في ظل التأخر في تشكيل حكومة في لبنان، يكثر الحديث عن اتجاه فرنسا إلى السير على خطى الولايات المتحدة الأميركية وفرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين، لا سيما بعد فشل المساعي العربية والدولية في الوصول إلى تشكيل الحكومة.
ويشير مصدر دبلوماسي أوروبي إلى أن المبادرة الفرنسية حظيت بإجماع أوروبي وأميركي وعربي وتأييد روسي، و”على الرغم من ذلك، لم تُنفّذ”. ويتّهم المصدر المعرقلين بأنهم “يتفرجون على انهيار بلدهم من دون أن يرفّ لهم جفن”، مؤكداً “ضرورة محاسبة هؤلاء الذين يرهنون مستقبل شعب بأكمله”.
ويلفت المصدر إلى وجود تنسيق أوروبي- أميركي في شأن لبنان، مؤكداً أن الملف اللبناني سيكون حاضراً خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن إلى بروكسل، وسيواكب التحضيرات لانعقاد مجلس وزراء الخارجية الأوروبي، إذ تُطرح إمكانية إدراج عقوبات على سياسيين لبنانيين.
ويوضح أنه في نهاية العام الماضي، أنشأ الاتحاد الأوروبي آلية لتطبيق عقوبات جديدة في دول مختلفة تطاول أفراداً محددين متورطين بالفساد ويملك القضاء في بلدهم أدلة تُثبت ذلك، مضيفاً أن تلك الآلية قد تكون مختلفة عن المعتمدة لدى الولايات المتحدة الأميركية وترتكز على تشريعات خاصة، في حين أن الاتحاد الأوروبي يضع في سلّم أولوياته معاقبة منتهكي قوانين حقوق الإنسان.
إجماع أوروبي
ونقلت وكالة “رويترز” عن دبلوماسيين قولهم إن فرنسا والاتحاد الأوروبي يعملان على إعداد مقترحات قد تسفر عن تجميد أصول وفرض حظر سفر على ساسة لبنانيين لدفعهم إلى الاتفاق على حكومة لإنقاذ البلاد من انهيار اقتصادي. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لنواب برلمان الاتحاد أنه “يجري إعداد مقترحات ملموسة ضد الأشخاص الذين تخلّوا عن المصلحة العامة من أجل مصالحهم الشخصية”.
إلا أن الصحافي في جريدة “لو فيغارو” الفرنسية جورج مالبرونو، شكّك في مقابلة تلفزيونية في إمكانية نجاح الأوروبيين في فرض تلك العقوبات كونها تتطلب إجماعاً بين الدول الأوروبية الـ 27، كاشفاً عن أن “العقوبات جدية ولكن بحاجة إلى تصويت، ويعني ذلك أننا بحاجة إلى وسائل للقدرة على تطبيقها و(الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون لوّح باستخدام العقوبات ولكن ليست لديه الوسائل لفرضها”، علماً أن مالبرونو نفسه كان قد سرّب معلومات في سبتمبر (أيلول) الماضي عن سلسلة عقوبات يحضّرها الرئيس الفرنسي في حال فشلت المبادرة التي أطلقها في زيارته إلى لبنان. وأشار مالبرونو حينها إلى أن العقوبات ستطاول مسؤولين سياسيين من الصف الأول. وكتب في مقالة أن “الرئيس ماكرون بدأ العمل مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على خطة للعقوبات مع وجود لوائح اسمية جاهزة”.
على طريق بوروندي
لا يستبعد رئيس مؤسسة “جوستيسيا” الحقوقية المحامي بول مرقص أن “يطبّق الاتحاد الأوروبي سلسة عقوبات على أفراد أو كيانات لبنانية في سياق تنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي بهدف تعزيز السياسة الخارجية والأمنية المشتركة، كدعم الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والدفاع عن مبادئ القانون الدولي”. ويشير إلى أن “الاتحاد الأوروبي يعمل على توجيه عقوباته بعناية وتصميم بطريقة تتناسب مع الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها. فهي تستهدف المسؤولين عن السياسات أو الإجراءات التي يريد الاتحاد الأوروبي التأثير فيها”.