
هكذا أعلنها حزب الله:” لا فيتو على قائد الجيش”، لتأتي المغازلة الحزبية، والدعم المبطن من قلب بعبدا عبر النائب علي عمار، فما صدر عن عمّار، وما حدث من لقاء استثنائي بين مسؤول الأمن والإرتباط وفيق صفا مع قائد الجيش فتح باب بعبدا على مصراعيه لإسم جوزيف عون كمرشح للرئاسة، لتتجه أسهم عون نحو الإرتفاع..
إلى حد الأن لا شيء مؤكد، فإن كلام علي عمّار يمكن أن يصب باتجاهين لا ثالث لهما، فإمّا أن يكون زكزكة سياسية لهزّ جبران باسيل، أو حقاً يكون طرحاً جديا يفتح من خلاله الحزب مفترق طرق جديد لماراثون رئاسة الجمهورية الجامد بالوضع الراهن.
فمن ناحية الزكزكة بطرح اسم عون، فإن معظم الأوساط تؤكد بأن حزب الله منزعج تماماً من باسيل، والوضع لا يحتمل بعد “الدلع” الذي يمارسه باسيل على الحزب، فالتأفف الواضح من الحزب تجاه باسيل جعله يثور على قرارات وعمل الأخير، إذ تؤكد أوساط بأن حزب الله فقد الغطاء الشرعي المسيحي انطلاقاً من نقطتين أولهما مغادرة ميشال عون القصر الجمهوري، وثانيهما تراجع شعبية حزب الله، ومن هنا فإن لقاء حارة حريك المرتقب من شأنه أن يكون بمثابة لقاء استجواب سيجمع باسيل بنصرلله ليضع الأخير النقاط على الحروف وليهذب عمل باسيل ويلجم جنونه، فالحليف بنظر الحزب إما أن يكون حليفاً بكل شيء سواء ما له وما عليه، وإما لا، فالحلف لمصلحة لا تتواجد بقاموس الحزب، خاصة وأنّه متواجد كحل ربط بين فرق سياسية متنافسة.
من ناحية أخرى إن جو الحزب يؤكد بأن النائب السابق سليمان فرنجية هو مرشح الحزب الوحيد إلى حد هذه اللحظة بغض النظر عن لقاء صفا-عون، فما يتم نشره بأن الحزب سيدفع بقائد الجيش كرئيس توافقي يبقى من الإحتمالات صاحبة الأسهم القليلة مقابل فرنجية، إلا أن السؤال يطرح:” هل يمكن أن يقبل أصلا باسيل بفرنجية بعد كل الذي حدث؟
باسيل تهواى حلمه الرئاسي، لا بل انعدم، إلا أن ذلك لا يعني بأن باسيل استسلم، فالمعلومات تؤكد بأن رئيس التيار مازال يحارب لأجل الحفاظ على القوة العونية المتواجدة داخل مفاصل السياسة اللبنانية، ومن هنا تذهب التحليلات للقول بأن باسيل وفي حال وافق على فرنجية رئيساً فهو يريد أن يضمن مراكز الرموز العونية، ولا يريد أن يخسر أي قدرة على التعيين داخل المراكز الحساسة، ومن هنا تذهب استراتيجية باسيل بعيداً للحفاظ على القوة المسيحية أولاً، وعدم الرضوخ لفرنجية ثانياً لخوفه من استطاعاته خلال السنوات الست من بناء علاقات خارجية ودولية، خاصة بعد لقاء الطائف الذي استشعر من خلاله باسيل حجم فرنجية، وتواجده بالصفوف الأولى.
التلاعب الباسيلي قد يجد نفسه أخيراً معزولاً عن الجميع، إذ أن باسيل قطع علاقته مع الجميع، ولم يبق له سوى حزب الله الذي بات يشتكي منه، ومن هنا فإنّه بحال لم يتمكن حزب الله من تأمين ٦٥ ونصاب الثلثين لفرنجية، فإنه من المتوقع أن يدخل المعركة بقوة بإسم قائد الجيش جوزيف عون وذلك تماشياً مع مفهوم الإسم التوافقي بدلاً من ميشال معوض.
بري-فرنجية-جنبلاط
على منحى آخر فإن فرنجية الضامن لأصوات الشيعة، فإنّه يسعى أيضاً للحصول على الضمانة الدرزية، فالمختارة تلقت رسائل عين التينة والتي مفادها بأن بري يطلب من جنبلاط المضي قدماً بفرنجية، فأتت مونة بري لتخربط أوراق جنبلاط ليصرح الأخير:” اننا لسنا فريقاً واحداً في البلد فليتم التداول بأسماء أخرى وعندها نرى”، ومن هنا يمكن القول بأن جنبلاط سيتخلى عن معوض فور جهوز الطبخة الرئاسية، ومن هنا يسعى بري جاهداً لإزاحة طيف باسيل وعرقلته الدائمة.
قائد الجيش أيضا؟
عدا عن كونه رجلا مؤسساتيا بامتياز فإن قائد الجيش جوزاف عون استطاع أن يجذب أنظار الجميع، ومن هنا يمكن التأكيد أن أسهمه سترتفع حتماً عند أول جلسة يعجز خلالها حزب الله عن الإتيان بفرنجية، فمن ناحية القوات، فإن سمير جعجع دائماً ما يشيد بعون، وبعمله، غامزاً بأنه لا يعرف حظوظه كرئيس إلا أنّه متأكد بأنه في حال وصل سيكون له الدور الكبير بإنجاح هذا الموقع، ومن هنا ترى أوساط بأنه بالنسبة للقوات فإن عون يعتبر مرشحاً وسطياً أكثر من فرنجية، والمعيار المستقبلي لمواصفات القوات بالنسبة لرئيس الجمهورية لا يلزمها بميشال معوض بظل العمل المتواصل على تأمين أصوات إضافية له.
من هنا يمكن القول بأن باسيل أمام امتحان الخيارين، أحلاهما مر، فإما فرنجية وإما عون، فالزكزكة التي قام بها حزب الله لناحية لقاء عون-صفا من الممكن أن تأتي بثمارها للقبول بفرنجية، وعليه وبما أن باسيل “محشور” بالزاوية الشيعية، وبما أن بري قد نشّط محركاته لأجل إقناع جنبلاط بفرنجية، وهذا ما هو متوقع خاصة وأن جنبلاط من المستبعد أن يرفض طلباً لبري، فإن الأكيد بأن باسيل سيتنازل لفرنجية فقط لأجل ضمان تحالفه المتبقي والوحيد مع حزب الله، إنّما هل سيكون هذا القبول سريع أم أنه سيأتي بعسرٍ كبير؟