نشر موقع” المونتيور” تقريراً للمحلل الروسي ماكسيم سوخوف وصف فيه اتفاق الرئيسيْن الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان بشأن إدلب بالمؤقت، معللاً بالقول إنّ التباينات الروسية-التركية المبدئية حول إدلب ما زالت قائمة.
وانطلق سوخوف من تعزية بوتين أردوغان بالجنود الأتراك الذين قتلوا في سوريا، ناقلاً عن الرئيس الروسي قوله إنّ قوات الجيش السوري تكبدت “خسائر فادحة” من جهتها. سوخوف الذي نقل عن بوتين قوله لأردوغان: “يجب أن نتحدث عن كل شيء، حتى لا تحصل أمور كهذه من جديد ولكي لا تتدهور العلاقات الروسية-التركية، التي أعلم أننا نقدّرها”، اعتبر أنّ نبرة الرئيس الروسي ورسالته يوحيان بأنّه مهتم بالصورة الأشمل مع تركيا من جهة، وغير مستعد للتضحية بسوريا لاسترضاء طموحات أنقرة من جهة ثانية. كما نقل سوخوف عن المتحدث باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، قوله قبل يوم من اللقاء، إنّ الرئيسيْن سيناقشان الأزمة، قائلاً: “نتوقع التوصل إلى فهم مشترك لمقدّمات هذه الأزمة وأسبابها وخطورة تداعياتها، وصولاً إلى حزمة من الإجراءات الضرورية المشتركة من أجل الحيلولة دون استمرارها”.
الخارجية التركية: أردوغان ناشد بوتين التدخل للمساعدة في وقف تقدم الجيش السوري
اتصال ساخن بين أردوغان وبوتين حول إدلب.. هذه تفاصيله
واستناداً إلى هذه المعطيات، اعتبر سوخوف أنّ روسيا اعتقدت أنّ الأزمة اندلعت على خلفية عجز تركيا عن الوفاء بالتزاماتها لجهة طرد مقاتلي “هيئة تحرير الشام” من منطقة خفض التصعيد. وكتب سوخوف: “لم يرق لموسكو اتجاه أنقرة عوضاً عن ذلك إلى مساعدة “هيئة تحرير الشام” عملياً على الاحتفاظ بمواقعها. وعلى الرغم من ذلك، تدرك موسكو أنّ ما حصل خلال الأيام القليلة الماضية كان مؤلماً على المستوى السياسي بالنسبة إلى أردوغان من ناحية أولى، وكارثياً بالنسبة إلى تركيا على المستوى الإنساني من ناحية ثانية، وذلك لجهة تدفق اللاجئين. ولذلك، تبدي روسيا استعداداً للمساعدة على وقف التصعيد والتفكير بسبل للمضي قدماً”.
وتابع سوخوف بالقول إنّ ما حصل يعكس المبادئ الثلاث التي تعتمدها روسيا خلال تعاطيها مع “ندّ عنيد” مثل تركيا، معدّداً المسار التالي: تتعاطف موسكو أولاً مع المسائل التي تُعد حساسة ومهمة بالنسبة إلى الأمن التركي، ثم تعمد إلى رسم خطوطها الحمراء بوضوح وتحديد مساحات التعاون المستقبلي، قبل أن تستغل أخطاء ارتكبتها الولايات المتحدة وتوظّف نقيضها لصالحها.
توازياً، استعرض سوخوف النقاط الثلاثة التي اتفق عليها بوتين وأردوغان، معتبراً أنّهما توصلا إلى “مجموعة متواضعة من المخرجات”. وفي قراءته، رجح سوخوف أن يكون التوصل إلى الاتفاق قد اتسم بالصعوبة، لا سيما بالنسبة إلى الجانب التركي، كما ألمح. وتابع سوخوف بالقول إنّ بوتين وأردوغان اتفقا على وقف جميع الأعمال القتالية عند كل خطوط التماس بدءاً من منتصف ليل الجمعة، وإنشاء شريط أمن بمسافة 6 كيلومترات إلى الشمال والجنوب من الطريق الدولية “M4” وإطلاق العمل لتسيير دوريات مشتركة بين روسيا وتركيا على طول هذا الخط بدءاً من 13 آذار المقبل.
وفي هذا الإطار، استدرك سوخوف بالقول إنّ الاتفاق لم يأتِ على ذكر الطريق الدولية “M5″، معلقاً بالقول: “قد يوحي ذلك بأنّ تركيا اضطرت إلى الاعتراف بوضعها الراهن”؛ يسيطر الجيش على “M5″منذ بداية الأسبوع. وكتب سوخوف: “إذا صح ذلك، فإنّه قد يمثّل خطوة أساسية باتجاه سيطرة الرئيس السوري بشار الأسد على بقية الأراضي السورية وتأمين ممر لجهة الشمال”. وتابع سوخوف بأنّ الطرفيْن لم يناقشا مسألة مناطق حظر الطيران، واصفاً هذا الواقع بالانتصار بالنسبة إلى دمشق. كما دعا سوخوف إلى متابعة مسألة نقاط المراقبة التركية جنوب الـ”M4″، مرجحاً أن تتسم تسويتها بالصعوبة، ومتحدثاً عن الالتباس بشأن مسألة اللاجئين.
وعليه، قال سوخوف إنّ الاتفاق الجديد يبدو بمثابة إجراء مؤقت، متوقعاً خرق إطلاق النار من طرف واحد “على الأقل”، بل من جميع الأطراف “على الأرجح”، بمن فيهم أولئك الذين لم يوافقوا عليه. وعلّق سوخوف كاتباً: “من المحتمل أن يعمد المقاتلون والإرهابيون والقوات السورية إلى اقتحام أو التسلل إلى المنطقة الأمنية الممتدة على طول الـ”M4″. وقد تواجه الدوريات الروسية-التركية أنواع شتى من المشاكل، وهي لن تنطلق قبل 12 يوماً. وخلال هذا الوقت، كل شيء وارد”.
في المقابل، اعتبر سوخوف أنّ الاتفاق بين الرئيسيْن هدف إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار بالنسبة إلى العلاقات الروسية-التركية، مشيراً إلى أنّه يمثّل في هذا الإطار نجاحاً بالنسبة إلى الطرفيْن. وأضاف سوخوف بالقول إنّ مسألة التوصل إلى اتفاق دائم في ظل الظروف الراهنة مسألة مستحيلة نظراً إلى سقف طموحات الطرفيْن العالي، وإلى عاطفية الخطاب العام ومحدودية القدرات على القيام بأي خطوة ميدانية من دون تأجيج الوضع المتصاعد أصلاً.
وخلص سوخوف إلى القول: “مع ذلك، تنطوي حقيقة المسألة على أنّه بات لموسكو وأنقرة مرجعاً جديداً يمكنهما الاستناد عليه عندما تقع الأزمة السورية المقبلة (بينهما)”.
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا