
مئات الاَلاف من المواطنين والمغتربين يملؤون الشوارع والمحال التجارية والمطاعم حتى تكاد تظن لوهلة أنك في بلد اَخر.
من شارع الحمرا وفردان الى الزيتونة والمطاعم الفاخرة في ميناء الحصن الى الجميزة ومار مخايل وبدارو الى الجديدة والزلقا وجل الديب فمطاعم انطلياس وصولا الى جونيه وجبيل والبترون أضف اليهم، عشرات القرى الميلادية المنتشرة في المناطق اللبنانية كافًة.
ظاهرة تميّز بها الشعب اللبناني مقارنة مع شعوب دول أخرى التي ما ان تصادفهم أزمة ما حتى تنقلب حياتهم رأسا على عقب، فمنهم من ينعتنا بالجنون ومنهم من ينعتنا بالإنفصام ومنهم من ينعتنا بلـ “بلا مخ”. كل النعوت صحيحة وهي مدعاة فخر لشعب لطالما أحبّ العيش والتمتع بالحياة. فهل هو فعلاً جنون أم إنفصام عن الواقع أم إنتقام منه؟
هذه المشهدية لا شك أنها تصب غضباً قي نفوس أصحاب الأفكار السوداء وأصحاب أيادي القتل والدمار وهي الجهات نفسها رغم تغيُّر تسميتها ومظهرها من حقبة الى أخرى، لم تزل تحاول تغيير وجه لبنان ووجهته، وعند فشل محاولة فريق ما يتسلم المهمة فريق اخر وهكذا دواليك… واليوم نعيش محاولة جديدة أوكلت الى فريق لا يخجل سياسيّوه ورجال دينه أشباه “النسخة الداعشية” من القول علنا وعلى المنابر والوسائل الاعلامية ان وجه لبنان سيتغير، منتقدين حرية الحياة الإجتماعية وحرية الفرد والاختلاط والمطاعم والملاهي الليلية والمنتجعات السياحية.
مَن عاش الحرب يتذكر جيدا حال اللبناني حينها: ما إن يهدأ المدفع بعد يوم طويل من القصف حتى يخرج الناس من الملاجىئ الى المطاعم والنوادي الليلية، للسهر والسمر و”الحياة مكملة”، مع علمهم المسبق أن ذلك ممكن ان يودي بحياتهم في حال عاود القصف رشقاته وهم على طرقات الذهاب و الإياب، ولكن… ما أشبه اليوم بالأمس انما بمدافع صامتة تنهش الحجر والبشر وكل ما تبقى من المؤسسات ومن بنية تحتية، وبالرغم من كل ذلك فالإحساس بأجواء العيد يعيشها اللبناني حتى لو كلّفته نصف راتبه أو ربما أكثر، ويمكن أن يحرمه ذلك من شراء دواء أو دفع فاتورة مولد أو تعبئة بنزين او اصلاح سيارته، فالعيد لن يمر عليه من دون الاحتفال به، والحياة التي اعتدنا عيشها سنعيشها رغما عنهم وكما فشل كل من زرع الشر في هذا البلد سيفشل ايضاً في كسر ارادة الحياة والفرح في نفوس اللبنانيين.أعجوبة الميلاد التي تتكرر كل عام سيدخل سحرها الى كل بيت وفي دواخل كل انسان من دون استئذان من أحد لا المسيحي ولا المسلم، لا الغني ولا الفقير ليزرع الفرح والسلام في كل الأرجاء.
ميلاد مجيد!