ما زالت قضية الفساد الإداري، التي كشفت التحقيقات والقرار الظني الذي صدر عن القاضي أسعد بيرم، بعض تفاصيلها في ملف الشهادات الجامعية، تتفاعل في وزارة التربية. فبعد انفضاح شبكات السمسرة بين معقبي المعاملات ومندوبي الجامعات وموظفي وزارة التربية، وبعد الانتهاء من أمانة سر لجنة المعادلات الجامعية، التي صدر قرار ظني بأمين السر وموظفين آخرين، أتى دور أمانة سر المعادلات ما قبل التعليم الجامعي وفي دائرة الامتحانات، التي ترأسها أمل شعبان. فالأخيرة رفعت الغطاء عن الموظفين، ووزير التربية رفع الغطاء عن شعبان، كي يأخذ التحقيق مجراه القانوني.
توقيفات بالجملة
في معلومات حصلت عليها “المدن”، في هذه القضية التي كشفتها “المدن” منذ أكثر من سنتين، وصلت التحقيقات التي يجريها فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي إلى دائرتي الامتحانات والمعادلات ما قبل الجامعية. وحصلت توقيفات طالت سبعة موظفين حتى صباح اليوم الجمعة في 15 كانون الأول. وبالتفاصيل، أوقف فرع المعلومات منذ يومين شخصين.. ويوم أمس شخصين، واليوم صباحاً ثلاثة أشخاص. ويتعلق الأمر بملف الطلاب العراقيين والتجاوزات التي كانت تحصل قبل توقيع البروتوكول بين وزارة التربية والسفارة العراقية في بيروت، والذي تقرر بموجبه دفع الطلاب مبلغاً مالياً عبر الجامعات يعود لوزارة التربية، لتسريع وتنظيم عملية حصول الطلاب على معادلات شهاداتهم، الثانوية العامة أو البكالوريوس. وقد استغل السماسرة بالتواطؤ مع موظفين الطلاب العراقيين بغية تسريع إنجاز المعاملات.
ووفق المصادر، تبين أن إحدى الموظفات التي أوقفت منذ يومين، سبق ورفعت فيها وزارة التربية كتباً، بعد التحقيق الداخلي الذي أجراه وزير التربية عباس الحلبي. لكن تبين أيضاً أن الموقوفين السابقين في ملف معادلات التعليم الجامعي وشوا بالعديد من الأشخاص في وزارة التربية. ولم يخل الأمر من قيام الموقوفين بالوشاية زوراً على موظفين أيضاً لإحداث بلبلة. حتى أن موظفاً كبيراً في الوزارة تم التحقيق معه لساعات بسبب وشاية أحد الموظفين الموقوفين، وتبين في التحقيق أن الأمر مجرد شهادة زور، كما أكدت المصادر.
رفع الغطاء عن الجميع
وأضافت المصادر، أن وزير التربية الحلبي سبق ورفع الغطاء عن كل المسؤولين في الوزارة كي تأخذ التحقيقات مسارها القضائي، وصولاً إلى محاكمة الموظف المذنب. فلا خيمة فوق رأس أحد حالياً في وزارة التربية، كي تأخذ الأمور مسارها القانوني وإقفال هذا الملف. والتحقيقات التي تجري حالياً في أمانة سر المعادلات والامتحانات التي ترأسها شعبان تأتي في هذا السياق. وكانت النتيجة توقيف سبعة موظفين ترأسهم شعبان. وما زالوا موقوفين رهن التحقيق. هذا فيما سبق وحقق فرع المعلومات مع موظفين وأخذ إفاداتهم ولم يصدر أي إشارة قضائية لتوقيفهم رهن التحقيق.
خوف من التفتيش الإداري؟
تخيم على وزارة التربية منذ شهرين أجواء من الرعب، عقب بدء انفضاح بعض ملفات الفساد. فما كُشف من شبكات سمسرة وتورط موظفين جزء بسيط من الفساد الإداري والمالي، الذي يستوجب تدخل التفتيش الإداري والتفتيش المالي في التفتيش المركزي. وموجة الرعب هذه استدعت مراجعة مسؤولين في الوزارة بيانات الكاميرات المثبتة في جميع الطوابق لمعرفة الشخص أو الأشخاص الذين يسربون المعلومات والوثائق. وقد أوقف جهاز أمني موظفاً صغيراً، يعمل كساعي مكتب لدى مدير عام التربية عماد الأشقر، واعترف أنه يسرب معلومات. علماً أنه وفق القانون الإداري من واجبات رئيس الموظف المباشر إجراء تحقيق ومعاقبة الموظف، أو إبلاغ التفتيش الإداري في حال كان الضرر الذي تسبب به الموظف يتطلب عقوبات مسلكية أكبر من تلك المسموح بها للرئيس. ثم يقوم التفتيش بمعاقبة الموظف المذنب وصولاً إلى إحالته إلى الهيئة العليا للتأديب في حال كان الضرر كبيراً جداً. لكن مصادر التفتيش الإداري أكدت لـ”المدن” أنهم لم يتبلغوا بهذا الأمر، وما هو حاصل أن الإدارة تستسهل تبليغ الأجهزة الأمنية لسرعة التوقيف، فيما المسار الإداري طويل ومختلف.
ووفق المصادر، وظيفة هذا الموظف تستدعي منه التجول والتنقل بين المكاتب في الوزارة. وقد قام بتسريب معلومات ووثائق تكشف التجاوزات التي تحصل في الوزارة. لكن لم يتم تبليغ التفتيش الإداري، ربما خوفاً من توسع الجهاز الإداري بالتحقيقات وصولاً إلى معاقبة المرتكبين.