كتب وليد حسن في موقع “المدن”
كما كان متوقعاً منذ انطلاقة العام الدراسي الحالي، الذي تأجّل أكثر من مرة بسبب عدم جهوزية المدارس الرسمية للتعليم المدمج، مُني هذا العام بفشل ذريع مثل العام الفائت، بُعيد تفشي وباء كورونا.
الدروس لم تنتظم
التحديات التي عاشها التعليم الرسمي، في ظل إفلاس الدولة، وعدم تخصيص المسؤولين أي دعم له، حالت دون تعلم الطلاب أي حرف لنحو ثلاثة أشهر في بداية العام. وعندما تجهزت المدارس للتعليم عن بعد، حالت الظروف المادية للأساتذة والطلاب دون انتظام الدروس. فقد تآكلت رواتب الأساتذة رويداً رويداً، وتُركوا لتدبير أمرهم بأنفسهم لتأمين الكهرباء والانترنت والأجهزة الالكترونية. كما بات أهالي الطلاب معدمين، ما حال دون تمكنهم من شراء أجهزة لأبنائهم. ومن لجأ إلى استخدام الهاتف لمتابعة الدروس، بات ملزماً بشراء حزم انترنت على الهاتف، في ظل الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، بعدما وصل التقنين إلى أكثر من 18 ساعة خارج بيروت. أما الاشتراك مع أصحاب المولدات، فتضاعف ثمنه ثلاث مرات.
إلى التهلكة
بموازاة الجائحة والعوز الاقتصاديين، اللذين أصابا المعلمين والطلاب، حال وباء كورونا دون تنظيم حصص حضورية رغم قلتها. لكن مع قدوم اللقاحات إلى لبنان، وعدم تخصيص القطاع التربوي ضمن الأولويات، شعر الأساتذة أنهم رُموا للتهلكة في حال العودة إلى الصفوف، بعدما رموا على قارعة الجوع، بفعل تراجع رواتبهم إلى ما دون 300 دولار شهرياً. فعم الغضب بينهم وقرروا عدم العودة إلى الصفوف، والاستمرار بالتعليم عن بعد رغم قناعتهم بعدم جدواه. وتزامنت هذه المواقف مع إضراب الأساتذة المتعاقدين في التعليم في كل المراحل، منذ أكثر من شهر، بسبب الخلاف على عدم احتساب كل ساعتهم، كما أكد أكثر من أستاذ لـ”المدن”.
روابط السلطة
منذ انطلاقة العام الدراسي، لم تتبن روابط المعلمين مطالب الأساتذة للضغط من أجل تأمين أجهزة إلكترونية، وتعويض الأساتذة بدل كهرباء وانترنت، حيال تردي الأوضاع الاقتصادية. حتى وعد وزير المالية بتخصيص الأساتذة ببطاقة تموينية ذهبت أدراج الرياح. لذا فإن تعاظم الاحتجاج بين الأساتذة، وفشل التعليم عن بعد بكل المستويات، وتصاعد مطالبهم بالعودة الآمنة من خلال تلقي اللقاح، جعل الروابط تلجأ إلى الإضراب المتأخر، الأسبوع الفائت. بينما كان بإمكانها إعلان الإضراب منذ مطلع العام الدراسي، الذي كان سيسير بشكل أفضل من الوضع الحالي، فيما لو تحققت بعض المطالب، كما يقول أساتذة لـ”المدن”.
كان من الصعب على الروابط إقناع المعلمين بالعودة إلى الصفوف في ظل تراجع قيمة رواتبهم وفي ظل عدم وضعهم ضمن أولويات وزارة الصحة لتلقي اللقاح. ففشل روابط المعلمين بسبب ارتمائها في حضن السلطة، دفعها إلى إعلان الإضراب الأسبوع الفائت، في محاولة لامتصاص غضب الأساتذة. ثم أقدم وزير التربية نفسه على تجديد الإضراب، بعدما وصل إلى حائط مسدود. فهو مدرك أنه يصعب تأمين لقاحات لنحو 75 ألف أستاذ في القطاعين العام والخاص، وبات على يقين بفشل هذا العام الدراسي. ما جعل موقفه، بإعلان الإضراب، غير جدي. ولن يكون له فعالية. بل خطوة لرفع المسؤولية عن كاهله، كما يقول القيادي في التيّار النقابي المستقل، جورج سعادة.
وزير ذر الرماد في العيون
ومثل سعادة استغرب النقابي ركان الفقيه، رئيس اللجان النقابية في التعليم الأساسي الرسمي، تصرف الوزير، معتبراً أن الإضراب “لزوم ما لا يلزم”.
وشدد على أن طارق المجذوب وزير ومسؤول. وطالما أنه غير قادر على تأمين مطالب الأساتذة، فليس عليه أن يكون وزيراً ببساطة. لأن ما أقدم عليه ليس إلا دليل عجزه وذر الرماد في العيون، ورفع المسؤولية عن نفسه. فهو جزء من تركيبة السلطة الحالية التي عليها تأمين المطالب الأساسية للمعلمين كي يستمر العام الدراسي، كما قال.
وأكد الفقيه أن روابط المعلمين عاجزة وفاشلة ولا تقدم ولا تؤخر، مثل الوزير. فهي وجه من وجوه السلطة ونوعاً من إدارات تابعة للدولة، وليست أدوات نقابية للدفاع عن حقوق الأساتذة. لذا، شدد على أن لا عودة إلى الصفوف للتعليم قبل تأمين المطالب كلها، وعلى رأسها تلقي المعلمين اللقاحات للعودة الآمنة بعدما بات وباء كورونا منشراً بشكل كبير في لبنان.
في ظل إصرار الأساتذة، حتى لو عاد الوزير عن قرار الإضراب، لن تنتظم الدروس في صفوف الشهادات الرسمية، كما كان يأمل الوزير. وحتى لو رضخت وزارة الصحة، سيصعب تأمين اللقاحات قبل شهر من اليوم. وإلى حين تلقي اللقاح وانتظار شهر لتشكيل المناعة عند الأساتذة، سيكون العام الدراسي قد انتهى. وسيفتح الباب لمنح الإفادات لجميع الطلاب.