تحليل السياسات

“جلسة اللاجئين” البرلمانية: إرضاء الأسد وإغضاب أوروبا وقبول الأموال

كتب منير الربيع في المدن

ينتظر لبنان جلسة مجلس النواب الأربعاء، المخصصة لمناقشة ملف اللاجئين السوريين والمساعدة الأوروبية التي تم الإعلان عنها، بقيمة مليار يورو، على أربع سنوات.
في ظل الأزمات المتفاقمة سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً وعسكرياً، سيشاهد اللبنانيون حفلة زجل تعبوية في إطار المزايدات المفتوحة بين بعضهم البعض، وفي النهاية الخروج بتوصية قبول الهبة أو المساعدة، التي لا بد من التغطية عليها وعلى أي معالجة صحيحة لهذا الملف، بالتركيز على زيادة حملات إغلاق محال السوريين، وترحيل البعض منهم، ضمن “قوافل العودة”.. بمشاهد تذكر بما جرى سابقاً من محاولات لإعادة أعداد منهم، من دون الوصول إلى أي نتيجة فعلية على الأرض.

لإعادة تعويم النظام
حفلة الزجل أو المزايدة والخطابات التصعيدية والشعوبية التي ستُطلق، ستقود في النهاية إلى خلاصة أساسية لطالما عملت أطراف لبنانية على تكريسها، هو الدعوات إلى ضرورة تطبيع دولي مع النظام في سوريا، باعتباره الجهة المعنية مباشرة بهذا الملف، ولا بد من تحسين العلاقات معه، والتنسيق في سبيل إنجاز الترتيبات المطلوبة. ستخرج أصوات تطالب بدفع المبالغ المالية للاجئين داخل سوريا، مع ابتكار لبناني بحصول الدولة على هذه المساعدات، بدلاً من تحويلها للاجئين بشكل مباشر. وهذا ما يفترض أن ينطبق على سوريا أيضاً، بمعنى أن تحوَّل الأموال إلى النظام الذي يفترض به أن يتحكم بها.

وإلى جانب هذا المجال المالي، فلا بد لأن تشكل بيروت مجدداً، منطلقاً بالنسبة إلى الكثيرين في سبيل السعي لإعادة تعويم النظام في دمشق. وهذا ما بدأ بمواقف أطلقها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في لقاءات كثيرة، بالإضافة إلى الدعوة الصريحة التي وجهها رئيس مجلس النواب نبيه برّي إلى منسقة الاتحاد الأوروبي لشؤون اللاجئين. لكن الجلسة قد تشهد على مزايدات أكثر في هذا الإطار، وهذه المزايدات تتجاوز أي مقاربة بدافع الواقعية التي ينطلق منها البعض في التنسيق مع دمشق، بل تتخطاها لتصبح سيراً على سكة جديدة، لا سيما أن البعض سيستشهد بمسارات الدول العربية التي عادت وانفتحت على سوريا وافتتحت سفاراتها وقنصلياتها وتستعد لفتح الخطوط الجوية.

التجربة العربية
في القمة العربية الفائتة، كان عنوان إعادة اللاجئين أحد الأسباب الرئيسية وراء إعادة العلاقات مع دمشق، وتم تشكيل لجنة وزارية عربية للبحث في كيفية العمل على إعادة أعداد من اللاجئين من الدول المحيطة، كنوع من اختبار لتحسين العلاقات وتطويرها. كان يفترض أن يبدأ المسار من الأردن، إلا أنه تعثّر لمجموعة أسباب، بعضها يرتبط بالوضع الأمني الحدودي، حيث حصلت توترات كثيرة على خلفية استمرار تهريب المخدرات والكبتاغون. وبعضها الآخر بسبب إصرار دمشق على التحكم بمسار إعادة اللاجئين، وإلى أي مناطق يفترض أن يعودوا، بالإضافة إلى الحصول على مساعدات مالية لإعادة الإعمار، وليتمكن اللاجئون من العودة، علماً ان ذلك كله اصطدم بالعقوبات الأميركية وفق قانون قيصر.

في هذا السياق، لن يكون لبنان قادراً على فعل أكثر مما حصل مع الدول العربية، التي اجتمعت على إعادة التنسيق مع دمشق. بل إن بيروت تلقت رسالة سورية قبل أيام لنقلها إلى مؤتمر بروكسل، وهي تحمل احتجاجاً سورياً في عدم دعوة سوريا إلى المؤتمر، باعتبارها الطرف المعني مباشرة بملف اللاجئين وإعادتهم.

كيس ملاكمة
إلى جانب المزايدات التي ستنطوي عليها جلسة مجلس النواب، فالبعض يريدها أن تكون جلسة توفير الحماية لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، بموجب التسوية التي ستصدر. فيما البعض الآخر يعتبر أن المزايدة ستتجاوز ذلك إلى محاولة تشكيل تقاطعات بين أصوات صارخة من التيار الوطني الحر، والقوات اللبنانية.. وحزب الله وحتى حركة أمل، اللذين كان لهما مبادرات سابقة في ملف اللاجئين وإعادتهم. ولعل ذلك يستخدم من قبل التيار والقوات في سياق تطويق ميقاتي أو عزله بهذا الملف، ووضعه في واجهة الحدث ككيس ملاكمة يراد من خلاله أن تصل الضربات إلى مسامع أوروبا وفرنسا تحديداً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى