تحليل السياسات

الإيديولوجيا… السلاح الأمضى

كتبت في نبيلة عواد "نداء الوطن"

نشأ “حزب اللّه” في الثمانينات كمقاومة مسلّحة ضدّ العدوّ الإسرائيلي ولم يخف يوماً ولاءه وانتماءه لولاية الفقيه وللمشروع الإيراني في المنطقة. وظهر ذلك علناً في “الرسالة المفتوحة إلى المستضعفين” عام 1985 التي جاهر فيها علناً بركائز هذه المجموعة المسلّحة ومعتقداتها.

انخرط “الحزب” لاحقاً في العمل السياسي في مجلس النوّاب، ثمّ في مجلس الوزراء بعد خروج الجيش السوري من لبنان عام 2005. ومع العدوان الإسرائيلي على لبنان والضربات الموجعة التي تلقّاها “الحزب” في الفترة الأخيرة، كثرت دعوات خصومه إلى تطبيق القرارات الدولية وتسليم السلاح إلى الجيش اللبناني، والعودة إلى كنف الدولة، وممارسة العمل السياسي الديمقراطي كباقي الأحزاب. ولكن، هل ينتهي مشروع “حزب اللّه” العابر للحدود اللبنانية والذي لا يعترف أصلاً بالكيان اللبناني؟ هل ينتهي مع تسليم سلاحه؟

كلّا… إنّ بناء دولة ديمقراطية يقوم على انتخابات نزيهة، يصل من خلالها إلى السلطة فريق يحصل على الأكثرية وينفّذ مشروعه، وفريق آخر يجلس في صفوف المعارضة ليراقب ويحاسب. لكن ماذا لو سلّم “الحزب” سلاحه، وتمسّك بإيديولوجيته، ووصل إلى السلطة ونفّذ مشروعه الذي بحسب الوثيقة: “لا نخفي التزامنا بحكم الإسلام وندعو الجميع إلى اختيار النظام الإسلامي الذي يكفل وحده العدل والكرامة للجميع ويمنع وحده أي محاولة للتسلّل الاستعماري إلى بلادنا من جديد”.

إنّ الوثيقة السياسيّة التي أعلنها “حزب اللّه” عام 2009، لم تُناقض رسالة عام 1985 والاختلاف بين الوثيقتين كان في استعمال المفردات والتعابير. أمّا المضمون، فذكر الأفكار والعقائد والمبادئ نفسها وبالتالي إنّ الوثيقة السياسية رسمت مسار وتوجّه أداء “الحزب” السياسي وانخراطه في الحياة السياسية إلى حين الوصول إلى الشروط التاريخية والاجتماعية التي تسمح بقيام الدولة الإسلامية في لبنان التي هي المشروع الأوّل لـ “حزب اللّه”.

إنّ لبننة “الحزب” تُعدّ مسألة حزبية داخلية بحت، وليس السلاح اليوم إلّا وسيلة للقوّة والتخويف بهدف فرض الإيديولوجية الإيرانية الملتصقة بعقائد دينية، بعدما أثبت هذا السلاح فشله في محاربة إسرائيل وحماية لبنان وردع العدوان. وبالتالي ما هو الأقوى اليوم؟ السلاح أم الإيديولوجيا؟ وفي حال تخلّصنا من السلاح، ماذا نفعل بالإيديولوجيا؟ وهل فعلاً يمكن الفصل بين “حزب اللّه” العسكري والسياسي؟ وهل باستطاعته المساهمة بقيام دولة المؤسسات في لبنان، وهو الذي لا يعترف أصلاً باستقلالية الكيان اللبناني؟ وهل يكون عام 2025 هو نقطة التحوّل بين “حزب اللّه” الإيراني و”حزب اللّه” اللبناني؟ أسئلة مشروعة لا يحمل أجوبتها إلّا “الحزب”. فليجلس الأخير مع المكوّنات اللبنانية الأخرى ولتُعرض الهواجس والمخاوف والنوايا، إذ لا مجال للتقيّة اليوم، ولتحصل مصارحة بين اللبنانيين للمرّة الأولى… وإلّا فشعار بناء الدولة ساقط!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى