كشف مصدر من السلطة الفلسطينية ل”المدن”، عن اتصالات تجريها الولايات المتحدة، ومصر، والأردن؛ من أجل عقد لقاء قمة جديد في العقبة، يجمع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، بحضور الأطراف الثلاثة سالفة الذكر.
ووفق المصدر، لم تُفضِ الاتصالات إلى نتيجة، حتى اللحظة، بشأن تحديد موعد اللقاء الذي يُعد الثالث من نوعه خلال أكثر بقليل من شهر، في حال عُقد.
وأفاد المصدر أن الاتصالات تجريها الأطراف المعنية بعقد اللقاء الجديد؛ لثلاثة أسباب، أولها، تقريب وجهات النظر بين السلطة وإسرائيل، والثاني، سحب إسرائيل نحو التنفيذ عبر المحاولات والضغط المتكررين، أما الثالث فيعود لاعتبار أن اللقاءات المتعددة أفضل من عدمها، كونها محاولة لمنع ما هو أكبر من التصعيد الحالي.
وبحسب مصادر “المدن”، لم تتخذ السلطة الفلسطينية موقفاً بالرفض أو القبول فيما يخص القمة الجديدة، لكنها شددت خلال الاتصالات مع عمّان والقاهرة وواشنطن على ضرورة أن تنفذ إسرائيل ما اتُّفق عليه في اللقاءين السابقين؛ لأنها لم تنفذ شيئاً منها.
وتريد السلطة فعلاً إسرائيلياً يسوّغ انعقاد قمة جديدة أمام الفلسطينيين، لتقول “هناك جدوى للقاء”، عدا عن أنها ترى أن انعقاد القمة الخُماسية الآن يُعدّ مُحرجاً لها، تزامناً مع التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة، فهي بحاجة لمحفزات للقاء الجديد.
ورجحت المصادر أن يتصاعد الحراك بشأن اللقاء الثالث في العقبة بعد شهر رمضان وعيد الفطر، حيث تعتبره الأطراف الخمسة توقيتاً أنسب، إذا ما شهد التصعيد في المسجد الأقصى تراجعاً نسبياً.
وقالت مصادر “المدن” إن القمة الثالثة كانت ضمن مواضيع عدة ناقشها المبعوث الأميركي الخاص للشؤون الفلسطينية هادي عمرو مع أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ في رام الله الخميس، وأيضاً مع مسؤولين إسرائيليين تحت عنوان “ضرورة وقف التصعيد تلافيا لمآلات أكثر خطراً”، خصوصاً أن آثار التصعيد وصلت إلى الجبهة الشمالية.
وما زال عمرو متواجداً في القدس، إذ زار المسجد الأقصى وشارك في إحياء سبت النور في كنيسة القيامة.
ويقول المختصص بالسياسة الأميركية محمد القاسم ل”المدن”، إن عمرو ناقش مع الشيخ المقاربة نفسها لخفض التصعيد، مضيفاً أن عمرو جدد موقف واشنطن للتهدئة، كما ناقش قضايا اقتصادية واجتماعية يعيشها الفلسطينيون وسبل تخفيف احتقانهم، ومرورا بالمساعدات المقدمة عبر الوكالة الأميركية للتنمية “USAID”، و”الأونروا”، ومروراً بالمساعدات المباشرة للأمن الفلسطيني تعزيزاً لقدرات السلطة.
بدوره، أكد النائب الأردني السابق سمير عويس أن الحكومة الإسرائيلية المتطرفة ومشروعها الاستيطاني في الضفة وفرض واقع جديد في الأقصى، تجعل أي اجتماع بلا فائدة، بدليل أن الحكومة الإسرائيلية واصلت بعد اجتماعي شرم الشيخ والعقبة اعتداءاتها في الأقصى والضفة. وتابع: “الشعب الفلسطيني لا يصمت على الاعتداءات، فيرد، ثم يسقط شهداء، ويتعزز الرد، وهكذا”.
ورأى عويس في حديثه لـ”المدن”، أنّ اللقاءات قد تخفف الاحتقان مؤقتا، لكنّ الأحداث تعود لتنفجر مجدداً، معتبراً أن الولايات المتحدة وحدها القادرة على لجم إسرائيل والضغط عليها، لكنه قال إن قدرتها على التأثير على تل أبيب تراجعت في عهد إدارة جو بايدن مقارنة بإدارة دونالد ترامب السابقة.
ويعتقد عويس أن جدوى الاجتماعات يكمن، فقط، بلجم الاعتداءات الإسرائيلية ووقفها.
وقالت جهات سياسية أردنية لـ”المدن” إنّه من بين دوافع عمّان والقاهرة من تعزيز اللقاءات الخماسية بشأن الملف الفلسطيني، هو تعزيز المرجعية العربية عامّة والمصرية خاصة أمام تحديات إقليمية وأية مخاطر محتملة على استقرار المنطقة، إضافة إلى إفشال مخطط يميني إسرائيلي متطرف بفرض فكرة “الأردن الوطن البديل للفلسطينيين”.
من جانبه، قال مصدر من السفارة الأميركية في القدس ل”المدن”، إن مُقاربة واشنطن تدرك خطورة الأوضاع وأن الاجتماعات لا توقف التصعيد، لكنها تُؤمن بأن تراكمية الجهود واللقاءات مهمة لخفض التصعيد وليس لوقفه بالضرورة؛ ذلك أن ما يقلق الولايات المتحدة ليس التصعيد نفسه، وإنما تطوره لحالة من عدم السيطرة قد تمتد إلى دول الجوار وما هو أبعد.
وأضاف المصدر أنّ عدم السيطرة في الضفة والقدس يهدد مساعي تعزيز استقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها.