أخبار محلية

كنعان يستبدل الحجارة بالقوانين

كنعان يستبدل الحجارة بالقوانين

بعد أشهر على بدء الانتفاضة الشعبية في لبنان، ضربت خيبة أملٍ كبيرة معنويات الأكثرية الصامتة جرّاء سلوك الأمور مسارًا مغايرًا عن الآمال المنصبّة على التحرّكات
تبيّن أن البعض لا يعلم البتّة أن القوانين والتشريعات وموازنة الدولة واسم رئيس الحكومة وتشكيلة الوزراء ومحاسبتهم فيما بعد تمرّ عبر المجلس النيابي، أي تمرّ عبر نوّاب قطعوا عليهم هم الطرق ليمنعوهم عن القيام بعملهم

نسي البعض أن التغيير في الدول التي تشبه بأنظمتها لبنان لا يحصل إلّا داخل المؤسسات. يطالبون اليوم بانتخابات مبكّرة على اعتبار أن المجلس ساقط بنظرهم، بينما يدرس أي تلميذ في مادة التربية الوطنية والتنشئة المدنية أن من يتّخذ قرار إجراء انتخابات نيابية هو المجلس النيابي. فإن لم يبلغوا علمًا بأبسط قواعد عمل السلطات، فكيف عليهم تحليل أرقام الموازنة والتشريعات المالية والنقدية وسط أزمةٍ لا يمكن إصلاحها سوى من داخل المجلس النيابي، وتحديدًا من قاعة اجتماع لجنة المال والموازنة

في هذا الإطار رفع المتظاهرون في أكثر من مرّة الصوت مطالبين باستعادة الأموال المنهوبة. توجّه هؤلاء نحو المجلس النيابي ورموا الأحجار فلم تعد الأموال إلى أصحابها! تابعوا شغبهم فلم يسقط الإصلاح من الغيم! فلو سلكوا مسارًا آخرًا لعلموا أن الحلول تأتي بالتشريع لا بالسباب

وعليه، تتجّه أنظار اللبنانيين اليوم نحو المجلس النيابي، حيث يبدو أنّ الشارع أدرك أخيرًا أن أي بصيص أمل بعودة أي ليرة نُهبت إلى الخزينة العامة وعبرها إلى الشعب، لا يكون إلّا من خلال التشريع الصحيح

في هذا الإطار، وبعيدًا عن الغوغائية في الطرح والمعالجة، تنعقد لجنة المال والموازنة برئاسة النائب ابراهيم كنعان يوم الإثنين المقبل في جلستين. جلسة قبل الظهر ستُخصّص لموضوع الأموال المنهوبة حيث سيُناقش على طاولة البحث مشروع قانون تقدّم به تكتّل “لبنان القوي”، كما سيُطرح خلال الاجتماع مُقترحين لكل من كتلة الكتائب والنائب بولا يعقوبيان، ليُصار بعدها إلى مناقشة تفعيل تطبيق قانون الإثراء غير المشروع

أمّا جلسة بعد الظهر ستطرح اللجنة فيها موضوع دفع لبنان لاستحقاقات “اليوروبوند” والدين العام بحضور حاكم مصرف لبنان ورئيس جمعية المصارف ووزير المال

وبحسب الأجواء يبدو أن الإثنين سيشهد انطلاق العمل الجدّي العملي فيما يخص مكافحة الفساد المالي ومعالجة الأزمات المالية القائمة، حيث أنّه من المهم جدًا الإشارة أن كل ما يُحكى عن صلاحيات في قانون النقد والتسليف هي بيد المجلس النيابي لا بيد غيره

وبالتالي يتمحور عمل اللجنة ورئيسها حاليًا حول قرار دفع استحقاق “اليوروبوند”، وهل من الأفضل أن يتّجه لبنان بالفعل نحو الدفع أم نحو الامتناع وطلب إعادة الجدولة مع تخفيض الفائدة

وتشير المعلومات أن كنعان واعضاء لجنته سيكونون حازمين وصارمين لجهة ضرورة ايجاد حل فعّال ينقذ البلاد قدر الإمكان

انطلاق ورشة العمل هذه تثبت أن المجلس النيابي عمومًا ولجنة المال والموازنة تحديدًا لم يتخلّوا عن مسؤولية محاولة الإنقاذ على الأقل في حين رفض رئيس الحكومة السابق تصريف الأعمال لأشهر تكاد تكون الأقسى اقتصاديًا في تاريخ البلاد

قد لا تُدرك الحقائق في وقتها، وقد لا ينال كل ذي حقٍّ حقّه مباشرةً، ولكن حقيقة بدأت تتضّح أن التغيير الفعلي لا يأتي بالشلل بل بالعمل

ليبانون ديبايت” – صفاء درويش

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى