إسرائيل تقول إنها تسعى لقطع كامل طرق الإمداد التي يعتمد عليها “حزب الله” للحصول على الأسلحة والذخائر من سوريا (أ ف ب)
ملخص
الضربات الإسرائيلية تهدف إلى تعطيل شبكات التهريب وخطوط الإمداد التي بناها الحزب بالتعاون مع النظام السوري على مدى سنوات، ما يعقد المشهد. بالمقابل، يسعى النظام السوري إلى موازنة علاقته مع إيران ومصالحه مع القوى الدولية. لا تزال قدرات حزب الله على التأقلم واستمرار الإمدادات تمثل تحدياً أمام جهود الحصار، فيما تبقى خيارات الأسد مرهونة بالتطورات الإقليمية والدولية.
تشكل سوريا حلقة وصل حيوية في شبكة التحالف الإقليمي الذي تقوده إيران، حيث تعد بوابة المرور الرئيسة لنقل السلاح والذخيرة إلى “حزب الله” في لبنان، من ضمن ما يسمى “الممر البري الاستراتيجي” الذي يربط كلاً من طهران وبغداد وصولاً إلى دمشق وبيروت، الأمر الذي يجعل دورها كبيراً في انخراطها بتسوية إقليمية – دولية لمحاصرة “حزب الله” ودفع النفوذ الإيراني للتراجع، إلا أن تحقيق هذا الدور يعتمد على قدرة نظام دمشق على موازنة الضغوط الإيرانية مع الإغراءات الدولية بانخراط أكبر في المحيط العربي والدولي.
ومحاولات الفصل بين “حزب الله” وسوريا ليست قضية جديدة، إذ ينص القرار الدولي 1680 الصادر في 18 مايو (أيار) 2006، على دعوة حكومتي سوريا ولبنان على ترسيم الحدود بين البلدين وتحديد المناطق التي تعد فيها الحدود غير مؤكدة أو محل نزاع (في إشارة لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا)، واتخاذ إجراءات ضد عمليات نقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان (في إشارة إلى “حزب الله”)، وكذلك قانون قيصر الذي أقره الكونغرس الأميركي عام 2020، له أبعاد مرتبطة بحظر جميع أنواع التعاملات مع النظام في سوريا، واعتبره حينها “حزب الله” أنه محاولة لعزل سوريا عن محيطها ولا سيما لبنان.
“شرايين الحياة”
ومنذ بدء العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان، كثفت إسرائيل غاراتها الجوية على سوريا، مستهدفة تدمير إمدادات أساسية من الأسلحة التي تصل إلى “حزب الله” من إيران. وقد أوضح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، هذه المهمة، متعهداً بقطع ما سماه “شرايين الحياة” التي تمر عبرها الأسلحة إلى “الحزب” عبر سوريا، لمنع إعادة تسليحه. وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، استهدفت القوات الإسرائيلية، معابر حدودية رئيسة، من بينها معبرا المصنع، جديدة يابوس، وجوسية، والقاع، وعشرات المعابر غير الشرعية بين البلدين، ما أسفر عن إغلاقها وتعطيل حركة السفر بشكل كبير.
كما أعلن الجيش الإسرائيلي عن قصف نفق يمتد بطول 3.5 كيلومتر تحت الحدود التي تربط سوريا مع لبنان وطولها 373 كيلومتراً، بزعم أن “حزب الله” يستخدمه لنقل وتخزين الأسلحة التي يتلقاها من إيران، وكذلك مستودعات الأسلحة وقوافل الإمدادات والبنية التحتية الاستراتيجية، إضافة إلى عناصر وكوادر حزبية تلعب دوراً حاسماً في نقل الأسلحة عبر الحدود السورية، ضمن تحد معقد لمواجهة شبكة سرية تتضمن مواقع التخزين وممرات التهريب وخطوط الإمداد المحصنة، التي عمل “حزب الله” على إنشائها على مدى أكثر من 20 سنة ولا سيما خلال فترة الحرب في سوريا.
النأي بالنفس
وليس واضحاً مدى استعداد رئيس النظام السوري بشار الأسد الانخراط في توافق دولي لمحاصرة “حزب الله”، فيما يحاول الحفاظ على درجة من النأي بالنفس عن المواجهات المباشرة مع إسرائيل، ومن دون تحد لإيران و”حزب الله” عبر حظر شحنات الأسلحة وقطع خطوط إمداد “الحزب”.
إلا أن مصادر دبلوماسية غربية، تشير إلى أن الأسد ينتظر تطورات العملية العسكرية في لبنان وإمكانية الإجهاز على الحزب قبل حسم موقفه النهائي، حيث ستلعب دمشق حينها الدور الأساس في منع انتقال السلاح والمسلحين إلى لبنان وفق اتفاق يجري ترتيب بنوده بين الدول الكبرى يتضمن ضبط الحدود مع لبنان بالكامل ونشر الجيش اللبناني من الجهة المقابلة.