أخبار محلية

ماذا تريد إيران للإفراج عن الرئاسة؟

النهار

ماذا تريد ايران في مقابل ان ترفع الفيتو الذي تضعه على انتخاب رئيس للجمهورية؟ لا تزال مصادر ديبلوماسية مراقبة تستمر في السؤال على قاعدة ان هذه النقطة هي التي تبقى جوهر الازمة فيما ان الانظار الى الاجتماعات الفرنسية السعودية ليست هي الاشكالية كيفما تمت او لم تتم لا سيما ان المعادلة الفرنسية السابقة بهتت ولم تعد قابلة للتسويق. فالثمن الذي تريده المملكة السعودية معروف ومعلن فيما حددته من شروط لعودة انخراطها سياسيا في لبنان ، فيما ان ما تريده ايران ليس معروفا اقله بالنسبة الى القوى السياسية في لبنان ولا احد ابدى استعداده في الاشهر العشرة الاخيرة من عمر ازمة الشغور الرئاسي لدفع ثمن لايران من اجل ذلك او عرض ثمنا او استطلع الامر ربما. وابتعاد الاميركيين عن الانخراط في الشأن الرئاسي في لبنان هو جزء مهم من عدم الرغبة في الانخراط في دفع اثمان لايران خارج اطار تبادل السجناء الذي دفعت ثمنه واشنطن اخيرا لطهران ، واستعادة السجناء مصلحة اميركية فحسب . فمتى وضع الاميركيون ثقلهم من اجل حل ازمة الرئاسة ستسارع ايران الى المطالبة بالثمن او المساومة على الاستحقاق الرئاسي وليس على ورقة لبنان ككل. فيما الكلام عن ان المسألة في يد ” حزب الله” وهو مصر على انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه وفي يده فك او عدم فك اسر الرئاسة كلام للاستهلاك اللبناني والخارجي على حد سواء من دون التقليل من حجم الحزب وتأثيره في الوقت الذي لا اوهام فعلية ازاء اهمية الورقة بالنسبة الى ايران التي باتت تلعب اللعبة نفسها التي كان يلعبها النظام السوري في هذا الاطار واخذتها منه حين اخذت ملف لبنان منه . وفي مقابل معادلة التفاهم الذي كان يستدرجه النظام مع المملكة السعودية وحتى مع الولايات المتحدة ، تعتمد ايران الاسلوب نفسه في استدراج السعودية وكذلك الولايات المتحدة . تقول هذه المصادر يتغير اللاعبون ولكن تبقى اللعبة هي نفسها فيما تتلهى القوى السياسية بتحطيم بعضها وصولا الى الاستهداف اللافت والمؤذي وغير اللائق في التداول على هذا المستوى على نحو دائم من رجال دين شيعة لكل ما يصدر عن البطريرك الماروني بشارة الراعي من مواقف.

حين تحدث الزعيم الدرزي وليد جنبلاط لدى استقباله البطريرك الراعي في المختارة في ذكرى مصالحة الجبل صفق كثر لما اعتبروه انه وضع الاصبع على الجرح بانتقاده عدم الانخراط الاميركي لحل الازمة وعدم تطبيق ايران مواقفها بدعم لبنان واستحقاقاته موضع التنفيذ. وتبعا لذلك اخذ عدم حصول اجتماع بين ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على هامش قمة مجموعة العشرين حيزا من الاهتمام السياسي على انه مؤشر على تباعد يؤثر سلبا على مهمة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان ، علما انه في امكان الرجلين التواصل عبر الهاتف او قنوات ديبلوماسية اخرى اذا احتاج الامر ، فيما ان هناك تجاهلا كليا لمكمن المشكلة. المؤشرات نابضة باساس المشكلة . هناك ايران غير الموجودة من ضمن خماسية الدول التي تجتمع من اجل لبنان وهناك مشروع الممر الاقتصادي الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا انطلاقا من المملكة السعودية خلال قمة مجموعة العشرين في الهند والذي تفاجأ البعض بانه لم يشمل لبنان فيما انه لم يشمل بلدانا اكبر واهم من لبنان كالعراق وسوريا متجاهلين على الارجح ان سيطرة ايران على هذه الدول هي السبب الجوهري الذي لا يتيح الرهان على هذه الدول او على مستقبلها نتيجة عدم الرغبة في رهن المشاريع المستقبلية لدول المنطقة واعطاء ايران ورقة التأثير فيها عبر مرور الممر الاقتصادي فيها . فيما لا يبدو مستقبل هذه الدول زاهرا في المدى المنظور ولا انقاذها محتملا كذلك علما ان لبنان فقد دوره ولم يعد يحتل ذلك الموقع الذي لعبه خلال عقود. فيما ان القوى السياسية او غالبيتها يتنمر على فرنسا وموفدها بغض النظر عن المقاربة التي اعتمدت والتي هي في رأي كثر خاطئة . ولكن فرنسا تبقى فرنسا بغض النظر عن وهن يصيبها او تراجعات كبرى في دول افريقية عدة فيما انه ليس من مصلحة لبنان ولا القوى السياسية ان تخسر فرنسا صدقيتها او هيبتها في لبنان . فلا غنى للبنانيين عن فرنسا ولو اخطأت في معادلتها الاولى التي استسهلت فيها حل ازمة الرئاسة على قاعدة ارضاء ايران فورا كما في اسلوب مقاربتها اخيرا ، ولكن من مصلحة لبنان الا ترفع فرنسا يدها عن مساعدته علما ان غالبية تثق بانها لن تفعل سواء مع لودريان او مع سواه في حال اضطر الى تسلم منصبه الجديد قريبا بحيث ربما قد يتم تعيين بديل منه لان صدقية فرنسا وموقعها في المنطقة مرتبطان ايضا الى حد كبير بصدقيتها ودورها في لبنان.

و فيما تنشغل ايران في شكل خاص في ترتيبات تنفيذ صفقة اطلاق السجناء مع الولايات المتحدة بوساطة قطرية في الايام المقبلة ومقابل 6 مليارات من الدولارات من اصولها المجمدة تفرج عنها كوريا الجنوبية، يعول البعض على بناء قطر على الحلقة المهمة التي تشكلها على هذا الصعيد كبديل محتمل او جاهز بحيث لن يترك لبنان وحيدا في حال اعادت باريس حساباتها علما انها لن تفعل. والتعويل على قطر يستند الى قدرتها على الاخذ والرد مع ايران وامتلاكها على الارجح اوراق للمساومة . انها الدائرة التي تعيد لب المشكلة الى السؤال الاول اي ما هو الثمن لافراج ايران عن الاستحقاق الرئاسي .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى