استغلت جهات عديدة حادثة جنوح سفينة الحاويات البنمية العملاقة “إيفر غيفن”، وتعطيلها لحركة مرور السفن عبر قناة السويس، للحديث عن بدائل للممر المائي المهم بالنسبة للتجارة العالمية، كما بدأت دول في الترويج لمشروعاتها البحرية.
ونجحت السلطات المصرية في تعويم السفينة البنمية العملاقة الاثنين الماضي، بعد جهود استمرت قرابة 6 أيام، ليتنفس الاقتصاد العالمي الصعداء، ولتمضي الحاويات التجارية إلى مسارها.
وفي غضون الأزمة، روجت روسيا لطريقها “بحر الشمال” كطريق بديل لمسار قناة السويس، وعددت وزارة الطاقة الروسية أهميته بأن “لديه إمكانية هائلة لتوسيع حجم نقل البضائع من آسيا إلى أوروبا، بشكل كبير”.
ولم تفوّت إيران هي الأخرى الفرصة، ودعا سفيرها لدى موسكو، كاظم جلالي، إلى ضرورة تفعيل ممر “شمال -جنوب” بدلا عن قناة السويس.
وكتب جلالي عبر حسابه على “فيسبوك” السبت الماضي: “إن الإسراع في إكمال البنى التحتية وتفعيل ممر (شمال – جنوب) كبديل عن قناة السويس يحظى بالأهمية أكثر مما مضى، إذ أنه يختصر الزمن حتى 20 يوما، والتكاليف حتى 30 في المئة، ويعد خيارا أفضل كبديل عن قناة السويس في مجال الترانزيت”.
ونشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تقرير الخميس، بأن أزمة جنوح السفينة “إيفر غيفن” أحيت جهودا دولية لإيجاد ممر مائي بديل لقناة السويس، لعبور السفن التجارية.
وقالت الصحيفة إن مسؤولين في الأمم المتحدة يراجعون مشروعا لفتح قناة جديدة على الحدود المصرية الإسرائيلية، بعد التخلي عن فكرة طريق يمر عبر العراق وسوريا.
ورغم عدم تعليق مصر رسميا حتى الآن، على تقرير الصحيفة البريطانية، فإن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أشار في خضم الاحتفال بنجاح تحرير السفينة الجانحة، إلى هذه البدائل المطروحة، بالتأكيد على أن قناة السويس “قادرة وباقية ومنافسة”.
وأوضح السيسي أن قناة السويس ترسخت في حركة التجارة العالمية، و”الأزمة الأخيرة أعادت التأكيد على الدور الكبير والأهمية الكبيرة لواقع مستمر منذ 150 عاما”، مضيفا: “رب ضارة نافعة”.
وفي وقت سابق، شدد رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، في تصريحات لـ”سكاي نيوز عربية”، على أن قناة السويس يعبر منها نحو 12 في المئة من حجم التجارة العالمي، والحديث عن بدائل لا يقلل من أهميتها التاريخية والدائمة، ولن يستطيع أي محور منافستها بأي حال من الأحوال.
أهمية نادرة
ويرى مسؤولون وخبراء في تصريحات لـموقع”سكاي نيوز عربية”، أن الأزمة الأخيرة، وإن كانت نادرة في قناة السويس، إلا أنها لفتت أنظار العالم، ونبهت إلى حجم وأهمية قناة السويس، كأهم مجرى ملاحي في العالم.
وحول البدائل المقترحة، قال عميد كلية النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم، محي السايح، في تصريحات لـموقع “سكاي نيوز عربية”، إن الآراء التي تخرج بين الحين والآخر لتطرح حلولا بديلة لقناة السويس تحمل طابعا سياسيا أكثر ما يكون تجاريا أو اقتصاديا.
ووصف السايح قناة السويس بأنها “تمثل شريان التجارة العالمي الذي يربط تجارة الشرق والغرب”.
وبشأن مشروع “بحر الشمال” الذي تحدثت عنه روسيا، أوضح أن هذا المشروع يتحدث عنه العالم وكثير من الجهات منذ أكثر من 10 سنوات، ولكنه وإن قدر له النجاح فهو “نجاح نسبي وموسمي”.
وأرجع ذلك إلى أن ممر بحر الشمال مغطى معظم أيام العام بالثلوج، وللإبحار في الثلوج مخاطره الجمّة، ويحتاج إلى سفن ذات طبيعة خاصة وبأحجام معينة، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون منافسا قويا لقناة السويس.
وبيّن السايح: “رغم كل شيء، ستبقى قناة السويس أهم ممر ملاحي والأكثر أمانا، لأن القناة بها عوامل أمان كافية، إضافة إلى كوادر بشرية مدربة وذات خبرات عالية وتتبع المنهجية العلمية السليمة في إدارة القناة وعبور السفن بكل القواعد الخاصة بالملاحة الآمنة في الممرات الضيقة”.
واسترسل موضحا: “لا توجد بنية تحتية أو مساعدات بحرية بطريق القطب الشمالي، وسيمثل حدوث جنوح لأي سفينة، مشكلة كبيرة للغاية”.
وفيما يتعلق بممر “شمال –جنوب”، الذي تروج له إيران، أوضح قدور: “هذا الممر به جزء بحري قادم من الهند حتى ميناء بوشهر بجنوب إيران، أو أي ميناء آخر، ثم سكك حديدية وصولا لأوروبا وأسيا، وبالتالي ينتابه الكثير من الصعوبات”.
واختتم المسؤول المصري حديثه بالقول إن على “العالم كله أدرك بيقين مدى أهمية قناة السويس”.
زر الذهاب إلى الأعلى