ثلاثة أشهر تفصل الولايات المتحدة عن موعد انتهاء صلاحية #اتفاق رفع حدّ الاقتراض، أو سقف الدين، في 1 كانون الثاني (يناير) 2025، والذي يحدد مصير الاقتصاد الأميركي لعام كامل. تسبق أهمية هذا الاستحقاق محطتان رئيسيتان سترسمان الاتجاه الاقتصادي الذي ستسلكه أميركا على مدى السنوات الثلاث المقبلة: التوجه المرتقب للفدرالي الأميركي لتسجيل أول خفض لأسعار الفائدة في اجتماعه المرتقب في 17 و18 أيلول (سبتمبر) الحالي، بعد دورة تشديد صارمة انطلقت في عام 2022؛ وموعد الانتخابات الأميركية في 5 تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، والتي ستحسم هوية من يسكن البيت الأبيض.
ما هو #سقف الدين الأميركي؟
سقف الدين الأميركي هو الحد الأقصى القانوني الذي يمكن الحكومة الأميركية أن تقترضه لتمويل التزاماتها المالية. يتضمن هذا السقف الديون التي تراكمت من تمويل العجز في الموازنة الفدرالية، حيث تلجأ الحكومة إلى الاقتراض لسد الفجوة بين الإيرادات والنفقات.
الكونغرس يحدد سقف الدين، وهو يؤدي دورًا رئيسيًا في سياسات المالية العامة للولايات المتحدة، إذ يحدد إلى أي مدى يمكن الحكومة الاقتراض من دون تجاوز الحدود القانونية.
لا يفرض سقف الدين قيودًا على مقدار الأموال التي يمكن الحكومة إنفاقها، بل يحدّ من قدرتها على اقتراض المزيد من الأموال لسداد الديون المستحقة أو تمويل النفقات الحالية، أي لا يمثل زيادة في الإنفاق الحكومي، بل هو أداة قانونية تحدد الحد الأقصى للتمويل المطلوب لتغطية النفقات التي وافق عليها الكونغرس.
كم يبلغ سقف الدين الأميركي؟
حتى منتصف عام 2023، بلغ سقف الدين الأميركي 31,4 تريليون دولار. لكن الحكومة الأميركية تجاوزت هذا الحد، ما دفع الكونغرس والرئاسة إلى مناقشة رفع السقف لتجنب التخلف عن سداد الديون.
في الماضي، تم رفع سقف الدين عدة مرات، بما يتناسب مع نمو الاقتصاد وزيادة النفقات. وتم تعديل هذا الرقم بشكل دوري، حيث يتطلب ارتفاع حجم الدين موافقة الكونغرس لزيادة السقف حتى تتمكن الحكومة من الاستمرار في الاقتراض لدفع الالتزامات القائمة.
ماذا يحدث إذا تخلفت الولايات المتحدة عن سداد ديونها؟
في حال تخلفت الولايات المتحدة، وهي أكبر اقتصاد في العالم، عن سداد ديونها، بعد أن تجاوز الدين المحلي مستوى 34 تريليون دولار، يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة على الاقتصادين الوطني والعالمي.
من بين هذه الآثار:
1. زيادة الفوائد على القروض: عدم سداد الديون يدفع بوكالات التصنيف الائتماني إلى خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة، ما يزيد من تكلفة اقتراض الحكومة في المستقبل. وهذا يعني ارتفاع الفوائد على الديون الحكومية، ما يضع عبئًا أكبر على الميزانية الفدرالية.
2. أزمة اقتصادية عالمية: نظراً إلى أن الدولار الأميركي هو العملة الاحتياطية الرئيسية في العالم، فإن أي انهيار في الثقة بالاقتصاد الأميركي يؤدي إلى اضطرابات مالية واسعة النطاق. وقد يتسبب ذلك في تراجع أسواق الأسهم العالمية، وارتباك النظام المصرفي الدولي تتوقع مؤسسة Moody’s Analytics أنه في حال حصول هذا الاضطراب، تنخفض أسعار الأسهم بمقدار الخمس تقريبًا وينكمش الاقتصاد بأكثر من 4%، ما يؤدي إلى فقدان أكثر من 7 ملايين وظيفة.
3. توقف الخدمات الحكومية: في حال عجزت الحكومة الفيدرالية عن الحصول على تمويل إضافي، فقد تضطر إلى تعليق تمويل العديد من البرامج والخدمات الحكومية. ويشمل ذلك توقف الرواتب للموظفين الحكوميين، وتعليق المساعدات الاجتماعية، وتأخير سداد الفوائد المستحقة على السندات.
4. التأثير على حياة الأفراد: قد يؤدي التخلف عن السداد إلى تراجع الثقة بالاقتصاد، ما يؤثر على الأفراد من خلال ارتفاع معدلات الفائدة على القروض الشخصية والرهن العقاري، وهذا يجعل اقتراض المال لشراء منزل أو سيارة أكثر تكلفة، ويزيد من التقلبات في أسواق الأسهم، ويساهم في زيادة البطالة بسبب الركود الاقتصادي المتوقع.
ليست أول مرة
يذكر أنّ الولايات المتحدة دخلت لفترة وجيزة في التخلف عن السداد في عام 1979، والذي ألقت وزارة الخزانة باللوم فيه على مشكلة معالجة شيكات عرضية، لكن التخلف عن السداد المتعمّد يسبب صدمة للنظام المالي، حيث يتم تداول أكثر من 500 مليار دولار من الديون الأميركية في كل يوم.
وفي العام الفائت، كاد سيناريو التخلّف عن سداد الديون يتكرر، قبل أيام من بدء نفاد أموال الحكومة الأميركية، بتاريخ 2 حزيران (يونيو) 2023، ليوافق الكونغرس الأميركي في اللحظات الأخيرة على صفقة لرفع حد الاقتراض في البلاد.
حينها، توصل الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس مجلس النواب الجمهوري كيفين مكارثي إلى اتفاق بعد أسابيع من مفاوضات الميزانية عالية المخاطر لمنع الفوضى المالية العالمية.
أمّا اليوم، فهناك نقاشات حول ما إذا كان بإمكان الحكومة الأميركية إعطاء الأولوية لمدفوعات الفائدة لتجنب التخلف عن سداد الديون.
لكن احترام الالتزامات تجاه مالكي الديون الأميركية، والتي تشمل الشركات المالية وصناديق التقاعد والمستثمرين الأجانب، بينما لا يدفع للمتقاعدين وغيرهم، أم يصعب ترويجه سياسياً. فهل تتجه أميركا إلى رفع سقف دينها مرّة جديدة، على الرغم من التحذيرات المتتالية التي أطلقها صندوق النقد الدولي؟