أخبار محلية

الأرقام التسلسلية تكشف “الصحناوي” والـ “قنبلة” باتت بيد غادة عون

في بداية الشهر المنصرم، عُقد في قصر بعبدا اجتماع اقتصادي، مالي، أمني وقضائي، ترأسه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب وعدد من الوزراء وقادة الأجهزة الأمنية ومدعي عام التمييز وحاكم “مصرف لبنان” وعدد من المسؤولين في القطاعين المصرفي والصيرفي.

 ووفق المعلومات فإن رئيس الجمهورية طرح معطيات تتعلق بأسباب الارتفاع السريع بسعر صرف الدولار والذي كان يقارب حينها الـ 10 الاف ليرة، وتوجه للحاكم بسؤاله بناء عن تقارير امنية حول قيام عدد من المصارف أبرزها “سوسيتي جنيرال” بشراء الدولارات من السوق السوداء بأسعار قياسية لتأمين ما نسبته 3 بالمئة من نسبة الأموال لدى البنوك المراسلة تنفيذاً لتعاميم المصرف المركزي.
وتفيد المعلومات ان سلامة اوضح للرئيس بأنه شدد على المصارف بأن تؤمن سيولتها المطلوبة من استثماراتها الخارجية الامر الذي له فائدة كبيرة على الاقتصاد، مؤكداً ان لا معلومات لديه عن قيام تلك المصارف بشراء الدولارات من السوق اللبناني، وطالب الأجهزة الأمنية بكشف أي مصرف يتسبب بضرب الاستقرار النقدي في لبنان، وأضاف “هناك دعاوى قضائية رفعت على مصرف السوسيتيه لكنها لم تصل الى نتيجة”، فأجاب الرئيس “هناك من جمد الملف ولكني سأتابعه”.
وكان النائب العام المالي علي إبراهيم ادعى على مصرف “سوسيتيه جنرال”، ممثلاً برئيس مجلس إدارته أنطون صحناوي، بجرم مخالفة قانون الصيرفة والمسّ بهيبة الدولة المالية بموجب المواد ٢٩٧ و٣١٩ و٧٧٠ من قانون العقوبات اللبناني. كما ادعى على المدير العام المساعد في المصرف جورج صغبيني بموجب المواد نفسها وأحال الملف على قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل أبو سمرا.
 
شبكة معقدة.. شركات وصرافين
 
وتضيف المعلومات انه بعد أيام من الاجتماع ولاسيما بعد استمرار الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار والذي تجاوز حينها عتبة الـ 15 ألف ليرة، تلقى الرئيس عون تقارير إضافية مثبتة بالأرقام عن حجم المضاربة في السوق نتيجة قيام تلك المصارف بشراء الدولارات من السوق السوداء عبر شبكة معقدة من الصرافين لإخفاء الجهة المستفيدة، مشيرة الى ان كل عملية كانت تتم عبر ثلاثة صرافين على الأقل وشركات خاصة قبل ان تدخل في حسابات تلك المصارف، وان تعقبات خبراء امنيين كشفت تلك العمليات المموهة، إضافة الى اعترافات عدد من الصرافين الذين تم توقيفهم.
وتشيرمصادر مواكبة للتحقيقات التي تجريهاالمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، ان الرئيس طلب منها الاطلاع على تلك المعلومات ومتابعتها، وبالفعل تقاطعت هذه المعلومات التي كانت قد توصلت اليها في تحقيقات واعترافات سابقة في ملف “سوسيتي جنرال” الذي تم حفظه في وقت سابق وقيل ان تدخلات عالية المستوى أدت الى ذلك، إضافة الى ان القاضي المكلف هو صهر النائب جان طالوزيان المحسوب على الصحناوي.
وفي تحقيقات قامت بها مفرزة الضاحية القضائية، تبيّن أنّ هناك أموالاً جمعها صرافون لمصلحة مصرف “سوسييتيه جنرال”، وقام بتحويلها عبر شركة “مكتّف ش.م.ل” إلى الخارج، الامر الذي تسبب في شحّ العملة الأجنبية لدى الملف، وكلّفت لجنة مراقبة مالية بالكشف على التحويلات في فترة ما قبل تشرين الأول 2019 وبعده، وبناء عليه حضرت لجنة الخبراء إلى مكاتب شركة مكتّف.
 
