أطلقت جهات صحية ومختصون في الدولة تحذيرات من خطر إساءة استعمال المضادات الحيوية والإفراط في تناولها، مؤكدين أنها تُعد المحرك الأول لظهور الأمراض المقاومة للأدوية.
كما دعوا إلى التوعية بالاستخدام السليم للمضادات الحيوية، لتجنب ظهور وانتشار الالتهابات المقاومة للأدوية. وقالوا إن الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية يحدّ من قدرة المستشفيات على علاج حالات الإصابة بالعدوى.
ويعزز الإفراط في استخدام المضادات الحيوية، خصوصاً حين لا يكون هناك داعٍ لذلك، مقاومة البكتيريا.
وتظهر بيانات صحية عالمية أنه يقرب من ثلث إلى نصف استخدامات المضادات الحيوية «غير ضرورية» أو «ليست مناسبة».
وتفصيلاً، يثير ارتفاع نسبة العدوى المقاومة للأدوية قلقاً كبيراً في الأوساط الطبية، خشية أن تؤدي إلى الحدّ من قدرة المستشفيات على علاج حالات العدوى في المستقبل، وهذا ما يجعل علاج الأمراض البسيطة معقداً، ويزيد من المخاطر المتعلقة بالجراحة.
وأكد مركز أبوظبي للصحة العامة، أن المضادات الحيوية ليست دائماً هي الحل عندما يكون الشخص مريضاً، ومن المهم استخدامها فقط عند الحاجة ووفقاً لتوصية الطبيب.
كما أنها لا تساعد على الشعور بالتحسن بشكل أسرع في الالتهابات الفيروسية، مثل نزلات البرد أو الإنفلونزا.
وحذّر من أن مقاومة مضادات الميكروبات تظهر عندما تطرأ تغييرات على البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات بمرور الزمن، فتصبح أقل استجابةً للأدوية، ممّا يصعّب علاج الالتهابات ويزيد خطورة انتشار الأمراض وحدة المرض والوفيات.
ودعا تطبيق «الحصن» إلى الحفاظ على فعالية المضادات الحيوية من خلال استخدامها بمسؤولية، عبر المساعدة في وقف ظهور وانتشار مزيد من الالتهابات المقاومة للأدوية، مشيراً إلى أن «المضادات الحيوية لا تعالج العدوى الناتجة عن الالتهابات الفيروسية، لذا من الضروري تجنب تناولها من دون وصفة طبية، خصوصاً أن سوء استخدامها قد يؤدي إلى تلف الكبد».
وشدد على ضرورة اتباع تعليمات الطبيب في ما يتعلق بالأوقات المناسبة لتناول الأدوية يومياً.
من جانبه، حدد مستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، أربعة اعتقادات خاطئة مرتبطة بالمضادات الحيوية، تشمل الاعتقاد بأنها تفيد جميع أنواع العدوى، وأنه ليس هناك أي ضرر من تناولها دون وصفة طبية، وأنها قابلة للتبادل، إضافة إلى إمكان استخدام المتبقي منها في وقت لاحق.
وأوضح المستشفى أن «المضادات الحيوية هي أدوية مخصصة لحالة معينة، يجب تناولها بموجب وصفة الطبيب، واستخدامها حسب التعليمات المذكورة فيها، لأن المضادات الحيوية مصممة لمحاربة العدوى البكتيرية فقط، وهي لا تؤثر في العدوى الفيروسية، مما يعني أنها ليست فعالة في علاج أعراض الإنفلونزا أو الزكام»
وحذر من الأضرار المترتبة على استمرار بعض الناس في استخدامها دون وصفة طبية، ومن الإفراط في استخدامها، مؤكداً أنها تعرضهم لمضاعفات صحية.
من جهتها، أطلقت مدينة الشيخ شخبوط الطبية، أول تطبيق في منطقة الشرق الأوسط لإدارة أدوية المضادات الحيوية، بهدف تعزيز الاستخدام المناسب لها، وتقليل مضاعفات مقاومة الجسم لها، وتسليط الضوء على مخاطر سوء الإدارة والإفراط في وصفها، مشيرة إلى أن «مقاومة الجسم للأدوية المضادة للميكروبات واحد من أكبر تحديات الصحة العامة في الوقت الراهن، ما يجعل الاستخدام الدقيق لها أمراً مهماً، ويتطلب تثقيف المجتمع والأطباء على حد سواء باتباع نهج قائم على الأدلة لوصف المضادات الحيوية كعلاج».
وشرحت أن «التطبيق يقدم الإرشادات بطريقة سهلة للمستخدم، كما أنه يتيح للأطباء الوصول السريع إلى أفضل المعلومات المحدثة حول الإرشادات الخاصة بإدارة مضادات الميكروبات، ليتمكنوا من دعم قراراتهم وتحقيق الهدف الأسمى، وهو تحسين نتائج العلاج للمرضى».
كما حذّرت من أن «مقاومة الجسم للمضادات الحيوية تُعد سبباً في تحول بعض الأمراض، التي يمكن علاجها بسهولة، إلى حالات أكثر تعقيداً، لذا يسعى فريق الأمراض المعدية في مدينة الشيخ شخبوط الطبية إلى تعزيز التزامهم بالإشراف على عملية صرف أدوية المضادات الحيوية بما يرتقي بفاعلية استخدام الدواء لتحسين نتائج علاج المرضى، وتقليل مقاومة الجسم لمضادات الميكروبات، وخفض مستوى انتشار العدوى التي تسببها الكائنات المقاومة للأدوية المتعددة».
وأفادت أخصائية النساء والولادة، الدكتورة مي محمد، بأن المضادات الحيوية هي أدوية تستعمل للوقاية من عدوى الالتهابات البكتيرية وعلاجها، وتحدث مقاومة المضادات الحيوية عندما تغير البكتيريا نفسها استجابة لاستعمال تلك الأدوية، لذا تؤدي إساءة استعمالها والإفراط في تناولها إلى تسريع وتيرة مقاومتها جنباً إلى جنب مع تردي الوقاية من عدوى الالتهابات ومكافحتها، مشيرة إلى أنه «مع كل استخدام غير ضروري لأي نوع من المضادات الحيوية، تغدو البكتيريا أكثر مقاومة ويصبح علاجها أشد صعوبة».
وقالت إن «الإفراط في استخدام المضادات الحيوية يجعل من الصعب عند الإصابة بعدوى شديدة، إيجاد الدواء الفعال. كما أن البكتيريا تتطوّر في بعض الحالات لتسبب العدوى المقاومة للأدوية التي قد تكون قاتلة في بعض الأحيان»، مشددة على أن «الأنواع المختلفة من المضادات الحيوية تعالج أنواعاً مختلفة من العدوى البكتيرية، ومهما تشابهت الأعراض، لا يمكن للمريض التأكد من الإصابة بالنوع نفسه من البكتيريا. فتناول الدواء الخاطئ يفاقم الوضع ويزيد خطر حدوث آثار جانبية».
تقييد صرف المضادات الحيوية
وضعت دائرة الصحة في أبوظبي قيوداً على صرف مضادات الميكروبات ذات النطاق الواسع «المضادات الحيوية» التي تُعطى عن طريق الفم أو الحقن للاستخدام خارج نطاق المستشفى.
وأصدرت قائمة محدثة بالمضادات المسموح صرفها من الصيدليات الخارجية بموجب وصفة طبية سارية، مشددة على أهمية توخي الحذر عند وصف مضادات الميكروبات، وعلى شركات التأمين الصحي أن تقصر عملية السداد فقط على المضادات الحيوية المدرجة في القائمة التي أصدرتها، وذلك في إطار تشجيع ترشيد استخدام مضادات الميكروبات، للحد من زيادة مقاومة البكتيريا وتعزيز سلامة المرضى وتحسين جودة الرعاية الصحية.
وحددت الدائرة قائمة بالصيدليات الخارجية المعفاة من قيود صرف المضادات الحيوية (بعض الصيدليات المجتمعية في المناطق النائية، التي لا تتوافر فيها صيدلية مستشفى قريبة لضمان وصول المرضى إلى الأدوية)، مشيرة إلى أن «موردي مستودعات الأدوية يمكنهم تزويد جميع المضادات الحيوية فقط للصيدليات الخارجية التي تم إعفاؤها من قيود الصرف، فيما لا يجب تزويد جميع الصيدليات الخارجية الأخرى بأي مضادات حيوية خارج القائمة المحدثة».