أشار وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال زياد المكاري، خلال احتفال تكريمي للإعلامية كابي لطيف في كازينو لبنان، الى انه “عندما تسلمت مهامي في الوزارة، وصلت مع عاصفة انتقادات، وكانت التغريدة الوحيدة التي أعطتني الأمل من كابي لطيف”.
وتابع :”صحيح ان كابي سافرت إلى باريس انما لم تهاجر، هي بقيت في لبنان ولبنان بقي فيها. ومن كان يزور باريس من اللبنانيين، كنا نسألهم إذا ما زاروها. لقد كنت لبنان في باريس ولك على كل لبناني ذهب إلى هناك، انت لك على الجميع انما لا لاحد شيء عليك. اعرف انك ظلمك في مكان ما في لبنان، انما كنت متسامحة. نحن نريد ان تكملي حياتك معنا هنا، ونأمل ان تعلني عن هذا الموضوع قريبا لأننا نحبك وننتظرك”.
وكشف المكاري ان يوم الاثنين المقبل “سيتم الإعلان عن الهبة الاولى المقدمة لتلفزيون لبنان من اجل العمل الجدي على أرشيفه كي يتم لاحقا تسجيله في ذاكرة العالم في الاونيسكو”.
من جهته، اعتبر المدير العام لكازينو لبنان رولان الخوري تمخ “من خلال تكريم كابي لطيف، انما نكرم كازينو لبنان لأنك موجودة فيه. أنت كنت سفيرتنا والمثال للمرأة اللبنانية الناجحة في أوروبا والعالم وكنت الأمل لكل اللبنانيين من خلال صوتك، ونحن نشكرك لأنك قبلت ان نكرمك”.
بدوره لفت نقيب المحررين جوزيف القصيفي الى ان “كابي لطيف أيقونة مخضوبة بالوان الفرح، في رنة صوتها سحر لا تفك طلاسمه، فيه من جاذبية الوقع ما يغبط الاذن ويأسر القلب ويخدر الحواس ويحملك إلى عالم معلق بين الارض والسماء، يترجح بين النغم الحالم والشاعرية المذوبة بحلو الكلم، ويترنح منتشيا وقد استبد به السكر من خمرة مستقطرة من دنان الإبداع. تبكي وتضحك حزنا وفرحا، لأنها لا تخط سطرا لتمحوه”.
اضاف: “فمن كان لها مثل هذا الحضور الطاغي، لا تعرف استخدام الممحاة. صوتها العذب ينساب اليك كما ينساب الماء النمير في اوردة السواقي، قبل أن ينسكب لجينا في الجداول، أو الينابيع وهي بعد جنينا قبل أن تنبجس من رحم الارض، سقيا لتلك الأيام تحت سقف كلية الاعلام في مطالع سبعينيات القرن الذي انصرم، في المصيطبة – بناية حمود، زمن عمادة الدكتور بشير العريضي – طيب الله ثراه – يوم كنا ضمة فتيات وفتية بعمر الربيع لا نملك من حطام دنيانا إلا الطموح والحلم. لم يخطر في بالنا أن يد القدر ستلقي بنا في مناف ستفرق بيننا، وترسم مصائرنا دون مقاومة منا، وكأننا استسلمنا لما كتب لنا. لكن تلك الروح التي ظللتنا بالحب والمودة وارخت علينا جدائل الصداقة، كانت أقوى من المسافات والانقسامات وكل أشكال الغربة”.
تابع: “كنت يا كابي منذ دخولك تلفزيون لبنان إلى لحظة مغادرتك وطن الارز إلى عاصمة النور، إحدى منائره الساطعة بقوة موهبتك، وشمولية ثقافتك وحسن تدبرك في اللحظات الحرجة وإجادة تخيرك للموضوعات. وفي اذاعة “مونتي كارلو” كنت صوتا للبنان، من دون أن ننسى ما قدمته لاذاعة صوت لبنان وفيها من برامج كان لها الصدى والوقع. كنت صوتا نابضا بالحنين إلى الوطن الام الذي غادرته وفي القلب حسرة تقارب الفجيعة. تفجرت غضبا وثورة على الحال التي بلغها، واوحال الحقد والضغينة التي ولغ فيها، وانقسام أولي الأمر فيه الذين استقدموا مصالحهم الخاصة، واستأخروا حقه عليهم في رحمته،ووقف دوامة الفوضى والاذلال التي تمثل فصولا على أرضه. كابي لطيف ما كنت فقط الصوت والقلب والنبض والعين في باريس،بل كنت الضمير وضمير الضمير الذي يسيل على شفتين انتصارا لوطن الارز. حاورت الجميع بانفتاح وموضوعية وحيادية، لكنك لم تكوني ابدا في موقع الحياد عندما كان يتعلق الأمر بلبنان – الوطن، ولبنان – الانسان”.
ثم تحدثت المكرمة لطيف، فاستهلت كلمتها بشكر المنظمين ووزير الاعلام، معتبرة ان “هذا التكريم المزدوج من كازينو لبنان الواحة الثقافية اللبنانية، ومن وزارة الاعلام، له رمزية وطنية رفيعة بالنسبة لي وهو ليس تكريما لي وحدي، انما للاعلام في لبنان وللمرأة الإعلامية والإعلاميين ولكل من يدافع عنه وعن القيم الحضارية والإنسانية التي ميزت بلدنا”.
اضافت: “وجودي معكم اليوم مؤثر جدا انما وجودكم معي في هذه اللحظة الصعبة التي يمر بها لبنان هو الأهم، وهو دليل على القيمة الإبداعية التي تشكل الخصوصية اللبنانية، هذه اللحظة في الزمن الصعب هي قوة الحياة ودعوة للاحتفال بها وغلبة الحياة على الموت والحرب وهذا هو الاستثناء اللبناني”.
وتابعت: “حياتي كانت مزيجا من لبنان وفرنسا، التقي اليوم بعد سنوات الزميلات والزملاء من تلفزيون لبنان وهذا امر رائع ويفرحني جدا. كان تلفزيون لبنان صورة عن لبنان في الفترة الذهبية، عاصرنا العمالقة وصنعنا الاعلام في ذلك الحين، وكان دور المرأة على الشاشة الفضية هو المرآة لدورها داخل المجتمع اللبناني، استفادت من مناخ الحريات والتلاقي والتواصل والسياحة في لبنان في ذلك الزمن الجميل مما انعكس على تجربتي التي احدثت فيها بعض التحديث”.
واشارت الى ان “الحرب هي التي قادتني إلى باريس وقبول عرض اذاعة مونتي كارلو، وتابعت المسيرة بحوار الثقافات ومد الجسور بين الشرق والغرب، لا سيما بين فرنسا ولبنان”، وشددت على ان “لبنان هو الأساس والرسالة التي احملها وأعرفها، لبنان الحريات والتنوع الثقافي وحرية الصحافة والحرية الفردية ودور المرأة، وكل هذا يشكل معنى وجود لبنان وهويته الاستثنائية”.
واردفت: “إعلاميو الأمس صنعوا مجد الاعلام اللبناني الذي اصبح مدراس في انحاء العالم، إعلاميو اليوم هم الصورة التي من خلالها ينقلون لبنان إلى كل العالم في الواجهة والمواجهة ويدفعون الأثمان الباهظة وهم في الخطر في الكثير من الأحيان، كما دفعنا نحن الأثمان وتأرجحت حياتنا بين الحرب والسلم، انه قدرنا، لكن لبنان الرائع بحضارته وشعبه العظيم الصامد والمثقف والمنفتح الفريد سيظل متألقا دائما وأبدا وسيعود إلى وهجه. احيي كل لبنان من شماله إلى جنوبه الجريح والشعب اللبناني الذي يمر بمراحل صعبة، نحن جميعا معكم في الداخل والخارج وليحمي الله لبنان”.
بعدها اقيمت جلسة حوارية بين لطيف والحضور، أكدت في خلالها انه “في لبنان تكمن جذورنا واهلنا وتاريخنا وحياتنا والطبيعة والأصدقاء، والسر اللبناني غير موجود في اي دولة في العالم. وعندما أسأل عن سر الشعب اللبناني، أقول انه سر”، وقالت: “مهمتي في اذاعة مونتي كارلو ستستمر إلى بعد حين، والعودة إلى لبنان امر وارد دائما”، واكدت انه “من المهم التواصل مع الجيل الجديد وتبادل الخبرات والمعلومات والتاريخ الذي عشناه من خلال مشروع لإحياء الذاكرة الجماعية”، وأملت ان يكون “في ردهات تلفزيون لبنان صورا للإعلاميين الذين عملوا فيه كي يتعرف الجيل الجديد عليهم ويتذكرهم”.