
كتبت نجوى أبي حيدر في المركزية:
لم يفاجئ موقف زعيم تيار المردة سليمان فرنجيه في اطلالته المسائية اللبنانيين، لا سيما من قرأوا جيدا في مواقف قادة محور الممانعة وحلفائهم المؤيدين للنظام السوري الساقط. مجمل هؤلاء ما زالوا يعيشون حال انكار، ليس لعدم معرفتهم حجم الضربة القاضية التي تلقوها في حرب اسرائيل على حزب الله وما اعقبها من انهيار نظام بشار الاسد الحليف والسند الاساس، بل ليقينهم ان بيئتهم وناسهم وشعبية الحزب المدَمَرة نفسيا بفعل ما اصابها من خسائر بشرية واقتصادية ومادية في الحرب، لا تحتمل نفسياً ،فوق مُصابِها، اعلان هزيمة على هذا المستوى دفعة واحدة، انما تتطلب تدريجها وتقطيرها على دفعات لاستيعاب حجم الانهيار المُدَوي بعد صدمة اغتيال قائدها الرمز، وانتهاء زمن فائض القوة، بما أمَن لها من فوقية مورِست على الدولة وسائر اللبنانيين المناهضين للمحور.
ومقابل عدم سحب ترشيحه، الذي كان متوقعا، كون فرنجيه اعلن بنفسه من بكركي ان يحق له الترشح ما دام يمثل خطا سياسيا له امتداداته الاقليمية وهو رابح، ولأن الخط هذا خسر اليوم، ونسبة لواقعيته ، فتح بمواقفه امس الباب واسعا على مرشحين آخرين، مذكّراً بطرحه “سلَّة أسماء إلى رئاسة الجمهورية”، من دون ان يسمي احدا، وقال: “لن ندخل بالأسماء الآن، ولكنَّ تركيزنا هو على معايير الرئيس العتيد الذي حدد مواصفاته بـ” رئيس على قدر المرحلة، وإلا لن نشارك في إيصال رئيس لا يملأ الموقع المسيحي الأول و”نبقى برّا أشرفلنا”
ووقت تتدحرج كرة ثلج مؤيدي قائد الجيش العماد جوزف عون بقوة، قد لا يكون فرنجية بعيدا من هذا الخيار، اذ ان الرجل بنفسه كان أسّرَ لرئيس مجلس النواب نبيه بري في اعقاب انتهاء القطيعة مع القائد خلال عشاء اليرزة الشهير الذي جمعهما منذ عام انه ،إن تنازل عن ترشحه فلقائد الجيش، علما ان العلاقة منذ ذلك الحين جيدة جدا بين بنشعي واليرزة وتتسم بالاحترام والتفاهم المتبادل.
ولأن فرنجية اراد تطبيع العلاقة مع العماد عون العام الماضي بعد فترة فتور ، بتلبية دعوته للعشاء، لقناعته بأنه منافسه الجدي الوحيد للرئاسة ولإيصال رسالة بأنه يمكن التنافس ديمقراطياً والحفاظ على علاقات جيدة، وكون حظوظ فرنجية الرئاسية انخفضت الى الحدّ الادنى راهناً، فالمنطقي والمتوقع ان ينضم الى فريق متبنيّ القائد رئاسياً، حينما تدق الساعة وتنضج ظروف الانسحاب من حلبة السباق الرئاسي.