
بقلم جاد الحكيم
خاص اللبنانية
أسوأ عام دراسي من الممكن أن يمرَّ على لبنان، إذ أنَّ الأساتذة وعلى مدى أعوام خاضوا معارك عنيفة مع الدولة ووزارة التربية محاولين من خلالها أن يؤمنوا حقوقهم التي سلبت منهم، إلى أن وقعت الواقعة هذا العام، حيث بات العام الدراسيّ يدور بدوامة فارغة أقرب إلى إعلان انتهائه ونعيهِ على مذابح المناكفات السياسيّة.
الأمل لا يزال موجودًا، هذا ما أكّده الباحث التربوي الأستاذ علي حسين وهبي (aliwehbedu) خلال حديث خاص مع موقعنا “اللبنانيّة” حيث أشار إلى أن جولة جديدة من المفاوضات ستكون موجودة، وقال:” مسَار المُفاوضات بينَ وزير التربية وروابِط التعليم الرسمي، حتى الآن لَم ينتهي بَعد، الإجتِماع الأخير يوم الثلاثاء الماضي كان عاصِفًا ولَم يصِل إلى أي نَتيحة مَرجوَّة، ذلِكَ صحيح، لكِن عدم صدور بيان رسمي فَوري عن الروابِط حتى اليوم الخميس، يُفَسَّر على أنَّ جولَة مُفاوضات جديدة قادِمة، أو انتِظار ما ستحمِلهُ الأيام قبل نهاية الأسبوع بعد استمرار الإتصالات لإيجاد مخرج للأزمة، حيثُ برزت معلومات ليل أمس عن توجُّه وزير التربية لإصدار تعميمًا حولَ بدل الإنتاجية بالدولار لِلأساتذة سيَبرزها في إطلالته الإعلامية مسَاء اليوم، ما يفتَح المجال أمَام الروابط لإجراء جمعيات عمومية حولَ ما استطاعت تحصيلهُ وهو القليل نِسبةً لِلمطالِب التي حدَّدتها، والأخذ بِرأي الأسَاتِذة عِبر التصويت نهاية هذا الأسبوع.”
ويكمل الأستاذ علي حسين وهبي (aliwehbedu):” بعدَ فشَل العودة صَبيحة ٩ كانون الثاني، بدأت مرحلة مُفاوضات جديدة بينَ روابِط التعليم الرسمي ووزارة التربية من جهة والحكومة من جهة أخرى، حول 5 مطالِب رئيسية،
– أولاً: بَند صَيرفة، دولار تربوي على 15000 ليرة، ثُمَّ جرى التنازُل لِحصرهِ عِندَ 20000 ليرة، أسقطَت الحكومة البند في جلسة ٦ شباط الماضي، بِسبب الرفض القاطِع لِحاكِم مصرف لبنان، ثُمّ رُفِضَ على سِعر “30000” أيضًا بعدَ مُبادرة قام بِها أحد النواب، فمَات هذا الإقتِراح قبل أن يولَد، أو كما وصفتهُ وزير التربية “طَلَب صعب المنال”.
– ثانيًا: بَند الإستِشفاء، والمطلوب بهِ زيادة قيمة الفاتورة الإستسفائية والطبابة ٣٠ مرَّة، إلا أن هذا الأمر لا يزال في مرحلة النقاش البيئة جدًّا.
– ثالثًا: الحوافِز بالدولار مِن وزارة التربية، بدأت على أساس مبلغ بين ١٥٠ – ٢٠٠ دولار للأشهر قبل عطلة الميلاد وأشهُر ما بعدَ العَودة، ثُمَّ جرى القبول بـ١٢٥ دولا شَهريًّا عن الأشهر بعدَ العودة، و٣٠٠ دولار مَقطوعة عن فترة قبل التعطيل، في حين لا تزال الآلية غير واضِحة، إلى أن طلبَت الروابِط الإجتِماع الأخير أن يصدُر قرار خَطّي يوضِح بهِ وزير التربية آليَّة الصرف مَع توقيت مُحَدَّد، إلا أن وزير التربية رفضَ رفضًا قاطِعًا هذا الأمِر، ما خلقَ شكوكًا واسِعة لدى المُعَلِّمين، حولَ أصل وجود هذه الأموال، خصوصًا بعدَ عدم إيفاء وزارة التربية سابِقًا بِوعودها.
– رابِعًا: بَند بدل النقل، الذي بدأ بِمطلب “٦ ليتر بنزين”، ثُمَّ جرت المُوافقة على “٥ ليتر” فقَط عن كل يوم حضور، يبدأ قبضهُ في شهر أيار وليس مُباشرةً، مع إنتِظار نشر الآلية بين الوزراء الثلاثة الطاقة والتربية والمالية.
خامِسًا: بند بدل الإنتاجية بالليرة، الذي كان مُقَرَّرًا إقرارهُ في جلسة ٢٧ شباط، تمّ تأجيلهُ حتى مُنتصف آذار المُقبل، للمزيد من الدراسة، في حين ليسَ مؤكَّدًا إذا كان هذا البند سيشمُل أساتذة التعليم الرسمي لِرفض عدد من الوزراء ذلك، على اعتِبار أن الأساتذة يحصلون على بدل إنتاجية بالدولار من الجهات المانحة، وعليه هذا البند مُعلَّق حاليًّا لِحين البتّ بهِ.
وعليه، كَنتيجة المُفاوضات بعدَ ٩ أسابيع إضراب، حتى هذه اللحظة، الحصول على بدل نقل 5 ليترات بنزين تُقبَض في شهر أيار المُقبِل مَع إنتِظار الآلية.”
اما عن إمكانية إجراء امتحانات رسميّة لطلاب المدارس الخاصة فقط قال الأستاذ علي حسين وهبي (aliwehbedu):” إذا أردنَا قِياس هذا الأمر من النواحي الدستورية، القانونية، والتشريعيَّة التي يحتَكِم إليها لبنان، هذا الأمر من الصعب تطبيقهُ بل من المُستَحيل، لِسهولة الطعن بهِ، إنطلاقًا من مبادئ عديدة، حيثُ لا يُمكِن إجراء الإمتحانات الرسمية لِفئة دونَ أخرى لأن ذلكَ “يُقَوِّض” هذه المبادِىء، وإنّ خرِقها سيَكون وصمَة عار على التربية في لبنان مدى الحياة، مَع الإشارة إلى أنَّ هذا الأمر لم يحصل بِتاريخ لبنان ولو لِمرَّة واحِدة، وفقًا بِما يلي:
– المادَّة (٧) مِن الدستور التي تحدَّثت عن مبدأ “المُساواة” بينَ المواطنين اللبنانيين في الحقوق والواجبات.
– الفقرة(ج) مِن مُقَدِّمة الدستور حولَ حتميَّة احتِرام مبدأ “العدالة الإجتماعية” بينَ المواطنين اللبنانيين.
– مُهِمَّة وزارة التربية بِضمَان مبدأ “تكافؤ الفُرص” أيّ توافر الفُرص الدراسية وتكافؤها سِواءً بِالتعليم أو الإمتحانات.
– مُصادقة المجلس النيابي على وثيقة الوفاق الوطني، وإعلان حقوق الإنسان، واتفاقية حقوق الطفل، التي تُعارض جَميعها حصِر كافة أوجُه التعليم بِجهة معيَّنة.”
أما عن الرؤية المستقبلية يقول الأستاذ علي حسين وهبي (aliwehbedu):” على صعيد الطلاب والأسَاتذة: المَطلوب دائِمًا أن نتفاءَل لأن التعليم الرسمي هو أصِل بقاء التعليم في لبنان، لكِن طريقة إدارة الأزمة التربوية تُجبِرنا على عدم ذلِك، بحيث لا يُمكِن اقتِصار الأزمة على موضوع الإمتحانات الرسمية فقَط طيلة أعوام الأزمة، في الوقت الذي يُعاني بهِ جَميع طلاب التعليم الرسمي سِواءً الشهادات الرسمية أو الصفوف الإنتقالية مِن الفاقِد التعليمي على مدى ٤ سنوات مُتواصلة، في حين لا يزال المستوى المعيشي والإقتصادي والإجتماعي لِلأساتِذة بِحال تراجُع مُستَمِرّ بسبب تآكُل قيمة الراتب من جهة، وانكِشافهِ طبِّيًّا، وما المطالب المَطروحة إلا الحَلّ الأدنى لِلصمود في تأدية الواجِب مُقابل المُتغيِّرات النقدية السريعة المُتَواصلة في لبنان.
وعلى صَعيد العام الدراسي الحالي ومسَار الأزمة يختم الأستاذ علي حسين وهبي (aliwehbedu): نحنُ أمام أيام حاسِمة، كلّ يَوم يمُرّ خلال شهر “آذار” بدأ يُحسَب لهُ ألف حِساب، على اعتِبارهِ الشهر الذي يَحمل عدَد أيام التعليم الأكثر، حيثُ سنَلحَظ بِدءًا في الساعات القادمة مُستَجِدَّات تربوية مُتسارعة جِدًّا وصَعبة، إما تؤدي إلى خروج مُؤقَّت من الأزمة لِتمرير ما تبقى من العام الدراسي وهذا الأمر يَتوقَّف على نتيجة تصويت الأسَاتذة في الأيام المُقبِلة كما صرَّحت روابِط التعليم الرسمي سابِقًا، أو إِستِمرار الإضراب الذي إذا بَقيَ على ما هو عليه حتى نهاية آذار، نكون فعليًّا دخلنا في المجهول ولا مجال لِلتَعويض، في حين أن العِلاج النهائي لِلأزمة التربوية، يَكمُن في تبنّي الحكومة سياسة تربوية تَحمي بِها الطَالب والمُعَلِّم وترعى من خلالها مُقوِّمات التعليم الرسمي.”