على وقع ضغط الثوار، غاب التيار الوطني الحر، بالشكل على الأقل، عن حكومة الرئيس حسان دياب. غير أن هذا الغياب الصوري لا يلغي كون التيار الرافعة الأساسية لعهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحديدا، وإن كان رئيس التيار، النائب جبران باسيل، أعلن الرغبة البرتقالية في الانضمام إلى صفوف المعسكر المعارض، في سياق عملية تصفية الحسابات السياسية بين التيار وزعيم “المستقبل سعد الحريري. لذلك، وتبعا للتموضع المميز للعونيين في صدارة المشهد السياسي، أثار تحركهم الأخير أمام مصرف لبنان سلسلة من التساؤلات المشروعة، عن الأسباب المقنعة لانتقالهم إلى موقع المواجهة مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، علما أنه كان من بين الموافقين على التمديد له بالاجماع خلال العام 2017. فماذا تقول المعارضة العونية عن أهداف هذا التحرك والرسائل السياسية الكامنة خلفه؟
أجابت مصادر في المعارضة العونية (“التيار- الخط التاريخي”) عبر “المركزية”، معتبرة أن “لو كان التيار في المعارضة، لكان من حقه التظاهر. لكن في هذا الوضع الدقيق الذي يمر به لبنان، السؤال الأكبر الذي يجب أن يطرح هو الآتي: من يتحمل مسؤولية ما وصل إليه لبنان؟”.
وأشارت إلى أن “إذا كان البعض يعتبر أن حاكم مصرف لبنان هو المسؤول وحده، نذكرهم أن وراءه حكومة ومجلسا نيابيا وسلطة ووزير المال. تبعا لذلك، نتساءل عما إذا كانت هذه السلطة تتحمل المسؤولية”.
وفي السياق عينه، تطرقت المصادر إلى المطالبة باستعادة الأموال المهربة، فسألت: “هل أن تظاهرة تجعلنا نكتشف مصير هذه الأموال؟ ثم إن الضغط القانوني السياسي الذي يتمتعون به أقوى من ذاك الذي مارسوه من تحرك مر مرور الكرام لولا الاشكال المحدود مع أنصار الحزب التقدمي الاشتراكي، مشددة على ضرورة وضع الحلول التي أصبحت معروفة على سكة التنفيذ”.
ولفتت إلى أن هذه “المخارج تبدأ من الموازنة التي لم توقَّع بعد، علما أنهم تسببوا بإشكالية كبيرة مع المتظاهرين ليذهبوا إلى مجلس النواب ويقروها، إضافة إلى مكافحة الهدر الذي يطال الطبقة السياسية برمتها، وتأمين السيولة بالدولار، التي من دونها ستستمر البلاد في الدوران في حلقة مفرغة”، مشيرة إلى أن “التحرك أمام مصرف لبنان ليس إلا محاولة للهروب إلى الأمام وشد عصب الجمهور العوني، لأن لدى التيار مشكلة في ذلك”، معتبرة أن “من المعيب أن ينتقل التيار من حزب الفعل وصناعة الحدث إلى موقع رد الفعل”.
وعلى خط آخر، تناولت المصادر المعارضة للتيار الاشكالية التي فجرها بناء مقر جديد للتيار على مقربة من موقع نهر الكلب الأثري، مع ما يعنيه ذلك من مساس بالهوية التراثية والثقافية للبنان. وفي هذا الاطار، طرحت الأوساط ما سمتها “أسئلة منطقية”: أولا: “لماذا يصرف مبلغ كبير من المال على عقار مستأجر؟. ثانيا: لو كان هذا الموقع التاريخي في منطقة البترون (مسقط رأس الوزير جبران باسيل)، هل كان رئيس التيار الوطني الحر ليرضى بالبناء فيه، أم حافظ عليه؟ ثالثا: في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة، هل إن حزبا سياسيا يحتاج مقرا ضخما إلى هذا الحد؟ رابعا: لو كان التيار لا يزال يمتلك روحا، لماذا يهرب إلى الحجر بدلا من الالتفات إلى ما يحتاجه البشر”.
وختمت برسالة إلى التيار: “البلد يقف عند مفترق اقتصادي ومالي خطير. لا يجوز أن تبقوا في موقع رد الفعل، عودوا إلى موقع صناعة الحدث”.