتُ في عداد عشرات الألوف، بل مئات الألوف من المواطنين، الذين إمّا أقفلت المؤسّسات حيث كانوا يعملون، وباتوا مشرّدين عاطلين عن العمل، وإمّا لا يقبضون رواتبهم من المؤسّسات التي يعملون فيها، لأسبابٍ معروفةٍ ولأسبابٍ غير معروفةٍ، أو لعلّةٍ في نفس يعقوب؟
هذا قليلٌ من كثير الأسئلة، يطرحها مواطنون ليسوا من أهل الطبقة المنتفعة من السلطة والحكم، وليسوا من الحاشية ولا من المقرّبين، وليسوا من المحظيّين، ولم يسعفهم الدهر في أنْ يرثوا من أهلهم ثرواتٍ وأموالًا، كما لم يسعفهم الدهر (أو هم لم يقبلوا ولا يقبلون البتّة) في أنْ يصيروا أصحاب ثرواتٍ وأموالٍ، بطرقٍ وأساليب يندى لها الجبين؟!
أمّا الآن، وقد أصبح لدينا حكومةٌ بالطريقة التي تعرفونها، وهي طريقةٌ يندى لها (حتّى) جبين الديموقراطيّات المتخلّفة في العالم الثالث وما دون، فما هي الإجراءات الفوريّة التي تجعلني أنا المواطن أشعر بأنّي صاحب كرامة، وصاحب حقٍّ في العيش الكريم، ولستُ حذاءً عتيقًا مرميًّا على قارعة هذه البلاد؟!
لا أريد أن أكون حذاءً مرميًّا.
لا أقبل بأنْ أكون حذاءً مرميًّا.
ماذا ستفعلين أيّتها الحكومة، أيّها الحكم، من أجل الحفاظ على كرامتي كمواطنٍ، وعلى حقّي كمواطن في العيش الكريم؟
هذا سؤالٌ بأسئلةٍ كثيرة، ليس برسم السلطة فحسب، بل برسم الجميع، مَن هم في جنّة الحكم، مَن هم في “المعارضات” الرخيصة، ومَن هم في المعارضة الشريفة، ومَن هم مواطنون أوادم احرارٌ ثوّار منتفضون.
أمّا جوابي أنا عن هذا السؤال الذي بأسئلةٍ كثيرةٍ، فهو الآتي:
لا أريد أن أكون حذاءً مرميًّا على قارعة البلاد.
لن أرضى بأنْ أكون حذاءً مرميًّا على قارعة السلطة، ولا على قارعة البلاد.
Akl.awit@annahar.com.lb