أخبار محلية

بعد خطاب نصر الله هل “نضجت” ظروف الانتخابات الرئاسية؟

لبنان24

على خطى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي بادر الأسبوع الماضي لإعلان تبنّيه لترشيح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، سار الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله، فأعلن في خطابه خلال الاحتفال الذي نظّمته “مؤسسة الجرحى والجمعية اللبنانية للأسرى والمحررين”، أنّ الحزب “يدعم” ترشيح فرنجية، خلافًا للاعتقاد بأنّه سيبقى في دائرة “التلميح”، من دون “التسمية”.

ثمّة من يعتبر أنّ إعلان السيد نصر الله جاء “استكمالاً” لموقف برّي، ومن باب “التضامن” معه بعد “الحملة” التي واجهها في الأيام الأخيرة، رغم أنّه لم يكن يحبّذ الإعلان رسميًا عن هذا الموقف قبل حصول فرنجية على “الضمانات” التي يحتاجها، وثمّة من يرى في المقابل، أنّ الإعلانَين منسَّقان، ويصبّان في الخانة نفسها: تأكيد الرغبة في إنجاز الاستحقاق وعدم ديمومة الفراغ، وإضفاء طابع “الجدية” على المعركة.

لكن، في كلتا الحالتين، ثمّة أسئلة تُطرح عن دلالات إعلان السيد نصر الله بعد بري دعم فرنجية، خصوصًا في ضوء التبعات المحتملة لمثل هذا الموقف على أكثر من صعيد، وتحديدًا على مستوى العلاقة “المقطوعة” بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، فهل نضجت ظروف الاستحقاق الرئاسي عمليًا حتى ينتقل الحزب إلى “الخطة الباء”، إن جاز التعبير، بما يطوي صفحة الورقة البيضاء والمرشح “المستتر”؟!
“رسائل” السيد نصر الله

في إعلان السيد نصر الله دعمه لترشيح رئيس تيار “المردة” للانتخابات الرئاسية، أكثر من “رسالة” لافتة في الشكل والمضمون، تتجلى بشكل خاص في تمسّكه برفض مصطلح “مرشح حزب الله” الذي يصرّ البعض، عن سوء نيّة على الأرجح، على الترويج له بصورة مكرّرة وغير مفهومة، والاستعاضة عنه بمصطلح “المرشح المدعوم من حزب الله”، والفارق بين العبارتين جوهريّ، وفق ما أوحى في خطابه.

أما “الرسالة” الثانية، فحرص الأمين العام لـ”حزب الله” على توجيهها إلى رئيس “التيار الوطني الحر” الوزير السابق جبران باسيل، الذي يُعتقَد أن إعلان دعم فرنجية لا يمكن أن ينزل “بردًا وسلامًا” عليه وعلى محيطه، ولذلك بالتحديد جاء تأكيد السيد نصر الله على “تمسّكه” بتفاهم مار مخايل، معطوفًا على التذكير بدعم الرئيس السابق ميشال عون قبل ستّ سنوات، ومن دون أن يكون هذا الأخير قد طلب هذا الدعم سلفًا.

وإلى هذه “الرسائل”، كان لافتًا تكرار السيد نصر الله لبعض المواقف “الثابتة” من الاستحقاق الرئاسي، على غرار رفض “فرض” الرئيس من الخارج، فضلاً عن دحضه “فرضية” الترابط بين المفاوضات حول الملف النووي الإيراني والتطورات في المنطقة، وعلى رأسها انتخابات الرئاسة، وهو ما بات يُفهَم ضمنًا رفضًا مبدئيًا لترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون، الذي تصوّره بعض الأوساط على أنّه “مرشّح الخارج”.

“الخطة باء”

عمومًا، بمُعزَلٍ عن الرسائل التي يمكن أن تُقرَأ خلف سطور خطاب السيد حسن نصر الله، فإنّ “الثابت” أنّه نقل “المعركة الرئاسية” إلى “الخطة باء”، ما يطرح الكثير من علامات الاستفهام عن “تبعات” ذلك على المشهد الرئاسي ككلّ، خصوصًا أنّ المعطيات المتوافرة لا توحي عمليًا بأنّ الأمور اقتربت من نهايتها، طالما أنّ قوى المعارضة تلوّح بـ”تعطيل” أيّ جلسة يمكن أن تفضي لانتخاب فرنجية رئيسًا للجمهورية، تمامًا كما يفعل “حزب الله”.

لكنّ ما يلفت الانتباه في هذا السياق أنّ السيد نصر الله أعاد التأكيد على “نصاب الثلثين” في الدورتين الأولى والثانية من الانتخاب، في وقت يعتقد البعض أن “الرهان” لا يزال مركّزًا على “إقناع” رئيس “التيار الوطني الحر” بالسير في “التسوية” على انتخاب فرنجية، خصوصًا إذا باتت المعادلة “سليمان فرنجية VS جوزيف عون”، علمًا أنّ حديث بري قبل أيام عن انتظار انضمام باسيل إلى الفريق المؤيد لفرنجية لا يمكن أن يكون “عبثيًا”.

لا يعني ما تقدّم أنّ فرنجية سيُنتخَب رئيسًا للجمهورية في غضون أيام قليلة، ولكنّه يعني أنّ “حزب الله” متمسّك به، وما الإعلان عن اسمه سوى “الدليل” على ذلك، وإلا لكان قادرًا على السير “بين الألغام” كما يفعل منذ اليوم الأول، علمًا أنّ العارفين يعتقدون أن يمهّد كلام نصر الله بعد بري لـ”ديناميكية” جديدة على الأرض، قد تكون أكثر من مفيدة، في “تحريك” الملف الرئاسي، وإخراجه بالحدّ الأدنى من الدوامة التي تأسره منذ أسابيع طويلة.

رغم اختلاف التفسيرات للعوامل والأسباب التي دفعت الأمين العام لـ”حزب الله” لدعم فرنجية علنًا ورسميًا، بعيدًا عن “الضوابط” التي رسمها لنفسه منذ اليوم الأول لفتح “البازار الرئاسي”، فإنّ النتيجة المباشرة لهذا الإعلان تبقى “دفع” الاستحقاق إلى نقطة مختلفة، إما تقرّب موعد إنهاء الفراغ الذي طال أمده، أو تنقل “تهمة” التعطيل من جانب إلى آخر، بما يريح “حزب الله” معنويًا على الأقل!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى