دعا النائب السابق لرئيس مجلس الوزراء غسان حاصباني، في مقابلة عبر قناة mtv، الى “الاستفادة من القدرات الموجودة لدينا لمواجهة المخاطر البيولوجية والكيماوية لفيروس كورونا”، والى “استحداث غرفة عمليات للتنسيق عوض اللجان الفضفاضة، عزل المناطق اللبنانية عن بعضها، إقفال عام وحظر تجول في أوقت معينة، تعميم آلية موحدة على البلديات واستخدام شبكة الرعاية الصحية الأولية بمراكزها التي تتخطى ال220 بهدف حصر انتشار الفيروس”.
وأسف لأنه عندما دعا وآخرون منذ أسبوعين الى وقف قدوم الطيران من الدول الموبوءة، وطالبوا بحجر صحي إلزامي للوافدين اللبنانيين من هذه الدول، “كان هناك من وضع هذه الدعوة خارج إطارها العلمي والصحي وبعدها الإنساني والوطني، وحاول إعطاءها بعدا سياسيا”، متمنيا “التعاون من أجل أخذ التدابير اللازمة للوقاية من فيروس كورونا”.
وقال: “نعم الحكومة تأخرت بإتخاذ الخطوات، وكان الأجدى ان نأخذ التدابير الوقائية بشكل سريع، ولكن الخطوة التي اتخذت اليوم جيدة. أتمنى ان يصدر مجلس الوزراء قرارا بالإقفال التام لكل المؤسسات ما عدا المؤسسات الضرورية، إضافة الى عزل بعض المناطق”.
أضاف: “في قراءة لأرقام إصابات كورونا في لبنان، يتبين أن الفيروس ينمو بشكل سريع جدا. للأسف لو تم توقيف الطيران من الدول الموبوءة وإعلان حال الطوارئ في وقت سابق، لكانت الإصابات أقل. عندما يكون هناك وباء، لا يمكننا دراسة انتشار الفيروس نسبة لتطور الدول وتقدمها. كلما أخرنا ارتفاع عدد المصابين، نساهم بتخفيف الضغط على الجهاز الطبي اللبناني”.
وردا على سؤال، اعتبر ان “هناك تأخرا في صدور قرار إقفال المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا”، مضيفا: “كان لدينا خط دفاع صحي على المعابر الحدودية للكشف الصحي وتأمين اللقاحات اللازمة لتحاشي أي وباء قد ينقله النازحون. ولكن لا لقاح ضد كورونا، من هنا كان يجب إقفال المعابر البرية والجوية باكرا”.
وردا على سؤال آخر، قال: “كوزير سابق للصحة، أرى أن القطاع الصحي في لبنان لا يحتمل ضغط الشعب اللبناني ككل. لذا منذ العام 2017، عملت كوزير صحة عامة على تأمين 150 مليون دولار من البنك الدولي والبنك الإسلامي للرعاية الصحية الأولية، بينها 30 مليون دولار مخصصة للمستشفيات الحكومية. استغرب لماذا لم تستعمل الأموال منذ العام 2019. اعتقد انه تم الاختلاف على كيفية توزيعها على المستشفيات ومن منطلقات سياسية. فهم بالأمس اعتمدوا عليها لتخصيص 36 مليون دولار لتجهيز طوارئ المستشفيات الحكومية”.
أضاف: “للتذكير حين كنا نعمل على ال150 مليون دولار، شنت علينا حرب شعواء من قبل بعضهم للعرقلة، ورغم ذلك حصلنا على قرار من مجلس الوزراء وانتزعنا الموافقة من مجلس النواب، فيما اعترض عليها بعض النواب. لم نقل يوما “عرقلونا وحاربونا”، وهذا ما يميزنا، فعلى عهدنا في أقل من سنيتن أجرينا مسحا شاملا للمستشفيات الحكومية لتحديد الأولويات وسبل توزيع الاستثمارات، وضاعفنا قدرات ووسعنا أقساما منها على سبيل المثال علاج القلب في المستشفى الحكومي في طرابلس وضهر الباشق. كما ضاعفنا قدرات مستشفى رفيق الحريري الجامعي في العناية الفائقة، وهذه الخطوة سهلت استقباله اليوم لمرضى كورونا. كذلك، ضاعفنا قدرات الطوارئ والعناية في قسم الأطفال في الكرنتينا. أعدنا إحياء مستشفيات حكومية كانت على شفير الإقفال، وعينا مجالس إدارات. لكن الجوقة نفسها التي كانت تكتب بنفس الجريدة وتطل عبر نفس وسائل الإعلام وتستخدم نفس الإعلام الإلكتروني تصر على تشويه صورتنا، ونحن رفعنا شكوى على أحد صحافييها لنشره أخبارا كاذبة”.
وتابع: “لسنا بصدد المزايدات السياسية، لكن كلما أردنا التحدث بشكل علمي وبالأرقام تتحرك هذه الجوقة. نعم نحن كنا مسؤولين وعملنا على تدارك المشاكل القائمة، أكان في وزارة الصحة أو في باقي الوزارات التي استلمتها القوات الللبنانية او في مجلس الوزراء. أجرينا تدريبات ومناورات لمواجهة المخاطر البيولوجية والكيماوية في مناطق عدة بمشاركة الجيش، القوى الأمنية، الدفاع المدني، الصليب الأحمر، فرق الإسعاف، الكشافة، المستشفيات، المدارس والمجتمع الأهلي، وحصلنا على معدات وتدريبات من منظمة الصحة العالمية ومنظمات دولية. وبالإمكان الاستفادة من ذلك اليوم”.
ووجه “تحية الى فريق عمل وزارة الصحة والفريق الطبي في مستشفى الحريري الجامعي والصليب الأحمر”، وشكرهم على جهودهم “الجبارة في هذه الظروف الاستثنائية”.
كذلك، دعا مصرف لبنان والمصارف الى “بت الآلية المرتبطة باستيراد المستلزمات الطبية، لأن الأمر ملح جدا وهو سابق لظاهرة انتشار كورونا ومرتبط بأزمة السيولة ونقص الدولار”.
من جهة أخرى اعتبر حاصباني أن “الحل البديل عن الاقتطاع من أموال الناس في المصارف، هو منحهم أسهما في مؤسسة قابضة سيادية يتم تشكيلها، وتوضع فيها أصول الدولة، وهي تتخطى 15 مليار دولار كقطاعات الكهرباء، الاتصالات، سكك الحديد، طيران الشرق الأوسط وكازينو لبنان وغيرها. هذا الحل قد يغنينا عن تدخل صندوق النقد الدولي، ولا يعني عدم ضرورة إسراع الدولة بإجراء إصلاحات. المطلوب أولا إصلاحات واضحة لا صورية، والتلهي بإقرار قوانين في مجلس النواب غير قابلة للتطبيق”.
أضاف: “لو تجاوبوا مع مطالب القوات اللبنانية الاصلاحية من سنتين او ثلاث سنوات، لما وصلنا الى ما نحن عليه اليوم”.
وتابع: “يجب ألا نفقد الأمل. هناك حل للبنان، لكنه يتوقف على ثقة الحكومة بنفسها وثقة الناس والمجتمع الدولي والمانحين بها، وآخر شيء يجب ان تتوقف عنده هو ثقة السلطة السياسية بها. يجب على الحكومة ان تبرهن استقلاليتها بعيدا عن السياسة وان تأخذ قرارات جريئة لا مواقف تعكس ارتباطها بالقوى التي عملت على تشكيلها كما جرى في مسألة وقف النقل الجوي من ايران والتردد الذي عاشته. هذا قرار تقني 100% وكان يجب عدم تسييسه”.
ورأى أن “روحية الثورة هي نفسها بين 14 آذار و17 تشرين”، مشددا على أن “14 آذار ثورة لا تموت رغم سقوط الهيكل التنظيمي لها، فروحيتها السيادية ورؤيتها التنموية الاقتصادية للبنان باقية”.
كما شدد على ان “هناك كلفة للسلاح الذي وضع لبنان في محور هجومي على الدول العربية والعالم، وكلفة للانخراط بالحروب الاقليمية تتخطى 36 مليار دولار في السنوات العشر الاخيرة، وكذلك كلفة للتعطيل الذي كان هدفه سياسيا، والفساد والنزوح السوري”. وقال: “منذ العام 2010 خسرنا في النمو الاقتصادي وأضفنا ديونا، ما يقارب 100 مليار دولار، ويتحمل مسؤولية ذلك من جعل لبنان بعداوة مع الجوار العربي ومع الخليج، وأفقد الثقة الاستثمارية وحال دون تدفق السياح”.
وختم حاصباني داعيا الحكومة الى “النظر الى هذه المشاكل وطرح حلول تقنية”، كما دعا الجميع الى “تركها تعمل باستقلالية كي تنقذ لبنان في هذه المرحلة المفصلية”.
======================ن.أ.م
زر الذهاب إلى الأعلى