من بيروت الى الخليج
وتضيف المصادر، الى ان التحقيقات توصلت الى شركات لها فروع في احدى الدول الخليجية اشترت عبر شبكة صرافين مبالغ ضخمة من الدولار في السوق السوداء، وان رجل اعمال في بيروت ينسق مع مصارف في تلك الدولة لإعادة تحويل تلك الأموال الى لبنان ولصالح عدد من المصارف، مشيراً الى ان الاشتباه بشركة “مكتف” مرتبط بشحن تلك الأموال الى الدولة الخليجية المذكورة.
وتوضح المصادر ان إصرار القاضية عون على جلسة الخبرة في الشركة مرتبط بمعرفة حجم تلك الأموال ومقارنتها بالأموال المسحوبة من السوق المحلي، إضافة الى تعقب الأرقام التسلسلية لتلك الأموال والتي بحسب بعض التحقيقات الأولية تشير الى تطابقها مع أموال سحبت من بعض الصرافين المحليين، وان تلك الأرقام تشير ان جزء كبير من تلك الأموال كان بالأساس خرج من بعض المصارف بهدف المضاربة على النقد.
 
الداتا السرية
وتؤكد المصادر ان هدف القاضية عون من التحقيق المباشر داخل الشركة هو الحصول على معلومات دقيقة بعد ان ابلغ الخبير المرسل من قبل عون عدم تعاون المسؤولين في الشركة بالمعلومات المطلوبة ولاسيما المتعلقة بداتا الأموال التي تم شحنها من والى لبنان خلال المرحلة الأخيرة، الامر الذي دفع عون للحضور شخصياً والسعي للحصول عليها.
وأضافت بأن الهدف من العودة في اليوم التالي هو استكمال الحصول على ما تبقى من معلومات ومعطيات تمكنها من كشفها امام أي جهة قضائية او سياسية تتهمها بالافتراء، معتبرة ان عون تعتبر “أموال الناس امانة في عنقها” ولن تفرط بها، وأنها ستفجر تلك المعطيات عند اكتمال الملف في الوقت المناسب وقد يكون ذلك امام مجلس القضاء الأعلى.
 
عودة للمحاكمة
وفي السياق يتوقع ان تبتّ محكمة الاستئناف المدنية في جبل لبنان برئاسة القاضية ريما شبارو خلال الأيام القليلة المقبلة بطلب الردّ المقدّم من كلّ من المصرفي أنطون الصحناوي والموظف في “السوسيتي جنرال” كريم الخوري على خلفية قضايا التلاعب بالعملة الوطنية في السوق المحلية، بوكالة المحامي ألان بو ضاهر بعد استكمال التبليغات.
وتشير مصادر صحفية الى أن عدداً من الدعاوى القضائية ستُقدّم لكسر قرار إبطال كف يد القاضية عون عن القضية، واعتبار القرار اعتداءً على السلطة التأديبية في القضاء وعلى السلطة التنفيذية في الدولة لأنه يأتي بصيغة عقوبة مقنّعة ولتنفيذ تشكيلات قضائية بقوة الأمر الواقع، رَفَض رئيس الجمهورية التوقيع عليها.
 
حتى النهاية
وتؤكد المعلومات ان رئيس الجمهورية ميشال عون لن يتراجع عن السير في هذا الملف حتى النهاية، كونه يعتبر ان التلاعب بالنقد الوطني خط احمر، وان مسؤولية انهيار الامن الاجتماعي وتآكل قيمة الرواتب لدى المواطنين هي نتيجة المضاربة التي قامت بها بعض الجهات المشبوهة.
مشددة على ان الضغوطات التي تواجه القاضية غادة عون هي نتيجة تكتل “كارتيل” الفساد، الذي يريد اقصائها بأي طريقة لمنعها من كشف اكبر عملية تآمر على المواطنين والاقتصاد الوطني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى