تباينات اميركية فرنسية واضحة حول لبنان والملف الرئاسي مع دعوة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى انتخاب رئيس للجمهورية في جلسة 9 كانون الثاني، قابلها موقف مناقض لموفد الرئيس ترامب الى الشرق الاوسط مسعد بولس في حديث الى مجلة لوبوان الفرنسية، دعا فيه الى عدم التسرع في انتخاب احد مهما كانت الطريقة، معتبرا انه، بامكان اللبنانيين الانتظار شهرين او ثلاثة أشهر اخرى لتصحيح الامور في اطار اتفاق دولي شامل، وشدد على ان اتفاق وقف اطلاق النار لا يشمل جنوب الليطاني فقط بل كل لبنان، وعلى الجيش اللبناني نزع سلاح حزب الله، كما تحدث عن مواصفات الرئيس في كيفية بناء الدولة.
. التباين في الموقفين الاميركي والفرنسي حول الرئاسة، قد يفرمل الجهود الداخلية في أخطر مرحلة تعيشها المنطقة ولبنان، على وقع التطورات السورية ووصول المسلحين الى مشارف الحدود اللبنانية. هذا المنحى قد يؤدي الى تعميم الفوضى في سوريا وعودة الامور الى عامي 2011 و 2015، وانتقال الفوضى الى بعض المناطق اللبنانية اذا سقطت حماة وحمص ووصلت هيئة تحرير الشام بقيادة ابو محمد الجولاني إلى جرود عرسال ووادي خالد ؟ والسؤال ايضا: ماذا لو تحرك المسلحون في ريف دمشق والمناطق القريبة من القلمون اللبناني؟ هذه الأسئلة كانت مثار قلق لبناني سوري استدعت اتصالات عاجلة بين البلدين على أعلى المستويات السياسية والامنية وامتدت لتشمل دولا عربية وتم الاتفاق على عقد اجتماع للجامعة العربية على مستوى مندوبين، فيما تابعت قيادة الجيش مسار التطورات العسكرية بدقة في حمص وحماة، وربما تفرض التطورات نشر مزيد من وحدات الجيش اللبناني في جرود عرسال لمنع اي توغلات لفئات من المسلحين التابعين للقاعدة، وذكرت رويترز نشوب معارك عنيفة بين المسلحين على مناطق النفوذ.
وفي المعلومات المؤكدة، ان واشنطن واسرائيل تدعمان نشر الفوضى في سوريا وتغطيان الهجوم التركي، بعد رفض الرئيس السوري بشار الاسد العرض الاسرائيلي الذي نقلته روسيا، ويتضمن اتخاذ اجراءات عملية لمنع وصول الامدادات العسكرية لحزب الله من طهران الى بعلبك وبيروت. وحسب المعلومات، ان المشكلة الكبرى عند نتنياهو وكل القادة الاسرائيليين تبقى طريق طهران بغداد ـ دمشق بيروت، وكيف يمكن قطعها ووقف وصول السلاح الى المقاومة؟ وبنظر الاسرائيليين، انه ما دام خط الإمداد مفتوحا فان المقاومة عوضت ما خسرته من اسلحة ثقيلة وخفيفة وراجمات صواريخ، وتحديدا خلال المعارك البرية قبل وقف النار. ويعتقد الاسرائيليون، انه ما دامت الطريق مفتوحة من المستحيل القضاء على حزب الله وادخاله في اللعبة السياسية الداخلية، ولذلك فان المشكلة تكمن في سوريا.
وفي المعلومات، ان الروس نقلوا كل ما طرحه الاسرائيليون الى الرئيس بشار الاسد، كما طلب الاسرائيليون من الروس التدخل والضغط على سوريا لاتخاذ إجراءات عملية لوقف الإمدادات مقابل وعود سخية والا سيدفع الثمن، وحسب المعلومات المؤكدة، لم يتم التجاوب مع الانذار.
وحسب المعلومات، حركت اسرائيل الداخل السوري بعد وقف النار في لبنان، وتلاقت المصالح الاسرائيلية والتركية والكردية والاوكرانية على الهجوم على الجيش السوري وفرض واقع تقسيمي على الارض السورية، فاسرائيل تريد قطع طريق طهران بيروت، واردوغان يريد نفوذا وممرا إلى المتوسط لن يكون الا عبر الشمال اللبناني، واوكرانيا انخرطت في القتال لمحاربة روسيا، والاكراد لتوسيع السيطرة على مناطق النفط، ونجحت هجمات المسلحين في دفع الجيش السوري الى التراجع بشكل مخيف نتيجة عوامل كثيرة، وزار الرئيس بشار الاسد بشكل خاطف موسكو والتقى بوتين وتمت معالجة الامور، واخذ بوتين القرار بالدعم العسكري والقصف بعد المعلومات عن مشاركة الاوكرانيين في العمليات العسكرية، وبدات عودة الاسلحة الروسية المختلفة والاستراتيجية والدقيقة الى قاعدة حميميم، كما شاركت فصائل عراقية في صد هجمات قسد في دير الزور واعلنت ايران عن استعدادها لارسال مقاتلين اذا طلبت الحكومة السورية. وفي معلومات مؤكدة ان المستشارين الإيرانيين مع قوات من الحرس الثوري وصلوا الى دمشق، وتزامن كل ذلك مع ارتفاع حدة المواجهات، وتوقف تقدم المسلحين على بعد 20 كيلومترا من حماة وحمص، وفي ضوء نتائج معارك حمص وحماة سيرسم المشهد السوري الجديد وربما مشهد المنطقة برمته، والانظار موجهة نحو الاجتماع الرباعي في الدوحة في حضور ايران وروسيا وتركيا.
وتخوفت قيادات لبنانية سياسية وعسكرية من هذه التطورات، وابدت خشيتها من المتغيرات القريبة من الحدود اللبنانية اذا تمكن المسلحون من الوصول إلى جرود عرسال والمناطق المتاخمة للبيئة الشيعية، وهذا ما تريده اسرائيل من خلال العودة الى تاجيج الصراعات المذهبية التي سقطت جراء وحدة الساحات بين حزب الله وحماس. ويدعو قيادي بارز الى قراءة التطورات السورية بدقة بالغة، وضرورة تحصين الساحة الداخلية والتعالي عن الحساسيات، وانتخاب رئيس للجمهورية في 9 كانون الثاني تحت سقف معادلة لا غالب ولا مغلوب، على ان تشمل الحلول رئاسة الحكومة التي باتت محسومة للرئيس نجيب ميقاتي الذي نجح في أصعب ظرف عاشه لبنان وتشكيلها سريعا، وكما قال النائب فيصل كرامي «لا يمكن ان يستقر لبنان، وسوريا تعيش ظروفا صعبة».
ويعول القيادي البارز على تحركات الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في ظل خطوطه المفتوحة مع الجميع وقدرته على الوصول الى توافق على المرحلة المقبلة وانضاج الظروف لانتخاب الرئيس من خلال التنسيق مع الرئيس بري وعلاقاته الجيدة مع الدكتور سمير جعجع وجبران باسيل وسامي الجميل والتغييريين لتقريب المسافات وانتخاب رئيس بصناعة لبنانية دون عزل لاي طرف، وفي الوقت نفسه عدم استفزاز الخارج، وهذا يتطلب تنازلا متبادلا من الجميع، علما ان الرئيس القادم سيكون من بين الاسماء المتداولة، لكن الصورة الداخلية ما زالت ضبابية جدا في ظل الموقف الأميركي
ويضيف القيادي البارز، ان الاطراف الأساسية ما زالت تحاذر الدخول في لعبة الاسماء وكشف أوراقها المستورة بانتظار الخارج. ويؤكد، ان لعبة التسريبات ليست الا محاولات لحرق الاسماء وهذه اللعبة يمارسها الجميع حاليا، وتحديدا القوى المسيحية في ظل حرص كل قيادي مسيحي ان يكون «صانع الرئيس».
الديار