منوعات

الفساد الثقافي في لبنان!

الناشط سليمان فرنجية

الفساد الثقافي في لبنان!

الفساد في معاجم اللغة هو في (فسد) ضد صَلُحَ (والفساد) لغة البطلان، فيقال فسد الشيء أي بطُلَ واضمحل، ويأتي التعبير على معانٍ عدة بحسب موقعه. التعريف العام لمفهوم الفساد عربياً بأنه اللهو واللعب وأخذ المال ظلماً من دون وجه حق، مما يجعل تلك التعابير المتعددة عن مفهوم الفساد، توجه المصطلح نحو إفراز معنى يناقض المدلول السلبي للفساد، فهو ضد الجد القائم على فعل الائتمان على ما هو تحت اليد (القدرة والتصرف). يعرف معجم أوكسفورد الإنكليزي الفساد بانه «انحراف أو تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة». وقد يعنى الفساد: التلف إذا ارتبط المعنى بسلعة ما وهو لفظ شامل لكافة النواحى السلبية في الحياة. ويصبح الفساد بمفهومه العام هو التغير من الحالة المثالية إلى حالة دون الحالة المثالية. والكمال لله عز وجل. بمعنى التغير للأسوأ. و يكون هنا ضد الإحسان وضد التحول أو التغير إلى الحالة المثالية.

كما عرّف البنك الدولي الفساد بأنه شكل من أشكال خيانة الأمانة أو الجريمة يرتكبها شخص أو منظمة يُعهد إليها بمركز سلطة؛ وذلك من أجل الحصول على مزايا غير مشروعة أو إساءة استخدام تلك السلطة لصالح الفرد. يمكن للفساد أن يشمل العديد من الأنشطة التي تتضمن الرشوة والاختلاس، ويتضمن أيضًا ممارسات تُعد قانونية في العديد من البلدان .

يحصد لبنان المرتبة 24 عالميًا في مؤشر مدركات الفساد للعام 2021 حسب منظمة الشفافية الدولية في تقريرها السنوي. فالفساد في لبنان يعشعش في مختلف القطاعات الإنتاجية والثقافية في لبنان. في مقالتنا هذه سنخوض غمار ثقافة الفساد في لبنان ومحاولة إيجاد حل لها. أصبح الجيمع يتكلّم عن الفساد السياسي والإداري في الدولة اللبنانيّة؛ ولكن هل من أحد تساءل يومًا عن الفساد الإجتماعي والثقافي في لبنان؟.

وُجِبَ توضيح النقطة التالية ألا وهي لا يمكن فصل المجتمع عن الثقافة كبداية لمناقشتنا هذه. فالمجتمع هو الخالق للثقافة من عدّة نواحي إن كان بتكوين المفاهيم الثقافية أم الطرق التعبيرية عنها؛ وثقافة الفساد في لبنان هي قديمة العهد. ففي كل مرحلة تاريخية كان يشهد لبنان نوع جديد من الفساد، مثلاً الفساد الإداري الذي دخل في الدوائر الحكومية والعسكرية أثناء حكم العثمانيين؛ ذلك على سبيل المثال لا الحصر.

إنطلاقًا من ما سبق، الفساد المجتمعي والإنساني على درجات، في لبنان الفساد ينخر في عظام المجتمع بكل تفاصيله الدينية والإجتماعية لتطال السياسة في لبنان. في الدين نرى فساد المحاكم الدينية، كما يُقال ونرى وهي ليست موضوعنا الآن. والسياسة كما نعلم ما هي مكامن الفساد، يقال فيها الكثير أما عن الفساد الإجتماعي فهو قليل الكلام عنه في مجتمعنا لاعتبارات كثيرة منها الخوف من قول الحقيقة كما هي، ونحن في هذه المقالة لسنا بقضاة جئنا لندين العالم بل لنضيء على الأخطاء. نحن جزء من هذا المجتمع.

على الصعيد الإجتماعي أصبح الفساد هو الخبز اليومي للمجتمع اللبناني، يدخل الفرد إلى مكان، مصلحته الخاصة يجب أن تكون قبل المصلحة العليا والعامة. يدخل إلى إدارة العامة يريد معاملته قبل الجميع بمعزل عن رأي الفرد في الروتين الإداري. في هذه الأمثال نرى الأنانية والفردية التي تشكّل خطر على أي مجتمع. الأنانية التي تريد كل شيء لها وسائر لمصلحتها.

في الجهة المقابلة للفساد الإجتماعي – الثقافي عدّة أوجه، نذكر الأبرز منها على سبيل المثال لا الحصر: الرشوة، الواسطة والمحسوبية، السرقة، الابتزاز والاحتيال. فالرشوة هي عرض أو دفع أو قبول أي عنصر يحمل قيمة للتأثير على أفعال وتصرفات أي شخص يعمل في مكان ما. ويمتدّ هذا التأثير على المجتمع كلّه في جميع عناصره من إقتصادية وبحيث تؤدي الرشوة أيضًا، إلى خسائر مالية وخسائر في صحة توزيع الخدمات، وتؤدي أيضًا إلى ضعف ثقة الأفراد في المؤسسات.

الواسطة والمحسوبية هي أن يقوم أحد الأشخاص بإعطاء امتيازات لشخص معين بناءً على علاقته به وصفاته بدلًا من مهاراته في العمل. من تأثيراتها قلة الحافز والإنتاجية في المجتمع، فقدان الثقة في المؤسسات وأخيرًا منع توظيف الكفاءات. بقية الأمور من سرقة وابتزاز وتحايل هي أمور نراها بشكل يومي بالسوق اللبنانية بحيث يعمد بعض التجّار إلى التذرّع بأشياء عديدة من أجل ضمان أرباح عالية مع إعتماد الغش – الذي هو تغيير في حقيقة المنتج – وهذا الربح السريع يقلل من ثقة الفرد في نوعية السلعة والتاجر. هذه إحدى أوجه الفساد الثقافي في لبنان، التي تؤديّ بالقيم اللبنانية الأصيلة إلى الزوال والإنقراض، نتساءل لبنان إلى أين في ظلّ هذا الفساد البنيوي في هيكلية لبنان الثقافية!، أين الإعلام اللبناني من إعادة تعزيز القيم الوطنية والمواطنة في الفرد؟؛ إلى أين نحن ذاهبون؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى