تحليل السياسات

الرئيس اللبناني يدعو للترفع عن الصغائر ليتم تأليف الحكومة… وبن فرحان إلى بيروت

سعد الياس «القدس العربي»:

بقي موقف الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام في قصر بعبدا محور قراءة لدرس أسبابه ومَن هي الجهات التي ترفع من سقف مطالبها وشروطها، في وقت ينتظر لبنان في الساعات المقبلة وصول وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بن عبد الله آل سعود في أول زيارة من نوعها لمسؤول سعودي منذ 15 سنة، وهو اعتبر في تصريح قبل مجيئه «أن انتخاب رئيس للبنان بعد فراغ طويل أمر إيجابي للغاية».
وإذا كان الرئيس المكلف رأى أن أي حقيبة ليست حكراً على طائفة أو ممنوعة عليها، في ردّه على المعلومات عن منح حقيبة المال للثنائي الشيعي، فقد استمرت الأصوات المعترضة على هذا التوجه الذي يخالف في رأي البعض آمال اللبنانيين بمناخ تغييري وإصلاحي. وهذا ما دفع بالرئيس المكلف إلى التوضيح أنه لم يلتزم إعطاء أي حقيبة لأحد وأنه يتواصل ويتشاور مع الكتل لكنه ليس صندوق بريد وهو مَن يشكل الحكومة.
وتعكس زيارة الوزير السعودي التحولات السياسية الهائلة في لبنان منذ الضربات القوية التي وجهتها إسرائيل لحزب الله المدعوم من إيران في الحرب التي دارت بينهما العام الماضي، ومنذ أطاحت المعارضة المسلحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول. ومن المتوقع أن يلتقي الأمير فيصل بالرئيس اللبناني الجديد جوزف عون ورئيس الوزراء المكلف نواف سلام. وتولى عون وسلام منصبيهما هذا الشهر، مما يمثل بداية لمرحلة جديدة في بلد غارق في أزمة مالية منذ عام 2019 ويواجه الآن فاتورة إعادة إعمار بمليارات الدولارات.

اتهامات متبادلة

وبعد موقف سلام، لفت أن فريق «الممانعة» حمّل القوى المسيحية وخصوصاً «القوات» اللبنانية و»التيار الوطني الحر» إضافة إلى بعض النواب السنّة مسؤولية مقاومة طلبات الثنائي «حزب الله» و»حركة أمل» والتعبير عن امتعاض من طريقة عمل الرئيس المكلف وكيفية توزيع الحصص على الكتل خلافاً للدعاية التي تحاول تصوير الثنائي الشيعي كطرف معرقل لتأليف الحكومة.
وردّت القوات اللبنانية على هذا الاتهام، وجاء في بيان للدائرة الإعلامية ما يلي: «عشية كل استحقاق تعود «حليمة إلى عادتها القديمة»، وحليمة هي الممانعة، وعاداتها القديمة، هي التعطيل والعرقلة واتهام الآخرين زورًا بما تمتهنه وتقوم به. فالتعطيل الرئاسي لم يمرّ عليه الزمن بعد، حيث أقفلت مجلس النواب لأكثر من سنتين وشهرين ورمت الشغور عند المسيحيين وعدم اتفاقهم برغم تقاطع أكثريتهم الساحقة وقتذاك على مرشح، وبرغم مطالبات هذه الأكثرية الساحقة بجلسة مفتوحة بدورات متتالية، ولكن لا حياة لمن تنادي: تعطيل مكشوف وترويج ممجوج. ومناسبة هذا الكلام محاولة الممانعة تكرار الشيء نفسه في التأليف، إن بالعرقلة أو برمي تهمة العرقلة على المسيحيين في محاولة لإثارة الغبار السياسي لتغطية وضعها للعصي في دواليب التأليف، وهذا ما يستدعي التأكيد على النقاط الآتية:
• أولاً، التعطيل هو نهج تعتمده الممانعة سعيًا إلى انتزاع المكاسب مقابل التراجع عنه، ولم يعد هذا الأسلوب ينطلي على أحد.

«الممانعة» تحمّل قوى مسيحية وسنية مسؤولية العرقلة و«القوات» تنفي

• ثانياً، مَن عطّل الانتخابات الرئاسية، ومَن «حرد» من نتائج استشارات التكليف فقاطع استشارات التأليف، يواصل سياسة التعطيل نفسها.
• ثالثًا، من الضروري أن تتّعظ الممانعة بأن سياسة التعطيل والابتزاز سقطت هذه المرة في انتخاب رئيس الجمهورية وفي تكليف رئيس الحكومة، وما ينطبق على سقوطها في الانتخاب والتكليف سينسحب على التأليف، لأن قطار الدولة انطلق ولا إمكانية للعودة إلى السياسات الماضوية.
• رابعًا، لو كان هناك من مشكلة لدى الكتل المسيحية لكانت عبرّت عنها بمواقف واضحة وجلية، ولكن لم يصدر عن هذه الكتل اي مواقف معترضة حتى الآن.
• خامسًا، إن الذي يؤخِّر المسار التأليفي يكمن في محاولة الفريق الممانع فرض أسماء معينة لحقائب معينة، كما محاولة إلزام رئيس الحكومة بسياسة معينة للحكومة وتضمينها في البيان الوزاري، الأمر الذي ترفضه جميع القوى السياسية التي تتعامل مع تأليف الحكومة كاستكمال لخطوتي الانتخاب والتكليف بهدف الانطلاق بمشروع الدولة نحو المستقبل وقطع الطريق نهائياً على مشروع الدويلة».
وعبّر عضو «تكتل الاعتدال الوطني» النائب وليد البعريني على منصة «إكس» عن عدم رضاه على طريقة تمثيل الكتل، وكتب: «إما أن تتمثل القوى السياسية كافة في الحكومة ضمن معايير واضحة، أو نخرج جميعًا وعندها يشكّل الرئيس المكلف حكومة تكنوقراط صافية لا علاقة للقوى السياسية بها، ونحن أول من يمنحها الثقة». أما الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» التي اجتمعت برئاسة النائب جبران باسيل فبحثت في استحقاق تشكيل الحكومة، وناقشت مسألة مشاركة التيار من جميع جوانبها، وأكدت في بيان «على استعداده لتقديم كل التسهيلات الممكنة من أجل قيام حكومة إصلاحيين ببرنامج إصلاحي وسيادي واضح». وأكدت الهيئة السياسية «أن ألف باء الإصلاح وباب نجاح التشكيلة الحكومية هو الالتزام بوحدة المبادئ والأسس لتأليفها، فلا يكون أي تمييز أو تفضيل بين المكوّنات، بل عدالة بالمعايير بين القوى السياسية والنيابية بحجم تمثيلها الشعبي وقدراتها التنفيذية والاصلاحية».
وأعربت «عن الأمل في أن تتشكل الحكومة ضمن مهلة زمنية معقولة وأن تحدث بوزرائها وبيانها وبرنامجها الفعلي صدمة إيجابية ينتظرها اللبنانيون جميعاً». وفي المواقف، لفت النائب زياد الحواط إلى أنه «على الرغم من تقديرنا لرئيس الجمهورية والرئيس المكلف ورغبة كل منهما في إحداث التغيير، إلا أن ممارسات البعض بفرض الحقائب والأسماء يدل على «أن زمن الأول بعدو ما تحوّل». وأضاف «احترام الدستور والتقيّد به واجب وضرورة للانتقال إلى ما ينقذ لبنان ويتمناه شعبه»، وختم «شكّلوا حكومة بحجم آمال وتطلعات اللبنانيين تنقذ لبنان وتعيد الثقة بمؤسساته الرسمية».
وفي ضوء كل هذه المواقف، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون «ضرورة «الترفع عن كافة الصغائر كي يتم تأليف الحكومة لتنطلق عجلة العمل»، معتبراً أن «من أهم أهداف الاستعجال بتشكيلها هو الإسراع في إعادة إعمار المناطق التي تضررت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة».

نسف منازل

وقبل أيام من انتهاء مهلة الـ 60 يومًا لوقف إطلاق النار، شنّت مسيّرة إسرائيلية غارة بين وادي خنسة والمجيدية في قضاء حاصبيا، تزامناً مع توغل قوة إسرائيلية في بلدة الطيبة باتجاه دير سريان وتنفيذ عمليات تفجير بين مركبا ورب ثلاثين في محيط جبل وردة إضافة إلى نسف وتفجير قوات الاحتلال لعدد من المنازل في بلدة عيتا الشعب وأطراف بلدة حانين في قضاء بنت جبيل.
ونفّذ جيش الاحتلال أيضاً ثلاثة تفجيرات في القطاع الشرقي، الاول عند أطراف حولا لجهة وادي السلوقي والثاني في بلدة مركبا والثالث في بلدة الطيبة. إلى ذلك، أنهت اسرائيل بناء الجدار الاسمنتي بين لبنان وفلسطين المحتلة على طول الخط الأزرق من يارين إلى الضهيرة.

انتشار الجيش اللبناني

في المقابل، أنجز الجيش اللبناني انتشاره في منطقة العرقوب بالتنسيق مع قوات «اليونيفيل» بحيث تمركزت عدة آليات مدرعة ودبابات في مرتفعات بلدة كفرشوبا وصولاً حتى بركة بعثائيل، كما شمل الانتشار بلدات كفرحمام وراشيا الفخار. وسبق ذلك انتشار للجيش في الطرف الشرقي لبلدة شبعا، واستقبل اهالي كفرشوبا الجيش بالزغاريد والارز.
كذلك، سمح الجيش اللبناني لعدد من أهالي البياضة وشمع وعلما الشعب والناقورة بزيارة بلداتهم.
في غضون ذلك، حضر الوضع في الجنوب ومراحل تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار في الزيارة التي قام بها رئيس لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار الجنرال الأمريكي جاسبر جيفرز والجنرال الفرنسي غيوم بونشان إلى قائد الجيش بالنيابة اللواء الركن حسان عوده في مكتبه في اليرزة.
وفي خطوة داعمة للجيش اللبناني، قرّر المجلس الأوروبي في إطار آلية السلام الأوروبية تقديم مساعدات بقيمة 60 مليون يورو لصالح الجيش. ويساهم هذا التدبير حسب بيان «في تعزيز قدرات الجيش اللبناني لتمكينه بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي 1701 من إعادة الانتشار وتأمين الاستقرار في قطاع جنوب الليطاني والحفاظ عليه. كما سيساهم هذا التدبير في حماية السكان المدنيين في المنطقة. وسيعمل على تعزيز القدرات العملياتية للجيش اللبناني وفعاليتها للمساهمة في الأمن والاستقرار الوطنيين والإقليميين، وتالياً السماح للمدنيين النازحين على الجانبين بالعودة إلى ديارهم».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى