تحليل السياسات

هل تغلّب التسييس على القضاء في قضية مرفأ بيروت.. وهل تمهد إزاحة المحقق العدلي لضبضبة الملف؟

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

في تطور لافت في قضية الانفجار في مرفأ بيروت، أعلنت محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار عن نقل ملف التحقيقات من يد المحقق العدلي القاضي فادي صوان الى قاض آخر في الدعوى المقدمة من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر بداعي “الارتياب المشروع” على أن يتم تعيين قاض آخر وفقاً لنص المادة 360 من أصول المحاكمات. وقد صدر القرار بموافقة القاضي الحجار والمستشارة إيفون بو لحود ومخالفة القاضي فادي العريضي.

وعلمت “القدس العربي” أن القاضي صوّان ابلغ محكمة التمييز أنه “لن يتوقّف عن ملاحقة أي مسؤول ولن يتوقّف أمام أي خط أحمر أو حصانة”، وقد استندت المحكمة إلى هذا القول كسبب أول وبنت عليه لترى “وجود ما يبرّر موضوعياً ارتياب المستدعيين بحياد تجاههما لاسيما أنهما يعتبران أن الحصانة النيابية المقررة بموجب المادة 40 من الدستور اللبناني وتلك المستمدة من المادة 79 محاماة تنطبق على وضعهما في الدعوى الراهنة. أضف إلى ذلك أن موقف المحقق العدلي يدلّ على خلفية مسبقة في مقاربة مسألة الحصانات القانونية ويثير التساؤل”. أما السبب الثاني الذي استندت إليه المحكمة فهو اعتبارها “أن منزل القاضي صوّان في الأشرفية قد تضرّر من انفجار المرفأ الكارثي مما يجعل القاضي متضرراً شخصياً ويمنعه من الحكم في الدعوى بغير ميل عاطفي ويؤدي إلى انعدام الحيادية”.

وسبق قرار محكمة التمييز إرجاء القاضي صوّان استدعاء وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس الذي كان محدداً الخميس إلى يوم الثلاثاء المقبل، بعدما أعلن فنينانوس عدم حضوره كمدّعى عليه بعد تلقّيه اتصالا هاتفيا من المباحث الجنائية المركزية. وترافق ذلك مع تسريب خبر يفيد بأن صوان أصدر مذكرة توقيف بحق فنيانوس بتهمة الإهمال والتقصير، قبل أن تنفي مصادر قضائية هذا النبأ.

وتؤشّر خطوة نقل الملف من يد القاضي صوّان الى انتصار الوزيرين خليل وزعيتر وإلى انكسار المحقق العدلي وعدم قدرة القضاء اللبناني على التحقيق بملف كبير بحجم ملف الانفجار.

وكان القاضي صوّان تعرّض لكثير من الانتقادات على خلفية قراراته الاستنسابية بتوقيف مديرين عامين في الجمارك وضباط في أمن الدولة والأمن العام وعدم توقيف آخرين وبينهم قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، على الرغم من أن السلطة الأمنية في المرفأ تعود للجيش وليس للجمارك أو للأمن العام. وكذلك على خلفية الادّعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب ووزراء سابقين واستثناء رؤساء حكومات آخرين ووزراء عدل ودفاع وأشغال شغلوا مناصبهم خلال فترة وجود مادة نيترات الأمونيوم في المرفأ. كذلك عدم اتخاذ أي قرار بشأن قضاة الأمور المستعجلة الذين أمروا بإفراغ النيترات وحجزها ما حال دون إمكان التخلّص منها وإعادة تصديرها.

واعتراضاً على إزاحة القاضي صوّان، نفّذ أهالي ضحايا المرفأ وقفة احتجاجية أمام قصر العدل في بيروت، ورفضوا سحب ملف التحقيقات من القاضي صوان وتسييس وتضييع التحقيقات عند إستدعاء أي سياسي بجرم الإهمال. واعتبر الأهالي أن الضحايا قتلوا اليوم مجدداً، وتوجّهوا إلى المسؤولين بالقول “أردتموها معركة فلتكن ونحن متجهون إلى التصعيد”.

ويبقى السؤال متى سيتم تعيين قاض جديد وهل ستسرع وزيرة العدل ماري كلود نجم في هذه الخطوة؟ ومَن سيقبل بهذه المهمة الشاقة؟ وماذا عن الموقوفين الـ 25 في الملف وهل سيبقون قيد التوقيف بعد مرور أكثر من 6 اشهر أم سييتم إخلاء سبيلهم؟ وهل ستتم ضبضبة التحقيق وطي ملف التحقيقات؟.

تجدر الإشارة إلى أن آخر ما طرأ على الملف هو الحديث عن علاقة رجال أعمال سوريين مرتبطين بالنظام السوري باستيراد نيترات الأمونيوم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى