أخبار محلية

السنيورة: لن تلجأ اسرائيل إلى اجتياح بري للبنان وهي تعلمت من العام 2006

رد الرئيس فؤاد السنيورة في حوار مع قناة “العربية”، على سؤال عما قاله الوزير الإسرائيلي بن غفير مغرّداً على منصة “إكس” بأنّه يجب حرق لبنان، وعلى ما نشرته اليوم صحيفة لبنانية عن رسائل وصلت للبنان عبر ديبلوماسيين تقول بأن لبنان سيكون تحت ضربة إسرائيلية وشيكة في منتصف هذا الشهر، فقال: “يبدو أنّ التهديدات التي أطلقها الوزير الإسرائيلي المتطرِّف يعنيها هو وربما تعنيها إسرائيل، لا سيما أن هذه الحكومة الإسرائيلية باتت محكومة من قبل المتطرفين من أصحاب الرؤوس الحامية في إسرائيل والذين يودون تحقيق إنجاز ما فشلوا في تحقيقه الى الآن في غزة. ذلك بالرغم من كل ما ارتكبته إسرائيل من تدمير كبير حاصل ومن إزهاق لأرواح العدد الكبير من الضحايا البريئة وأعداد الجرحى والمصابين الكبيرة”.

 

ورأى أنّ “المنطقة، أكان في غزة أو في لبنان، باتت تخضع لما يسمى لعبة عض الأصابع ولعبة الرقص على حافة الهاوية من بعض الفرقاء. ونجد أنّ هناك من داخل إسرائيل من لايزال يراهن على أنه بهذه العملية يمكن أن يحقق إنجازاً عسكرياً. وبالتالي هو يودّ أن يوسع نطاق الحرب التي يطالها قصفه في لبنان لتشمل مناطق جديدة وبعنف أكبر. وهو أيضاً لا يزال مستمراً في خوض المعركة في غزة، حيث تحصل يومياً مجازر وحمامات دم، كما يستمر التجويع وإصابة الأطفال والمسنين بالأوبئة والمعاناة الشديدة لجميع أبناء غزة”.

 

وعما اذا كانت التهديدات بتكرار سيناريو 2006 هي فقط من الوزير الإسرائيلي أو أن هناك رسائل أُخرى وصلت إلى لبنان في هذا الصدد، قال: “ربما هناك رسائل أو تلميحات في هذا الشأن نشرتها بعض الصحف المحلية أو تناقلها البعض بشأن احتمالات زيادة حدّة المواجهات والاشتباكات التي تشنها إسرائيل في لبنان. الحقيقة أنني كنتُ وفي صباح الثامن من تشرين الاول الماضي قد أشدتُ وبشكلٍ واضح بعملية “طوفان الأقصى”، لكن في ذات الوقت حذّرت الجميع بأن لبنان لا يستطيع أن يتحمل أن يُزجَّ به في هذه الحرب تحت شعار وحدة الساحات، وذلك لخضوعه لثلاث أزمات كبرى: سياسية ووطنية وأيضاً اقتصادية ومالية ومعيشية، وكذلك أزمة النازحين السوريين. هذا بالإضافة إلى أنه لم يعد لدى لبنان شبكات الأمان العربية والدولية التي كانت موجودة لديه في العام 2006. للأسف هذه الحرب ما زالت مستمرة، وها هو لبنان يعاني من استمرار تفاقم تلك الأزْمات المختلفة، وهو لا يستطيع أن يخوض حرباً مثل هذه الحرب المتوسعة التي يمكن ان تشنها عليه إسرائيل الآن. وها هي إسرائيل على لسان مسؤولين لديها تقول بأنها تود أن تحرق لبنان. ولذلك وللحؤول دون حصول هذا الخطر الكبير ينبغي أن يصار إلى القيام بكل الجهد الممكن من أجل الحؤول دون تدهور الأمور بشكلٍ أكبر، وأخشى بعد ذلك أن تصبح إمكانية التحكم بالأمور أصعب وأخطر

سئل: كنت موجوداً في العام 2006 ولعبت دوراً مهماً. تتذكر عندما أُعطيتَ ضوءً أخضر دولياً وحتى من حزب الله لإيقاف الحرب، وساهمت في استصدار القرار 1701 آنذاك، ولكنه لم ينفذ، حتى هناك من يقول بأنه لن ينفذ ولن ينفذه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي؟

اجاب: “يبدو، وكما أشار إلى ذلك الصحافي سركيس نعوم في صحيفة النهار منذ أيام عدة، أنّ لدى الرئيس ميقاتي وجهة نظر بأنّه يود أن يترك الساحة للرئيس نبيه بري لكي يتولى هو عمليات المفاوضة باسم لبنان وهذا مخالف للقواعد الدستورية لجهة الفصل بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، وبالتالي هو يترك الأمور للرئيس بري والرئيس بري بدوره ينسّق في كل هذه الأمور بشكلٍ كامل مع حزب الله وبالتالي مع إيران. المسألة الخطيرة التي يواجهها لبنان الآن، أن هناك احتمالات أكبر لتوسيع نطاق الحرب وعبر قيام إسرائيل بضم مناطق إضافية لاستهدافها في لبنان، وهي المناطق التي باتت تتعرض للقصف الإسرائيلي الشديد. وهذا الأمر أشبه ما يكون، وكما ذكرت، بأنَّ هناك عملية عض أصابع. ولذا أعتقد أنه ينبغي أن تتضافر الجهود اللبنانية من أجل العمل لممارسة الضغط الدولي على إسرائيل ومن الولايات المتحدة تحديداً، وهي التي- وللأسف- لا تستطيع أن تضغط أكثر على إسرائيل بسبب الظروف الداخلية الصعبة للرئيس جو بايدن الذي بات محرجاً أمام منافسه الرئيس السابق دونالد ترامب، وأمام قواعده الانتخابية وعلاقاته وعلاقات الولايات المتحدة الأميركية الدولية بسبب تغير المزاج في أكثر من منطقة في العالم بشأن الحرب الإسرائيلية المشنونة على غزة وأهلها العُزّل، وبسبب أعمال الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل هناك ضد المدنيين ولاسيما ضد الأطفال والنساء”.

‏سئل: هناك من يقول اليوم أن كل القرى والحدود الجنوبية في لبنان مُسحتْ تماماً، وأن حزب الله لا يسمح بتصوير تلك المناطق المدمرة من الداخل حتى لا تظهر حجم الأضرار الإسرائيلية. وبالتالي هل يمكن القول بأن نتنياهو سيرد وسيفرض منطقة عازلة من لبنان، وهي التي كان يريدها، وذلك من دون أي تدخل او اجتياح بري؟

اجاب: “من جهة أولى، لا أعتقد أن إسرائيل وإن أرادت توسيع نطاق الحرب فإنها لن تلجأ إلى اجتياح بري للبنان، وهي لا بد أنها تعلمت مما جرى لها في لبنان في العام 2006، ومما يجري الآن في غزة. ومن جهة أخرى، فإنّي ‏أعتقد أن الطرفان حزب الله متأذي ويتخوف من هجوم جوي كبير يمكن أن تشنه إسرائيل عليه، كما أن الطرف الإسرائيلي يخاف من قدرة حزب الله على إيقاع المزيد من الأضرار في الداخل الإسرائيلي. هذا ما يمكن تسميته بتوازن الرعب. هل هذا سيؤدي إلى منع الطرفان من أن يوسعا هذه المواجهة العسكرية. أنا أشك أن تتوقف إسرائيل عن ذلك إذا لم تتدخل أطراف أخرى من أجل ممارسة الضغوط عليها، وكذلك لممارسة الضغوط على الطرفين سواء بسواء من أجل تحقيق التهدئة. ولكن اعتقد أن تحقق هذا الأمر وهذه التهدئة أصبح صعباً أكثر الآن. ولكن، ومع ذلك، هناك أمورا ينبغي أن نحاولها وأن لا نتوقف عن بذلها، وأخرى أيضاً يجب أن نراهن عليها، وهي إمكانية التوصل إلى اتفاق معقول وقريب في غزة. فلربما ان ينعكس ذلك إيجاباً على الوضع بالنسبة للبنان وتهدأ الجبهة المشتعلة الآن، وهذا ما يراهن عليه حزب الله، وإن كانت إسرائيل تلمح بأنها لا تلتزم بأن تترافق التهدئة في غزة بتهدئة على الجبهة الشمالية في إسرائيل وفي لبنان”.

سئل: ‏قلت انك تراهن على مسألة مهادنة أو مسألة تهدئة ولكن عندما تنظر الى التصريحات الاسرائيلية رئيس الموساد مثلا يقول باننا نعلم مكان حسن نصر الله ونستطيع اغتياله متى ما شئنا. هذا الحديث لرئيس الموساد، وهذه هي المرة الأولى التي يتحدثون فيها بهكذا طريقة عن شخصية حسن نصر الله ما هي الرسالة أو الإشارة هنا التي تريد إسرائيل أن ترسلها إلى حزب الله؟

اجاب: “‏لطالما اعتمدت إسرائيل هذه الطريقة في إطلاق التهديدات. ولكن ومن طرفنا يجب أن لا نتغاضى عما ترتكبه إسرائيل من هجمات وغارات تتقصد أشخاصاً في لبنان بعينهم. فإسرائيل، وعلى مدى الأشهر الثمانية الماضية استطاعت أن تنال من حزب الله عن طريق ما يسمى عمليات الاصطياد أو الاغتيال بالمعنى الحقيقي للكلمة، والتي سقط العديد من حزب الله ومن المدنيين. إذْ أنّ إسرائيل تغتال أفراداً معينين في سيارات أو على دراجات نارية وفي أمكنة محددة وفي الطرق. وبالتالي، فإنّ إسرائيل يبدو أنها تعلم الكثير من المعلومات أكانت عبر الأجهزة الاستخباراتية أو من خلال الأجهزة ذات التقنيات المتطورة التي لديها. وبالتالي، فهي تهدد وتنفذ تهديداتها. وهذا الأمر لم يمنع حزب الله حتى الآن من الاستمرار في هذه المواجهة. صحيح أن إيران تراهن على أسلوب حافة الهوية، وأنها في الوقت ذاته لا تريد من جهة أن تقطع العلاقة التي تربطها مع الرئيس بايدن، وهي تفضل أن يُعاد انتخابه بدلا من انتخاب السيد ترامب. كما أنها لا تريد من جهة أخرى، وبالمحصلة، أن تزج بحزب الله في معركة يكون فيها خاسرا او يكون فيها التدمير والخسائر التي سوف يتحملها لبنان بنتيجة توسّع أعمال القصف والتدمير أكثر مما يستطيع حزب الله أن يبررها أمام محازبيه وأمام اللبنانيين. هذه هي أهم المشكلات الكبرى التي سوف نواجهها خلال المرحلة القادمة، وهي صعبة جدا، لاسيما وأنَّ إسرائيل من جهتها تقول بأنها لا تستطيع أن تتعايش مع استمرار وجود حزب الله كعنصر تهديد مستمر لها على حدودها الشمالية، وهي مضطرة أن تأخذ قرارات سريعة لإعادة المستوطنين الذين نزحوا عن المستوطنات الذين كانوا في شمال إسرائيل، ولاسيما أنهم باتوا على أبواب فتح المدارس. وكل هذا يتطلب قرارات سريعة من إسرائيل ومن الجميع في وقت أصبحت الأمور ضيقة والخيارات محدودة، ولاسيما مع اقتراب موعد الانتخابات الأميركية”.

سئل: بما يخص حتى إيران. علي باقري كان موجودا في لبنان وهو القائم بأعمال وزير الخارجية الايراني، قال ان لبنان مَهْدُ المقاومة وهذا الحديث يعني الكثير من اللبنانيين الذين علقوا عليه بانه اختزل لبنان واختزل الشعب اللبناني في ما يسميه محور المقاومة وحتى أنه لم يحترم حتى وجود نظيره اللبناني في بيروت كيف تعلق على هذا؟

اجاب: “‏نعم، حزب الله يتصرّف وكأنه لم يَعُدْ هناك من وجود للدولة اللبنانية، ولا وجود للبنانيين الذين لا يؤيدونه الرأي. وهو يأخذ موقفا متفردا في هذا الشأن، وهو في هذا الصدد يكرر ما قام به في العام 2006 عندما قام بتلك العملية على الحدود اللبنانية الجنوبية وعبر الخط الأزرق، وذلك خلافاً لما كان قد وعد به السيد حسن نصر الله آنذاك في جلسة الحوار الوطني اللبناني الأخيرة في حزيران من العام 2006، بأن لن تكون هناك أي عملية عسكرية على الحدود اللبنانية الجنوبية وعبر الخط الأزرق. ولكن الحزب أخذ قراراً متفرداً آنذاك وأوقع لبنان في تلك المشكلة، واستطعنا بعد ذلك أن نتوصل إلى إقرار القرار الدولي 1701 الذي لم يحترمه حزب الله من جهته كما لم تحترمه إسرائيل من جهتها

اضاف: “هذه المرة حزب الله يتصرف بذات الطريقة، وبالتالي لم يستمع إلى أي تحذيرات، ولم يراع أي حدود، وعمل على إقحام لبنان في هذه المعركة، وهو أمر يعرف الجميع بانّ لبنان لا يقدر عليه للأسباب التي ذكرناها. وها هو حزب الله مستمر الان في هذه العملية العسكرية، وهو بذلك يلغي اللبنانيين الذين لا يؤيدونه الرأي، وهو يحمِّل جميع اللبنانيين ما لا يستطيعون تحمله من أعباء. وبالتالي، فإنّ حزب الله بعمله هذا لا يمكنه أن يحافظ على قوة لبنان الحقيقية، وهي الحرص على وحدة أبنائه. ذلك انّ قوّة لبنان، وعلى عكس ما يقول حزب الله بأنَّ قوة لبنان في مقاومته، بل هي في الحقيقة في وحدة اللبنانيين. ولذلك، وعندما يتصرف حزب الله بهذا الشكل وبعيداً عن أخذ رأي بقية اللبنانيين في هذا الشأن، وهم الكثرة الكاثرة منهم، فإنّه يعرض لبنان ووحدته الوطنية وتوازناته الداخلية الى الخطر الشديد”.

سئل: يقال بأن لدى آموس هوكستين مشروع جاهز متفق عليه أيضا كذلك لترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، وذلك كما رسمت الحدود البحرية في المنطقة الاقتصادية الخالصة بين لبنان وإسرائيل سابقاً. وحزب الله هنا اشترط مكاسب سياسية هذه المكاسب السياسية مقابل طبعا الترسيم البري، وهي أن يأتي بالرئيس الذي يريد وأن يسيطر على الحكومة وأن يسيطر على لبنان ليصبح هو الدولة في بلد يوصف بانه لا يملك دولة الآن كما تعلم الوضع الآن هل أصبح بقوة السلاح وليس بالسياسة؟

اجاب: “‏أولاً، بالنسبة لترسيم الحدود البرية، فإنّ ترسيم الحدود بين لبنان وفلسطين جرى ترسيمها منذ زمن طويل، ولكن هناك حوالى 13 نقطة يجب أن يُصار إلى تحديدها بشكلٍ دقيق. وهذا الأمر بالإمكان أن يصار إلى تحقيق اتفاق بشأنها عبر السيد هوكستين أو غيره. ولذلك، وعندما يأتي الوسيط الأميركي، فإنه يمكن عندها أن يصار إلى إيجاد حلول لهذه المسألة. من جهة أخرى، وفي ما يتعلق بتوظيف حزب الله لمعاركه ضد إسرائيل في الداخل اللبناني فالأمر مختلف.  طبيعي حزب الله يريد ذلك ومع أنه يصرح دائما عكس ذلك. لكنه ولما أثبتت الأيام والتجارب الماضية، فهو يريد أن يحقق مكاسب داخلية له من ذلك. وفي الحقيقة، هو يفعل كل ما يريد لكي يترجم كل هذه المعارك إلى مكاسب سياسية حقيقية في الداخل اللبناني. وهو يبرر ذلك بأنه يحقق مكاسب حقيقية في الحرب التي يخوضها ضد إسرائيل، وأنه هو الذي يدافع عن لبنان، ومن حقّه إذا الحصول على مكاسب داخلية، وبأنّ من حقه أن يترجمها في تغيير الصيغة اللبنانية الداخلية وفي تغيير التوازنات الداخلية في لبنان”.

اضاف: “في هذا الصدد، أريد أن أقول لك بكل وضوح وصراحة ولكل اللبنانيين أننا أصبحنا في لبنان كما يقال: “كالمستجير من الرمضاء بالنار”، حيث أنّ حزب الله يحاول أن ينهي مجموعة المشكلات، ولكن ليوقع لبنان في مجموعة أخرى من المشكلات التي لا تأتلف مع الصيغة اللبنانية ومع التوازنات الداخلية في لبنان، والتي تقوم على قوة التوازن فيه وليس على توازن القوى المتغير، وهذان أمران مختلفان. على ما أصبح واضحاً، يحاول حزب الله أن يحقق إنجازات سياسية لصالحه، وهو بالتالي يريد أن يغيّر في الصيغة اللبنانية التي تقوم على قوة التوازن. وهذا الأمر يدخل لبنان واللبنانيين في أتون مشكلات جديدة لا خلاص منها بعد ذلك. لذلك، فإنّ الأمر بحاجة إلى الكثير من التبصر لدى الجميع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى