لم يتفاجأ العميد شامل روكز بطرح رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، وهو الذي تربطه به علاقة جيدة، ولكنه يعتبر نفسه خارج الإصطفافات السياسية الحالية، “التي لا تشبهه في شيء”، وهو لا يزال يعتقد أن في إمكان اللبنانيين التوافق على رئيس تسوية متى نضجت الظروف الإقليمية لذلك. لماذا إذاً طرح الجميل إسم روكز من بين خيارات عدّة، ولماذا جاء هذا الطرح في هذا الوقت بالذات؟ المطلعون على مواقف رئيس الكتائب منذ اللحظة الأولى لإعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح رئيس تيار”المردة” النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وما تلى ذلك من إعلان رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع تبني ترشيح رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون، يلاحظون أن الجميل لا يزال على موقفه الرافض لكلا الترشيحين، وهو يرى أن لا إمكانية لوصول أي منهما إلى قصر بعبدا، وهما المنتميان إلى خط ّغير الخطّ السياسي، الذي على اساسه يمكن أن يسير بترشيح أيً منهما. ويقول هؤلاء أنه لو “بدّا تشتي كانت غيمّت”، في إشارة إلى أن العقدة الرئاسية لا تزال في مربعها الأول، أي أن كلاً من العماد عون والنائب فرنجية غير قادرين على تأمين إنعقاد جلسة إنتخابية يتوافر فيها نصاب الثلثين، وهما بالتالي أصبحا اسيري هذين الترشيحين، إذ ليس في وارد أي منهما التنازل للآخر، باعتبار أن سليمان بيك المتحصن بدعم من تيار “المستقبل” وبعدد من النواب المستقليين، وبموقف غير علني من قبل الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، غير مستعد للتنازل عمن يعتبر نفسه الأكثر تمثيلاً في البيئة المسيحية، ومدعوماً من “القوات اللبنانية”، وهو الذي لا يزال يراهن على متغييرات إقليمية، ولو بعد حين، تصّب في مصلحة وصوله إلى الكرسي الرئاسي. ولأن الأمور الرئاسية وصلت إلى نقطة اللاعودة كان طرح الجميل، وهو يعرف تمام المعرفة ما يرمزإليه إسم العميد شامل روكز لدى أكثرية اللبنانيين في كلا الطرفين، وقد ارتبط اسمه بنظافة الكفّ وعدم قبوله في الدخول في اي “بازار” تسووي على حساب مصلحة الوطن، في زمن كثرت فيه روائح الفضائح والصفقات والسمسرات. أما الذين يعرفون العميد روكز والطريقة التي يقارب فيها الأمور فيعتقدون أن الرجل لا يسكر على زبيبة، وهو الذي يعرف تماماً واقع البلد وما فيه من تسويات، استناداً إلى ما خبره طوال 36 سنة من حياته العسكرية، وبالأخص في الفترة الأخيرة حيث كان مطروحاً لتولي قيادة الجيش، وما تخلل هذه المرحلة من مساومات حالت دون وصوله إلى هذه القيادة