Uncategorized

هل تكون السعوديّة الوُجهة المُقبلة للبابا؟

كتب د. فادي الأحمر في “أساس ميديا”:
يوم الأحد الفائت أنهى قداسة البابا فرنسيس الثاني زيارته للبحرين. قضى فيها أربعة أيّام. ألقى فيها عدّة خطابات حملت الكثير من المعاني والرسائل المرفقة بالمحبّة والسلام. وصف ملك البحرين الزيارة بـ “التاريخيّة”. وهي كذلك. لدى البعض رأي مخالف. لا عجب. فالعديد من الأحداث التاريخيّة لا تبدو كذلك إلاّ بعد مضيّ سنوات وعقود عليها. ربّما هي حال زيارات البابا لـ”بلاد الإسلام” (أعني بها الدول ذات الغالبيّة المسلمة)، وزيارة البحرين هي العاشرة لدولة إسلامية، والسابعة لدولة عربيّة (بعد الأردن وفلسطين والمغرب ومصر والإمارات والعراق). كلّها زيارات تؤسّس لواقع جديد في العلاقات بين الإسلام والمسيحيّة وبين الشرق والغرب، بعد مرحلة الصراع والتطرّف والإرهاب.
لكلّ بابا ميزة تطبع حبريّته. التجديد الكنسيّ من خلال المجمع الفاتيكاني الثاني طبع حبريّة البابا يوحنا الثالث والعشرين. وعُرف البابا بولس السادس ببابا الحداثة. وطبع سقوط الاتحاد السوفياتي والزيارات الرعوية لمختلف بلدان العالم حبريّة البابا القدّيس يوحنا بولس الثاني. وما يطبع حبريّة البابا الحالي تطوُّر الحوار واللقاء مع الإسلام، إضافة إلى اهتمامه بـ”الإنسان الفقير”. ونشدّد على كلمة “تطوّر” لأنّ الحوار بين الديانتين لم يبدأ مع البابا الحالي. فهو قديم. وهناك العديد من المؤسّسات ومراكز الدراسات وحتى المعاهد التي أُنشئت لهذا الغرض.
في العقود الماضية طغى الصراع على العلاقة بين الشرق والغرب، وترافق مع تطرّف دينيّ حمل مشاريع سياسيّة وأعمالاً عسكريّة إرهابيّة. برز هذا التطرّف في العالم العربي، أو انطلاقاً منه، وأدّى إلى الكلام عن “الإسلاموفوبيا” في الغرب “المسيحيّ”. وأنا أضيف إليه “العربوفوبيا” من خلال تجربتي، أنا اللبناني – العربيّ، وحياتي في الغرب (ولو أنّ العديد من أبناء ديني وطائفتي يرفضون هذا الانتماء). فقد تزامنت بداية إقامتي في فرنسا مع هجوم 11 أيلول 2001 الذي خطّط له أسامة بن لادن، السعوديّ الأصل، وشارك في تنفيذه 11 سعوديّاً (من أصل 18 نفّذوه). وقد عايشت تطوّر “الإسلاموفوبيا” و”العربوفوبيا” في أوروبا. فكانت عامّة الناس تعتبر أنّ كلّ عربيّ هو مسلم، وكلّ مسلم هو متطرّف، وكلّ متطرّف إرهابيّ أو مشروع إرهابيّ. وأذكر ذات مرّة سألني أحد المدرّسين في مدرسة كاثوليكيّة (وكنت الكاهن فيها): “كيف يمكن أن تكون عربيّاً ومسيحيّاً؟! وهل في العالم العربيّ مسيحيون؟!”. سؤال أثار دهشتي لسببين: الأول هو جهل أحفاد نابليون للعالم العربيّ، وعدم معرفة أحفاد إرنست رونان لتركيبة لبنان الطائفيّة! والسبب الثاني أنّ الفرنسي بدأ يسأل عن الانتماء الدينيّ! وكنت قد نبّهني أحد أصدقائي اللبنانيين إلى عدم طرح ثلاثة أسئلة على فرنسيّ: ما قيمة راتبه؟ لمن يصوّت؟ ومن يعبُد؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى