بينما يتسابق المسؤولون لتبرير قراراتهم “السيادية” بعد فضيحة تلقيح عدد من النواب في المجلس النيابي خارج خطة التلقيح الوطنية ما كاد يطيح بقرض البنك الدولي وعملية التلقيح برمتها، هناك من خسر حياته في معركته “الجدية” مع وباء كورونا، هو الذي كان في الصفوف الأولى في المعركة!
فالمسعف في الصليب الأحمر اللبناني فادي ابو الحسن كاد أن ينجو من الموت، لو حصل على جرعة من اللقاح -مثلا- قبل أحد نواب الأمة.
وبينما للنواب خيار التشريع عن بعد-هم الذين لا يشرعون كل يوم اصلا- لم يكن لابو الحسن خيار إلا نقل مرضى مصابين بكورونا عن “قرب”، مخاطرا بحياته، ولكنه “الواجب”، وها هو أبو الحسن يودع أحباءه “شهيدا” لذلك للواجب الانساني.
ولعل من الواجب أمام هذه الشهادة الانسانية، الاعتراف بل والمطالبة بأحقية وأولوية الجسم الطبي من أطباء وممرضين ومسعفين للحصول على اللقاح، هم الذين يقفون على تماس حقيقي في المعركة العالمية ضد الوباء.
فحتى اليوم لم يتم تلقيح الا 150 مسعفا من اصل 4000 مسعف، وكان ابو الحسن من المسعفين الذين عملوا على مساعدة الناس مع بداية جائحة كورونا، لكنه لم يكن في سلم اولويات عملية التلقيح، في بلد اعتاد “الواسطة” والمحسوبيات.
من هنا يفهم السخط على قرار تلقيح بعض النواب وغيرهم، فصورة ابو الحسن لم يتم تناقلها على مواقع التواصل بحزن وحسب، بل تم تحميل مسؤولية وفاته للمتسابقين على نيل اللقاح من غير المستحقين له في هذه المرحلة من عملية التلقيح.
ومن المعزين بأبو الحسن، صديقه صلاح بو حمدان، الذي كتب قائلا “يا صَديقُنا الغالي يا صاحب النخوة البطل فادي أبو حسن، بطل مقدام إنساني في الصليب الأحمر و شاء القدر أن يكون رحيلك يا عريس في هذا الوقت الصعب، عذراً يا زميلنا لن يكون وداعاً يليق بصديقٍ شريفٍ مثلك، رحمك الله يا زميلنا البطل”.
بدوره، كتب مستشفى بشامون التخصصي عن ابو الحسن الذي كان يعمل في قسم الأشعة فيها: “شهيد اخر في معركة الواجب. مستشفى بشامون التخصصي إدارة وموظفين؛ أصدقاؤك، زملاؤك وكل من أحبك وما أكثرهم يوجهون لعائلتك بأسمى كلمات العزاء والحزن والاشتياق، لطالما كنت في الخطوط الأمامية مقداما مخلصا متفانيا محبا.سنفتقدك رجلا ورمزا التضحية وبذل الذات”.
وصحيح أن المسعف فادي ابو الحسن مات بفيروس كورونا، لكن فيروسات أخرى كانت متواطئة في موته، ألا وهي الفساد والواسطة المحسوبيات…