تحليل السياسات

أورِثوا الأجيال المقبلة علماً لا أراضيَ

كتب فادي عبود في الجمهورية

شرحنا في المقال السابق مسؤولية المصارف وما الخطوات الواجب اتخاذها لإنعاش الاقتصاد، وهذا الأمر لن يتم الّا بإعادة الحقوق لأصحابها، ولكن بالطبع الدولة تتحمّل ايضاً مسؤولية ما حصل.

إنّ الدولة قادرة على إعادة الودائع، هذا بالإضافة الى انّ المصارف قادرة ايضاً، لأنّها حققت أرباحاً لا تريد ان تكشف عنها في الاعوام الماضية (تحدثنا عن هذه النقطة مراراً). انّ الدولة ليست مفلسة، لأنّها تملك اصولاً، ولكنها تستثمرها بطريقة خاطئة او بالأحرى لا تستثمرها اطلاقاً.

 

وحتى لو لم يكن الموضوع مرتبطاً بأزمة الودائع على الدولة تغيير سياساتها والانطلاق بخطة اساسية لإعادة عجلة النمو للاقتصاد اللبناني.

 

وهنا نقترح خطة من النقاط الآتية:

 

ـ أولاً، لن تنجح اي خطة من دون الشفافية المطلقة والخروج من الغموض في ادارة ملفات الدولة، عليها إقرار قانون للشفافية المطلقة والبيانات المفتوحة فمن دون الشفافية واستمرار الغموض، لن يتحقق اي نتائج ايجابية وستستمر دوامة الهدر والسرقات.

– ثانياً، على الدولة ان تنطلق بخطة تنموية نحو اقتصاد مُنتج كما قلنا، تأخذ في الاعتبار زيادة الإيرادات، عبر استثمار اصول الدولة بطرق فعّالة لزيادة المداخيل.

– ثالثاً، إلغاء الضرائب التي تُبعِد المستثمرين وتضر بيئة الاعمال، والامتناع عن فرض ضرائب جديدة قبل زيادة النمو والانتاج؟ واذا تم تطبيق الشفافية كما قلنا حينها تتم محاربة الفساد والسرقة بنحو فعّال، فيتحقق زيادة في الواردات، وتخف حاجة الحكومة للاموال وعندها لن تحتاج الى فرض المزيد من الضرائب.

– رابعاً، على الدولة ان تدرس إمكانية بيع بعض الاراضي (ذكرنا بعضها في مقال سابق)، وقبل ان نتعرّض للهجوم من الغيارى على اراضي الدولة وعدم التفريط بها، نذكّرهم انّ عائلات كثيرة تتعرض لحرمان من حقوقها واموالها وجنى عمرها، الى درجة تمنعها من منح حقوق اساسية لأولادها منها التعليم، فما هو أهم: توريث الاجيال المقبلة الأراضي او التعليم؟ فاعتبار انّ الاراضي هي اهم من تعليم الاجيال هو مَحض غباء. وبالتالي نحتاج الى ادارة صحيحة لأصول الدولة. وهذا يمكن ان يتم عبر:

 

– تلزيم بعض المرافق العامة، كمرفأ بيروت والمطارات وغيرها، الى شركات متخصصة، وتحديد مداخيل للدولة منها.

– بيع الاراضي غير المستثمرة والتي ليس لها اي جدوى اقتصادية، ونكرر، مثلاً اراضي سكك الحديد البحرية يجب بيعها، بغضّ النظر عن الازمة المالية، وذلك لتحسين وتطوير الشاطئ اللبناني والاستفادة منه اقتصادياً، خصوصاً انّ إنشاء قطار جديد على الخط القديم نفسه غير ممكن تقنياً وبيئياً.

– منح حق استثمار للأراضي التي تمّ إشغالها بلا وجه حق وتحديد حق الدولة منها بسعر السوق اليوم وبعقود لا يكون فيها غبن للدولة.

 

– خامساً، الدعم المُطلق للتصدير، والانطلاق من عقلية أنّ التصدير يبقى الدرع الواقية لاقتصاد البلد في ظل الأزمة المالية الحالية. وإلغاء كل الرسوم المرفئية وتصديق فواتير غرف التجارة من عمليات التصدير، ووَضع خط Fast Track لمعاملات التصدير ومَنع «الحلوينات» والرشاوى كلياً على عمليات التصدير. والانطلاق في مفاوضات على أعلى المستويات لحل مشكلات النقل البري مع سوريا والاردن وفتح ممرّات الترانزيت بحسب قانون الترانزيت العربي. ونقترح إنشاء «اللجنة العليا لتنمية الصادرات» تكون مؤلفة من وزراء الصناعة، النقل، المالية، الطاقة والاقتصاد عملها الدخول في التفاصيل المُملّة ومعالجة العقبات التي ذكرناها.

– سادساً، تطوير القطاع السياحي والقيام بإجراءات تحفيزية لتطويرها، وفتح التنافس في موضوع الطيران، فلبنان يملك قيمة مضافة في المعايير السياحية وقادر على ان يكون وجهة سياحية مهمة، وسنتطرّق لاحقاً بالتفصيل الى هذا الموضوع المهم.

 

وهناك كثير من النقاط المهمة الاخرى التي لم نأت على ذكرها، سنقوم بشرحها في مقالات لاحقة.

 

هذه الخطوات مطلوبة سريعاً وهي ليست صعبة اذا وجدت الارادة الحقيقية، ولكن كما نشدد دائماً قبل كل شيء، الشفافية وثم الشفافية، لم يعد مقبولاً تجاهل هذا المطلب الحيوي والاساسي بعد كل ما تعرّض له لبنان من مصائب سببها المباشر حجب الحقائق عن الناس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى