كتب البروفيسور إيلي الزير: الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية لا يبدو أنه سيكون الفراغ الوحيد. بل إنّ ما يهدّد لبنان في الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة عاصفة فراغ، تشمل العديد من المؤسسات النقدية كمصرف لبنان، والمؤسسات العسكرية الأمنية كقيادة الجيش والمديرية العامة للأمن العام، إضافة إلى سلسلة من المراكز والمواقع الحساسة التي تهدّد يوميات اللبنانيين، ومصير دولة اسمها لبنان.
عاصفة الفراغ التي تهدّدنا تؤسّس لانحلال الدولة بكافة مؤسساتها ومرافقها. انحلال إن حصل لا يعني فقط تلك المؤسسات كهيئات إدارية. بل يشكّل تهديداً وجودياً للدولة والكيان، حيث من المتوقع أن يؤدّي إلى بحث عن شكل جديد للكيان، وعن جدوى وجود دولة اسمها لبنان. هنا يكمن الخطر الكبير. إنّ الفراغ الذي يهدّدنا ليس بسبب فقدان لبنان لقيادات شابة قادرة على ملء هذه المراكز والشواغر، بل لأنّ الفراغ بات مستوطناً في عمق تفكيرنا. هناك فراغ أخلاقي حيث تساقطت كلّ القيم الواحدة تلو الأخرى. وهناك فراغ في المواطنة، فكل فرد منا يتغنّى بانتسابه لطائفة أو لحزب أو لتيار، ولا تعني له المواطنة شيئاً. كما أنّ هناك فراغاً بقيمة حريتنا حتى بات الكثير منّا يستسيغ فقدانها ويتعايش مع الاستبداد وقمع الحريات.
عاصفة الفراغ التي تهدّدنا هي عاصفة إن حلّت ستأتي على الأخضر واليابس، وحينها لن ينفع الندم، حينها سنقول إنه كان هناك يوماً ما وطنٌ اسمه لبنان.
المطلوب منّا كلبنانيين التمسّك بوجود هذا الوطن، لأنّ المصير لا يحتمل المغامرات، ولا يحتمل المناكفات والرسالة هنا موجّهة إلى المسيحيين في لبنان الذين كانوا عبر التاريخ حرّاس الكيان، والمدافعين عنه. ليس المهم اسم رئيس الجمهورية، ولا اسم قائد الجيش، ولا اسم حاكم مصرف لبنان. المهم أن يبقى لنا لبنان لأنه إن ذهب ذهبت كلّ هذه المواقع.
إنّ المسيحيين مطالبون بسرعة التحرّك بعيداً عن الشخصانية والأنانية لإنقاذ لبنان