
عقد الحزب الديمقراطي اللبناني مؤتمره العام الخامس بعنوان “مؤتمر الشهيدين رامي سلمان وسامر أبي فرّاج” في فندق ومنتجع “La Siesta – خلدة”، بحضور رئيس الحزب طلال أرسلان ونجله مجيد أرسلان، وزير المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين، الوزيرين السابقين البروفيسور رمزي المشرفية وصالح الغريب، أعضاء المجلس السياسي، والهيئة التنفيذية، والمنتدى النسائي اللبناني، ومنتدى الشباب الديمقراطي اللبناني، وجمعية الكشاف الديمقراطي، ورؤساء الدوائر الحزبية، وأعضاء هيئات الدوائر ورؤساء الوحدات الحزبية، وضيوف المؤتمر عائلتي الشهيدين رامي سلمان وسامر أبي فرّاج ورؤساء الدوائر الحزبية السابقين.
بعد النشيدين الوطني اللبناني ونشيد الحزب، إفتتح عضو المجلس السياسي ومدير الداخلية لواء جابر أعمال المؤتمر، ثمّ تلا عضو المجلس السياسي د. نزار زاكي التعديلات على النظام الداخلي للحزب حيث جرى التصويت عليها وإقرارها
بركات
ثم ألقى الأمين العام للحزب وليد بركات كلمةً أكد خلالها أنه “مرّ على الحزب تحديات ومحطات صعبة وإستطعنا مواجهتها بحكمة وصوابية رئيس الحزب، وعملنا على متابعة شؤون الوحدات الحزبية والدوائر وكان لنا أكثر من حفل قسم يمين رغم ما شهدناه من أحداث سواء ثورة 17 تشرين وما نتج عنها أو فيروس كورونا الذي شلّ البلد، ورغم ذلك إنتسب للحزب رفاق جدد في مختلف الدوائر”.
بعدها، أعلن جابر فوز طلال ارسلان بالتزكية برئاسة الحزب، واعضاء المجلس السياسي المنتخبين بالتزكية وهم “علمان الجردي، نسيب الجوهري، وليد بركات، نزار زاكي، وسام شروف، ياسر القنطار”
وبحسب النظام الداخلي للحزب، يعتبر الوزراء الحاليين والسابقين اعضاء في المجلس السياسي وهم: عصام شرف الدين، رمزي المشرفية، صالح الغريب ومروان خير الدين
ثمّ وقع أرسلان بعد المؤتمر تعيين كلاً من الدكتور فيصل مصلح بإعتباره عميداً للمعهد الحزبي كما ينص النظام الداخلي للحزب، ولواء جابر عضوان في المجلس السياسي.
أرسلان
بدوره ألقى أرسلان كلمة قال فيها: ”
إنّ لبنان اليوم على مفصلٍ تاريخيّ سيحدّد وجهتَه في المقبل من السنوات. في ظلّ تصريف الأعمال الحكوميّ المستمرّ منذ أشهر، وقبل فراغٍ رئاسي نخشى حصولَه، وأمام شللٍ في معظم الإدارات والمؤسّسات، نبقى متمسّكين، أكثر من أيّ وقتٍ مضى، بما نكرّره منذ سنوات بأنّنا أمام أزمة نظام نخشى أنّنا لن نخرجَ منها، ولو شكّلنا حكومةً أو انتخبنا رئيساً.
الأزمة أعمق، ولا تنفع معها تسويات ظرفيّة. بل الحاجة ملحّة الى مؤتمرٍ وطنيٍّ عام نتعلّم فيه من تجربة ما بعد الطائف، الذي لم يُنفّذ كما يجب وبدا أنّه غير قابل للتنفيذ من دون رعاية خارجيّة.
الحاجة ملحّة للإجابة، بشكلٍ موحّد، على سؤال: أيّ لبنان نريد؟ فهذا الـ “لبنان” قد تصدّع لأنّ كلّ فريقٍ يشدّ به نحو وجهةٍ مختلفة، ونخشى، إن تأخرنا في معالجة أزمة النظام، أن يصبح الوطنُ غير قابلٍ للالتحامِ من جديد.
اللهم إنّي بلّغت، ليس اليوم فقط بل منذ سنوات، وكل هذا بهدف الوصول إلى الدولة المدنية العادلة وتحقيق المواطنة الحقيقية.
