أعرب وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال الدكتور هكتور حجار عن أسفه لأن “اللجنة الوزارية المعنية مواكبة أمور أهلنا في الجنوب لم تلتئم منذ بداية الحرب مرة واحدة”، مستهجنا أن “تأتي مصلحة المواطن وحقوقه في أسفل السلم، وعدم الاصغاء لأنين الشعب المظلوم المنهك المنهوب”.
جاء ذلك خلال رعايته حفل افتتاح “الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب” القرية الرمضانية وأنشطتها في ساحة القرية الزراعية في سهل بعلبك، بحضور مفتي محافظة بعلبك الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، الأب غسان بركات ممثلاً المطران أنطونيوس الصوري، القاضي الشيخ عبدو قطايا، رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق قاسم شحادة ممثلاً بنائبه جمال عبد الساتر، رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، رئيس بلدية حوش تل صفية عباس معاوية، رئيس بلدية كفردان مهدي زعيتر، رئيس منتدى بعلبك الإعلامي حكمت شريف، وفاعليات سياسية وبلدية واختيارية واجتماعية.
وقال حجار: “لن نسمح للحزن أن يبدد فرحة العيد المقبلة، ولن نسمح لليأس ان يطال أنفسنا، نحن شعب اعتدنا على مرارة الظروف وأصبحت نمطاً مقاوماً في قلوبنا. معلوم أن الصيام فريضة على المؤمن، وأنه بالصيام يطهر نفسه ويربطها اكثر بطبيعة خالقها، ومعلوم أن الصيام هو أسمى تعبير عن الإرادة وأفضل اختبار للصبر وتدريب على الاحساس بالآخرين، فهل في هذه الأيام اختبار لإرادتنا وصبرنا، فإذا كان هذا اختبار فما الذي يمنعنا من الاحساس ببعضنا؟”.
وأردف: “مؤسف أنه في ظل الظروف الراهنة بات الصيام فريضة دائمة لا ترتبط بفترة ولا تنتهي بعيد، مؤسف أن أطفالنا الذين لا ينبغي أن يصوموا نجدهم صائمين، أطفالنا لا خطيئة لهم نجدهم مكفّرين، شاحبين، نجدهم منهكين. مؤسف ومؤلم أن دولتنا غائبة وكأنها غير معنية لا بأبٍ خائر القوى، ولا بأم باكية شاكية، ولا بأطفال يعانون ولا يحصلون على أدنى حقوقهم الانسانية، مؤسف أن هناك من لا يعرف الصيام عن الدم والإجرام، إذ يضع أهلنا في الجنوب بين موت وموت، بين نزوح وهروب، بين شقاء وبحث عن البقاء، مؤسف أن اللجنة الوزارية المعنية مواكبة أمورهم لم تلتئم منذ بداية الحرب مرة واحدة، فعن أي حل نبحث ومن أين سيأتي، تبدأ اللائحة ولا تنتهي مروراً بمشروع دعم الأسر المهمشة الذي يخضع لعراقيل كثيرة تطلبت منا العمل المكثف مع المعنيين لتذليل العقبات والتوجه نحو الحل”.
وأضاف: “منذ أن تولينا حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية وضعنا نصب أعيننا مصلحة المواطن، وعملنا بالجدية المطلوبة والتفاني لكي نذلل مصاعب دورة الحياة التي تواجهه، لذلك لم نسمح لأحد بعرقلة التقدم المنجز في كافة البرامج التي تديرها وزارة الشؤون الاجتماعية والتي تهدف إلى دعم المواطن، وتقوية قدراته، وتحصين أسرته، عبر برنامج دعم الأسر الأكثر فقراً، وبرنامج أمان، وبرنامج منحة المعوق، وكل البرامج التي ستأتي مكملة لخطة الحماية الاجتماعية، نعمل معاً يداً بيد لنواجه عراقيل الداخل ومصائب الخارج، ونوطد شراكاتنا مع الجمعيات المحلية والمنظمات الدولية في سبيل تقديم الدعم اللازم والمتخصص للمستهدفين من كافة فئاتهم”
وختم الوزير حجار: “نحن لسنا في ظروف طبيعية ولا نتعاطى مع سلطة طبيعية، بل مع أناس استقالوا من واجبهم الانساني وضاعوا في غياهب التعنت والازدراء، فهل نستسلم؟ طبعاً لا لم ولن نستسلم. ولكل الذين ينتظرون يأسنا سييأسون الانتظار، سنعمل كما بدأنا وسنكمل ما أدامنا الله أحياء لوطننا، لا خوف على وطن تحكمه طيب النوايا، ولا خوف على وطن رجاله رجال مواقفهم ثابتة وعنفوانهم شموخ رايتهم”.
اللقيس
وأشار رئيس الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب الدكتور رامي اللقيس إلى أن “مناسبات عدة اجتماعية ودينية ومدنية تجتمع في يوم واحد، يوم المرأة العالمي، يوم القرار باتجاه التغيير، عيد المعلم، واليوم نؤكد تمسكنا بدور المجتمع المدني وقيمه، واليوم نطلق معا القرية الرمضانية، نحول هذا المكان ليستقبل هذا الزمان المقدس”.
وقال: “منذ ثلاثة أشهر برعاية معالي وزير الشؤون الاجتماعية، وكان الهدف من اللقاء هو إطلاق القرية الميلادية، في نفس المكان وعلى نفس الأرض ومع نفس الأشخاص الذين زاد عددهم، نطلق مناسبتين لنشهد ولنري العالم كم يمكننا في المكان الواحد أن نحيي معا مناسبات كثيرة، اليوم نوطد نحن وإياكم مشروعا قد يكون نموذجيا يهدف إلى مجموعة من الأهداف: القيم الدينية والإنسانية في رمضان المبارك ليست فقط للذين يصومون، وإنما هي لكل من آمن بالإله الواحد، ولكل من آمن ببناء المجتمع”
وتابع: “نطلق اليوم القرية الرمضانية بحضور أكثر من 20 جمعية من زحلة ومحافظة البقاع، و26 جمعية من بعلبك الهرمل، هدفنا كيف نكوِّن هذا اللبنان الواحد. عوضا عن أن تستغل المناسبات الدينية لتصبح مناسبات تقسيمية، يجب أن يكون همنا كيف نستطيع أن نعبر من خلال الأديان والقيم إلى كل المجتمعات، كلنا سئمنا التقسيم، حتى ولو كنا بالشكل متوحدين ومنفتحين، ولكن بالعمق ما زال في داخلنا جذور التقسيم، لذلك مشاركتكم جميعا تعني أن هناك توجه لاتخاذ القرار الواحد بهذا الاتجاه، لنصنع من هذه الرسالة مسارا للطريق الداعي إلى الوحدة والإنفتاح وقبول الآخر في بيوتنا وأحيائنا ومدارسنا وجامعاتنا”.
وشدد اللقيس على “أهمية بناء الإنسان وبناء قدراته لبناء المجتمع، ونحن في الجمعية اللبنانية للدراسات والتدريب نؤمن أولا ببناء المجتمع على عدة أصعدة، نؤمن بالحوكمة، نؤمن ببناء المؤسسات، نؤمن بالقانون وبالدولة، وعلى مسوى السلم الأهلي لا يمكن بناء مجتمع من دون بناء علاقات اجتماعية متجددة، لا نريد أن نرث الخلاف والتقسيم، أتخذنا الخيار بالإتجاه المعاكس، ونحن نعمل به على المستوى الاجتماعي وعلى مستوى جميع فئات المجتمع، الشباب، المرأة، الجمعيات، البلديات، واليوم افتتحنا مركزا في زحلة لمحافظة البقاع، الهدف منه التأكيد على الرسالة الوطنية، اختنقنا بالطوائف والعائلات وبالمواقع الصغيرة، لماذا لا نكون مجتمعا واحدا نعمل مع بعضنا البعض، ونسير مع بعضنا البعض بالعمق وبالفعل، وليس فقط في النشاط وفي الشكل. لذلك رسالتنا في هذه المناسبة الكريمة، ليست فقط الصوم في رمضان، ولكن الإلتزام بالقيم الدينية الإنسانية التي تجعل منا الحريصين على بعضنا البعض كبشر وكمواطنين”.
الرفاعي
وبدوره قال المفتي الرفاعي: “يتجدد اللقاء للعام الثاني على التوالي في رحاب شهر رمضان المبارك، وكعادتها أحسنت الجمعية استثمار هذه المناسبة، فخرجت من إطارها الديني إلى الإطار الإنساني، لاننا كمجتمع لبناني تعبنا ونعيش حالة إرهاق باللغة العصبية والاقصاء والكراهية، بتنا محتاجين أن نعيش لغة التسامح والتعاون والاعتراف بالاخر، لان في هذا فطرتنا وطبيعتنا”.
وتابع: “شهر رمضان شهر واحد معه 11 شهرا، والنبي يوسف كان معه 11 أخا تآمروا عليه، ولكن هنا علينا أن نتعاون معا، فلا تقتلوا شهر رمضان ولا ترموه في غياهب الجب ولا تبيعوه بثمن بخث، بل احسنوا استخدامه واستثمروا فيه حتى يكون مرقاة لنفوسكم عند ربكم”.
ورأى أن “ثمة مشاكل على مستوى داخلي، ينبغي أن نبدأ من الداخل لننطلق إلى الخارج، إصلاح العالم يبدأ بإصلاح الذات، لذلك هذه الرسالة من الجمعية محل تقدير واحترام ومحبة، ونحن نعتبر انها تعبر عن الكثير من أفكارنا ورؤانا وكيف نريد ان يصبح مجتمعنا”.
وتوجه إلى الوزير حجار، فقال: “التقينا السنة الماضية في نفس الظروف وطلبنا منك مساعدة في مشروع دراسة، وما قصرت، وقمنا بمد حبل خلاص ونجاة لعدد كبير من المدارس الخاصة التي انخرطت في هذا المشروع، وآمنت بالعمل لاستيعاب التسرب المدرسي، كما أمَّنت عددا كبيرا من الوظائف لعدد كبير من الشباب الذين كانوا لا يجدون وظيفة ولا عملا، هذا الامر في ميزان حسناتك وميزان الجمعية. يبقى أن هناك مطالبات كثيرة في موضوع بطاقة الشؤون الاجتماعية، والمشكلة منقسمة إلى قسمين: قسم يتعلق بالوزارة، وقسم يتعلق بالمواطن، نحن ربنا امرنا عندما نوزع الصدقات أن نعطي للفقير والمساكين، وأريد أن أسال عندما لا يكون الإنسان فقيرا ولا مسكينا، كيف يطالب ببطاقة الشؤون الاجتماعية؟ مسألة “الشطارة” على الدولة هي “شطارة” على شخص آخر مسكين أو فقير أنت أخذت حقه. ونحن عندما نطالب الوزارة لن نسكت وسنمضي إلى النهاية، لكن مع المطالبة نريد من ناسنا المساعدة، نريد التعاطي بشفافية والخروج من الشطارة، فالجميع على مركب واحد وعلينا ان نتعاون”.
وختم المفتي الرفاعي: “أسال الله ان تنعكس بركات هذا الشهر على أهلنا في فلسطين، هذا امتحان لإنسانيتنا وعدالتنا في نصرة غزة وفلسطين. وفي بلدنا التقى صوم المسلمين مع صوم شركائنا في الوطن، عندما تلتقي المناسبات الدينية هذه دعوة للقادة الزمنيين لانتخاب رئيس للخروج من هذا النفق المظلم لأننا تعبنا ونريد أن نرتاح جميعا”.
قطايا
وتحدث قطايا، فقال: “إنها لفرحة غامرة ان نلتقي على عين الله وصنعه بهذه الوجوه الطيبة في رحاب الله من أجل الانسان وخدمة للإنسان. فالانسان جزء من الكون نحو الغاية التي أرادها الخالق سبحانه وتعالى، لهذا أدعو إلى الوحدة، وأثني على ما قامت به الجمعية بشخص الدكتور رامي من اجل الإنسان ومن أجل القيم، والقيم اذا تجسدت في أشخاص ودخلت معهم في تيار الحياة برز للناس جمالها”.
ورأى الشيخ قطايا أن “النظام الاقتصادي الاجتماعي قائم ومتميز بالعدالة، قل أمر ربي بالقسط، أما المحبة بقياس المسيحية محبتان: أحبب الرب إلهك بكل كلك بكل وجودك، واحبب قريبك كنفسك، وبهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله، فالدين محبة لله، وتحاب بين عباده، ولا يمكن لأي مخلوق أن يتوجه إلى الله ويدعي المحبة، وهو يتعرض لعباد الله، فالخلق كلهم عيال الله، أقربهم إليه انفعهم لعباده”.
وقص الوزير حجار شريط افتتاح معرض المنتوجات الرمضانية