لقاء سوليفان هو الأول من نوعه مع مسؤول أميركي منذ ٦ سنوات
من الأحد إلى الأحد، إستمرت زيارة نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب لواشنطن، وتميزت بكثافة البرنامج مع المسؤولين الأميركيين ومسؤولي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. بصوت مبحوح بسبب الانخفاض الشديد في درجات الحرارة تحدث بوصعب إلى «السهم» عشية انتقاله من واشنطن إلى باريس في زيارة خاصة.
يشرح بوصعب أنه منذ إنجاز ترسيم الحدود البحرية على أيام الرئيس السابق للجمهورية ميشال عون كان «متفقاً مع آموس هوكشتين» على أن الترسيم هو البداية وليس الخلاص النهائي للأزمة الخانقة في لبنان. وكان التوافق مع الأميركيين أنه يجب وضع خارطة طريق للخروج من الوضع السيء الذي وصل إليه لبنان ونزل «نحو الوادي» . «الحمد لله أنجزنا الترسيم، واتصل الرئيس جو بايدن بالرئيس ميشال عون يومها، وأكد للأخير أنها البداية ويجب استكمال العمل لإعادة الاستثمارات إلى لبنان ووضعه على طريق التعافي» . في ذلك الوقت، إتفق بوصعب وهوكشتين على زيارة واشنطن لتقييم ما حصل ومتابعة العمل من أجل «الخارطة». وبالفعل حصلت زيارة بوصعب، بغض النظر عن انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة إصلاحية جديدة مواكبة. وصودف وجود النواب نعمة أفرام وياسين ياسين ومارك ضو لحضور مؤتمر في العاصمة الأميركية. وهم شاركوا مع نائب رئيس مجلس النواب، في حضور عدد من الاجتماعات. ما حصل في واشنطن هو «تبادل الأفكار ووضعها على الورق». أبرز المواضيع التي تم طرحها هي: موضوع تعامل لبنان مع صندوق النقد الدولي، إصلاح المصارف، انتخابات رئاسة الجمهورية، وتأليف حكومة وغيرها».
طرح الوفد مع صندوق النقد، موضوع حفظ ودائع اللبنانيين، وأكد بوصعب في هذا المجال معارضته الشخصية مع عدد كبير من النواب لشطب ودائع الناس في المصارف. وقال لهم: «كي نصل إلى اتفاق مع الصندوق ليمر في مجلس النواب اللبناني نريد تأكيداً منكم بأن ودائع اللبنانيين لن تُشطب ولتكن هناك خطة ضمن مدة زمنية معينة لإعادة الحقوق المالية لأصحابها. أما المستفيدون السابقون من هندسات مالية وغيرها، فيتم التعامل معهم بطريقة مغايرة لما يتم التعامل مع الأشخاص العاديين الذين جمعوا أموالهم بتعبهم و(عرق جبينهم)».
مع مسؤولي البنك الدولي، بحث الوفد اللبناني برئاسة بوصعب الموضوع الدقيق وفائق الأهمية الذي يشغل بال اللبنانيين وهو موضوع قرض الكهرباء، إلى موضوع القروض الأخرى للمساعدة الاجتماعية وتطوير الزراعة. واستمع بوصعب من المسوؤلين في البنك أن الغاز المصري والكهرباء الأردنية مربوطة بمسألة الإصلاحات في مؤسسة كهرباء لبنان. وهذا البند يحتاج أقله إلى سنتين للتحقيق. بمعنى أن لبنان سيبقى بلا كهرباء هكذا طوال هذه المدة. لكن بوصعب طرح الأمر مع المسؤولين الرسميين الأميركيين خلال زيارته البيت الأبيض للقاء مستشار الأمن القومي. وعلم أن آموس هوكشتين سيتابع اتصالاته مع البنك الدولي لإعادة تحريك هذا الملف. كما تم الإعلان عن زيارة دوكان إلى واشنطن مرسلاً من ماكرون للغرض نفسه.
في السياسة، كان اللقاء بين بوصعب ومستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان وهو اللقاء الأول من نوعه بين مسؤول أميركي رفيع ومسؤول لبناني منذ ست سنوات. إضافة إلى بوصعب وسوليفان، كان حاضراً: نائب مساعد الرئيس الأميركي – منسق مجلس الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بريت ماكغورك والمنسق الرئاسي الخاص لأمن الطاقة آموس هوكشتين والمساعد الخاص للرئيس -المدير الأول لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا العميد المتقاعد تاري وولف ومدير الأردن ولبنان في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض نادين زعتر.
يشرح بوصعب لـ«السهم» أنه لمس من سوليفان الذي التقاه من دون الوفد اللبناني، اهتمامه الشديد بالمسألة اللبنانية. وقد طرح موضوع الرئاسة اللبنانية والحكومة والإصلاحات ومحاربة الفساد وإعادة لبنان إلى الوضع «الطبيعي». إلى هذا اللقاء المهم، إجتمع بوصعب والوفد النيابي، مع مسؤولين في الخارجية ومجلسي النواب والشيوخ إضافة إلى مسؤولي صندوق النقد والبنك الدولي. عن كل هذه الاجتماعات يؤكد بوصعب أنه سمع من المسؤولين الأميركيين أن «الولايات المتحدة ليس لديها أي مرشح بعينه، تتبناه لرئاسة الجمهورية في لبنان. وهي لن تسمي أحداً. هي في هذه المرة تتعاطى مع ملف الرئاسة بطريقة مغايرة عما حصل في مرات سابقة فهي لا تريد أن تتحمل أي مسؤولية في دعم رئيس غير قادر على حل الأزمة التاريخية الخانقة. تريد أميركا من اللبنانيين أن يتحملوا مسؤولية انتخاب رئيس لهم. على اللبنانيين أن يتفقوا على رئيس إنقاذي لبلادهم وأوضاعهم الاقتصادية والمعيشية» . وكيف تتعامل أميركا مع هذا «الشخص»؟ «هي تتعامل معه وتحكم على أدائه والتزامه بالإصلاحات ومحاربة الفساد والفاسدين». هذا الأمر وغيره بحثه بوصعب في وزارة الخزانة الأميركية في اجتماع مهم أخير. بو صعب التقى مع نائب مساعد وزير الخزانة الأميركية أريك ماير وكلٍ من مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنطوني ماركوس ومديرة مكتب الشرق الأوسط للجرائم المالية وتمويل الإرهاب جايمي كروت. بوصعب أكد أن هذا الاجتماع «كان من الاجتماعات المهمة جداً التي ختم بها زيارته وأن النقاش تطرق لضرورة أن تشمل خارطة الطريق خطة التعافي ومحاربة الفساد الذي لم يقتصر فقط على قطاعات معينة او أفراداً بل شمل قطاع المصارف ايضاً» .
علمتُ من نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب أنه سيكون في باريس الإثنين «بالتزامن» مع الاجتماع الخماسي لأجل لبنان بحضور مسؤولين من فرنسا، الولايات المتحدة، السعودية، مصر وقطر. يؤكد أنه «ليس مكلفاً رسمياً أن يواكب هذا اللقاء الخماسي» بل إن الزيارة خاصة.
مصادر مقيمة في باريس أوضحت لـ«السهم» أن اجتماع باريس المنتظر لن يخرج بقرارات حاسمة في الموضوع اللبناني بل إنه سيتناول عناوين معروفة «تشجع اللبنانيين على اتخاذ قرارات تساعد على الخروج من المأزق الخانق».