أيّها الأحبّاء،
نحن نفتخر بانتمائنا الطائفي والوطني، ونفتخر بعلاقاتنا العربيّة وخصوصاً مع سوريا الجارة والشقيقة، ونفتخر بتاريخنا، ولكنّنا كنّا وسنبقى نضعُ مصلحةَ الوطن في سلّم أولويّاتنا، فلا استخدمنا الطائفة للتقسيم ولا للمشاركة في الفساد وتغطيته باسمها، ولا لجأنا الى سوريا لنستقوي بها في الداخل، ولا مسحنا يوماً دماً على أيدينا.
نحن منفتحون على الحوار، وعلى الجلوس مع الجميع، فهذا وطنٌ للجميع ولا يمكن لأحدٍ فيه أن يلغي أحداً.
فلنذهب من دون عراقيل دستورية وغير دستورية الى انتخاب الرئيس الذي يحظى بالعدد الأكبر من الأصوات، وكما تقبّلنا نحن نتائجَ الانتخابات النيابيّة وقمنا بقراءتها وتقييمها، كذلك على الجميع أن يفعل في الاستحقاقات كلّها.
لا يجوز، بعد اليوم، أن يصبح الفراغ عادةً وتصريف الأعمال نهجاً. هذا البلد يحتاج الى إصلاحاتٍ كبيرة، لا في القوانين كما يحصل، بل في التطبيق من قبل الحكومات التي نعلن اليوم، بصراحةٍ تامّة، بأنّها لم تكن كلّها، حتى تلك التي شاركنا فيها، على قدر الآمال المرجوّة منها، فسقطت في وحول الفساد والهدر والنكايات والزبائنيّة…
فلنذهب الى حكوماتٍ منتجة، تلتزم ببرامج، تقدّم كشف حساب أمام الرأي العام، تُسأل وتجيب، تنجز ولا تمنّن، تعمل للجميع لا لحزبٍ ولا لطائفة ولا لزعيم.
ولنستفد من لحظة الاهتمام الخارجي بلبنان أو بالأحرى بثروته النفطية، بسبب ملف الترسيم وغيره، وندشّن مرحلةً جديدة وطويلة من الاستقرار والنهوض، عبر تعديلاتٍ دستوريّة لا تستهدف أيَّ طائفة بل يكون هدفها إصلاحَ النظام السياسي.
وممّا لا شكّ فيه أنّ الاقتصاد متلازم مع السياسة، يتأثّر بها ويخضع لتقلّباتها. وقد سبق أن حذّرنا أيضاً، منذ سنواتٍ طويلة، من السياسة الماليّة المتبعة من الحكومات المتعاقبة، والقائمة على الاقتصاد الريعي وعلى الاستدانة ودعم قطاعات على حساب أخرى، فوصلنا الى ما وصلنا اليه من انهيارٍ مالي وانكماشٍ اقتصادي.
ولا بدّ هنا من تحديد المسؤوليّات، وهي تتوزّع على جهاتٍ عدّة هي الدولة، ثمّ الدولة وهنا نعني بها الفاسدون من السياسيين وغير السياسيين، وبعدها مصرف لبنان والمصارف.
وبعد تحديد المسؤوليّات، لا بدّ من وضع خطّة نهوض تشمل اعادة هيكلة القطاع المصرفي والتمسّك بالودائع، من صغيرها الى كبيرها، فهذه حقّ لأصحابها ولا يجوز المساسُ بها، إلا ما نتج عن فسادٍ مُثبت.
إنّ الأزمة الحاليّة أكدت الحاجة الى دعم الصناعة والزراعة، وتعزيز اقتصاد المعرفة الذي بإمكانِ لبنان أنّ يتفوّق فيه بفضل طاقات شبابه الذين يبرع منهم كثيرون في شركاتٍ عالميّة.
كما نؤمن بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، بعد أن ثبُتَ أنّ الدولةَ ربُّ عملٍ فاشل. ونؤمن، خصوصاً، بإعادة النظر في وضع القطاع العام، فلا يُحمَّل من الموظفين أكثر ممّا يحتمل، ليُعزّزَ بعدَها واقعُ الموظفين وينصفون ماليّاً.
لقد ولّى زمنُ “منقبض وما منشتغل”، وولّى زمنُ “مرّقلي لمرّقلك”، وولّى زمنُ “خود حصتك وعطيني حصتي”، فنحن أمام بلدٍ ينازع وإداراتٍ مهترئة واقتصادٍ لا حول له ولا قوّة وعملة لا قيمةَ لها.
ولكن، بعد ما سبق كلّه، ندرك جيّداً أن لا سبيلَ لأيّ إصلاحٍ إن لم يبدأ من القضاء. فلتُرفع أيدي السياسيّين ورؤساء الطوائف وأصحاب الثروات عن القضاء. حرّروا القضاة لتحرّروا الوطن.
أعطوا القضاة حقوقهم وطالبوهم بأن يحكموا بالحقّ. أيّ عدلٍ ننتظر من قاضٍ يعيّنه سياسيّ؟ وأيّ عدلٍ ننتظره من قاضٍ غير محصّن ماليّاً وأخلاقيّاً؟
وكما أنّ العدلَ أساسُ الملك، فإنّ القضاءَ أساسُ الإصلاح. وإقرار قانون استقلالية القضاء أكثر من ضرورة.
لقد أرخت الأزمةُ الحاليّة بثقلِها على قطاعاتٍ عدّة كانت تشكّل ميزةَ لبنان، من المستشفى الى المدرسة والجامعة. ولا يمكن تركَ هذه القطاعات تعاني، بل يجب إيلاؤها الاهتمامَ المطلوب كي لا يفقد اللبناني ثقته بها كما فقد ثقته بالمؤسسات الرسميّة، خصوصاً في ظلّ نزيف هجرة الأطبّاء.
ولا يمكننا هنا إلا أن نؤكد ضرورة وضع خطّة مدروسة لتحديد مسار ومصير المدرسة الرسميّة والجامعة اللبنانيّة، على يد متخصّصين كفوئين، بعيداً عن السياسة والطائفيّة وحساباتهما.
كما لا يجب أن تُترك فئة كبيرة من اللبنانيّين من دون استشفاء وضمانٍ اجتماعي، وهذه مسؤوليّة الدولة ويجب أن تشكّل جزءاً من أيّ خطّةٍ للتعافي والنهوض.
كما أنّ الأزمةَ كانت قاسية جدّاً على المؤسسات الأمنيّة، من ضبّاط ورتباء وعسكريّين… تراجعت قيمة رواتبهم وتعويضاتهم بشكلٍ كبير، فضاقت بكثيرين سبلُ العيش، وهو أمرٌ شديد الخطورة ويهدّد، اذا ما استمرّ واستفحل، الأمنَ المجتمعي.
ونودّ هنا الإشادة بكيفيّة تعاطي رؤساء هذه المؤسسات العسكريّة والأمنيّة مع الأزمة، والحدّ، قدر الإمكان، من تأثيراتها.
لذلك، نجد أنّ الأولويّة في هذه المرحلة هي لتخصيص المساعدات التي تتلقّاها هذه المؤسسات للأفراد أكثر من التسليح، لأنّ الفرد يبقى عصبَ المؤسّسة ومن الواجبِ النظر الى وضعه، مهما كانت رتبتُه.
ولا يمكن، في ظلّ هذا العرض للواقع الذي نعيشه، اقتصاديّاً وماليّاً واجتماعيّاً، أن نغفل عن العبء الإضافي الذي يسبّبه ملف النازحين السوريّين، وقد سعينا، مع الوزراء الذين تعاقبوا على هذا الملف، صالح الغريب، رمزي المشرفيّة وعصام شرف الدين، الى وضع خطّة والعمل على تطبيقها وتواصلنا مع المسؤولين المعنيّين في الدولة السوريّة ولقينا تجاوباً، ولكن، وأقولها بصراحة، عانينا من سوء إدارة المتعاقبين على رئاسة الحكومة في لبنان لهذا الملف، ومعهم بعض الأفرقاء المعروفين، فكان يعاد الى الرفّ كلّما حرّكناه، ويواجَه بالعرقلة كلّما خطونا به الى الأمام.
إنّ هذا الملف يحتاج الى معالجة سريعة، وحكيمة، وعلميّة وموضوعيّة. والأهم أنّه يحتاج الى معالجة وطنيّة بدل التمترس وراء المحاور، علماً أنّ سلوكَ البعض يشبه، سياسيّاً، الذاهبين الى الحجّ بينما الناس في طريق العودة.
فلنذهب الى عودة آمنة، ننسّقها بين لبنان وسوريا، بين الدولتين والحكومتين، بعيداً عن استغلال جهاتٍ خارجيّة، من دولٍ ومنظمات لها حساباتها وغاياتها، وكما كنّا منذ البداية نبقى على استعدادٍ دائم للتنسيق مع الدولة السورية ومع المعنيين كافة لحلّ هذا الملف.