كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”: “”هذه المرّة ليست كسائر المرّات، لأن رقبة الموظف على المقصلة، ولن نقبل أن تتمّ عمليات الصرف الجماعية لموظفي المصارف إلا بتعويضات تتناسب بشكل او بآخر مع الظروف المعيشية الحالية”. هذا ما أوضحه رئيس نقابة موظفي المصارف أسد خوري لـ”نداء الوطن”، مع تسارع وتيرة إقفال المصارف لفروعها المنتشرة في البلاد، بغية تقليص المصاريف وتوفير السيولة مع انتهاء المهلة المعطاة للمصارف، وفق التعميم رقم 154 الذي يقضي بزيادة كل مصرف رأسماله بنسبة 20% والسيولة بنسبة 3% من الموجودات بالعملات الأجنبية لكل مصرف لدى البنوك المراسلة.
في ظلّ تأكيدات مصرف لبنان على ضرورة التزام البنوك بزيادة رأس المال والسيولة، وبالتالي عدم تمديده المهلة المعطاة لها، سيلجأ مصرف لبنان الى درس حالة كل مصرف على حدة للوقوف على وضع كل بنك والتزامه بمتطلبات التعميم، وقد يقدم على منحه الوقت لاستكمال زيادة سيولته اذا ما رأى أن لدى البنك الإمكانيات للاستمرار على المدى الطويل. والدليل على السير بهذا الخيار هو تأكيد “المركزي” في بيان أصدره الأسبوع الماضي، أنه “بعد تاريخ 28 شباط 2021، يتوجب على المصارف ارسال كافة بياناتها الى لجنة الرقابة على المصارف التي تقوم بدورها بالتدقيق بها، وإرسال التقارير المتعلقة بها الى مصرف لبنان الذي سيتخذ كافة الاجراءات الآيلة الى معالجة وضع المصارف، وصولاً الى تعزيز استقرار الوضع المصرفي وضمانة اموال وحقوق المودعين”.
فهو من جهة، طمأن الى أن السيف الذي سيمرّ على المصارف لن يكون قاطعاً، ومن جهة أخرى يبدو حازماً في قراره بإلزامها بتلبية الشروط المطلوبة وهي الحدّ الأدنى من رؤوس الأموال التي يجب توافرها، ومن جهة ثانية يعمل على إعادة تموضع المصارف وتنظيمها، ومعالجة وضع تلك غير القادرة على الإستمرار حتى ولو مدّد المهلة لها، وذلك تمهيداً لإعادة هيكلة القطاع الذي اهتزّ بفعل الأزمة السياسية والمالية والفساد المستشري، ما أدى الى إقدام المصارف على رفع الفوائد لجلب الودائع اليها، ثمّ قامت بحبسها ففقدت الثقة بها. أما اليوم وقد جاء دور موظفي المصارف الذين كانوا في وضع يحسدون عليه قبل 17 تشرين الأول، فإن عددهم في ظلّ إقدام أصحاب البنوك على إقفال الفروع التي يبلغ عددها نحو 1100، سيتقلّص مع بدء المرحلة التنظيمية تمهيداً لإعادة الهيكلة، دون الـ 800 فرع. ويتوقّع النقيب خوري أن “ينخفض عدد الموظفين في ظلّ موجة الإقفالات التي تتسارع والصرف من العمل، أقلّه 5000 موظف من أصل 26 ألفاً قبل بدء الأزمة، الأمر الذي وصفه بالمجزرة التي لن يسكت عنها”، علماً أنه بين نهاية العام 2019 وسنة 2020 تمّ صرف نحو 2000 موظف من المصارف”. ولفت الى أن “الموظفين خلال الأيام الصعبة التي تلت الثورة حملوا وجع المودعين، لذلك لن نسمح اليوم أن يدفعوا الثمن”.
أسد خوري
وكان اتحاد نقابات موظفي المصارف في لبنان والنقابة طرحا بروتوكولاً لتعويضات الصرف وطالبوا بتوحيده. وفي هذا السياق قال خوري: “راسلنا المدراء العامين في البنوك لاعتماده تلبية لحاجة موظفي المصارف لفترة عام او عامين في ظروف عمل غير موجودة”. ويوجب البروتوكول على كل مصرف يرغب في صرف موظفين ان يمنحهم ما يعادل 18 شهراً مقطوعاً وشهرين عن كل سنة خدمة لغاية 36 سنة خدمة، فضلاً عما يحق له من قانوني العقد الجماعي والعمل، واشهر الأنذار. ونصّت الإتفاقية ايضاً على أنه: “يجب الا يقل الحد الأدنى للتعويضات عن مبلغ 10.000 دولار، والحد الاقصى للتعويضات عن مبلغ 300.000 دولار أميركي، أو ما يعادلهما بالعملة اللبنانية على ان يتم الاحتساب على سعر المنصة في تاريخ الصرف والذي هو حالياً 3.900 ل.ل للدولار الأميركي. على أن يُدفع لكل مستخدم بلغ الستين من
العمر وما فوق كل ما تبقّى له من رواتب حتى بلوغه سن التقاعد، مُضافاً اليها تعويض وقدره رواتب 18 شهراً والتعويض المُستحق له بموجب الفقرة 2 من المادة 30 من عقد العمل الجماعي”. فتلك المعادلة تعتبر مقبولة بنظر موظفي المصارف لاجتياز المرحلة الصعبة التي نعيشها، خصوصاً اذا ما تم احتساب تحويل نصف مجموع التعويضات الى دولار الـ1500 ليرة وان يعطى له على سعر المنصّة”.
تعديل قانون الدمج المصرفي
ومقابل ذلك يعوّل مستخدمو البنوك على إقرار مشروع قانون اقترحته كتلة “الجمهورية القويّة ” لتعديل المادة الرابعة من قانون الدمج المصرفي، التي تنصّ على أنه “في حالة الدمج يتمّ التعويض على الموظف بين أقلّه 6 اشهر وصولاً الى 3 سنوات عمل”. فاقترح التكتّل “منح الموظف المصروف بهدف إعادة الهيكلة عبر الإستحواذ أو الدمج، على 20 شهراً للسنة الأولى، ثمّ شهرين عن كل سنة خدمة لغاية 36 شهراً”. وحول حظوظ إقرار هذا الإقتراح في مجلس النواب، أوضح خوري أن “النقابة تحاول الإتصال بالمرجعيات السياسية والبرلمانية للحثّ على إقراره نظراً الى أهميته. ولكن لحينه نسعى عندما يتمّ الإتصال بنا من المصروفين وخصوصاً في حالات الصرف الجماعية، أن نعمل على تحسين الشروط لناحية التعويضات على الموظف، إن لم يرضه البنك. وفي هذا السياق نجدّد مطلبنا بعدم الرضوخ للبنوك والموافقة على شروط الصرف إن لم تكن جيّدة”.
فقد الموظّفون الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية أكثر من نسبة 80% من قيمتها
تدني قيمة الراتب
فمستخدمو المصارف مثلهم مثل غالبية الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، فقدوا أكثر من 80% من قيمة الراتب فبات الموظف الذي يتقاضى مليوناً ونصف المليون ليرة أي ما يعادل الألف دولار قبل تشرين الأول 2019، يتقاضى اليوم ما يعادل 150 دولاراً اي ما نسبته 15% من قدرته الشرائية قبل الأزمة، أي منذ عام و4 اشهر.
وتمنى خوري على جمعية المصارف، “أن تأخذ في الإعتبار التدني “المخيف” لقيمة رواتب موظفي المصارف، خصوصاً وأن تعويض نهاية الخدمة بات يعادل نسبة 15% من القيمة التي كان سيتقاضاها في العام 2019″. وشدّد على “عدم قبول النقابة باستفراد البنوك للموظفين، فإما يرضون بالشروط التي تعرض عليهم اذا كانت جيّدة، أو لا يقبلون، عندها تتدخّل النقابة لتحسين شروط التعويضات”.
ما يعني أن نقابة الموظفين واتحاد نقابات موظفي المصارف سيكون لهما موقف في الوقت المناسب ولن يسكتا عن رمي الموظفين في الشارع من دون ضمانات فعلية لفترة نحو عامين، في ظلّ انعدام فرص العمل ودعم الدولة للعاطلين عن العمل، وسيرفعا الصوت عالياً.
باتريسيا جلاد – “نداء الوطن”