تحليل السياسات

حلحلة في ملف مطار “رينيه معوّض” تُسقط ذرائع تعطيله!

إسراء ديب _"لبنان الكبير"

لم تكن الأحداث “المشاغبة” التي وقعت على طريق المطار (من قطع طرقات واحتجاجات) واتخذت صفة حزبية وعقائدية منذ أيّام، المحرّك الأساسيّ لمطالبة أهالي الشمال بإعادة افتتاح مطار الرّئيس الشهيد رينيه معوّض في القليعات – عكار، فهم يطالبون منذ أعوام بتشغيل مطارهم، وكانوا يعرفون جيّدًا أنّ العائق الرّئيسي الذي يحول دون ذلك، يكمن في وجود رفض سياسيّ لهذه الغاية التي على ما يبدو أنّها عادت إلى الواجهة من جديد بدعمٍ رسميّ مع تشكيل الحكومة الجديدة التي “وُلدت” من رحم التقلّبات الاقليمية الأخيرة.

وبعد تحرّكات نيابية استهدفت باقتراحاتها القانونية التي تبنّاها بعض الكتل السياسية مثل كتلة “تجدّد” أو تكتل “الاعتدال الوطنيّ”، تأهيل هذا المطار العسكري- المدنيّ وتجهيزه، والذي لعب دوراً تاريخياً داخلياً وعربياً مميزاً، وعمل حتّى في حرب “الإلغاء”، ينتظر آلاف الشماليين اليوم، القرار الذي يضمن إعادة تشغيله لتأمين سلامة الطيران وتحقيق الإنماء المتوازن لعكّار، خصوصاً مع إقرار مسودّة البيان الوزاري الدّاعمة لتشغيل المطار وغيره من المرافق الحيوية الشماليّة كمرفأ طرابلس، والمنطقة الاقتصادية الخاصّة.

ولا يُخفي أبناء الشمال، أنّ الوضع السياسيّ (لا سيما بعد الحرب التي جدّدت المطلب عيْنه)، بات جاهزاً وأكثر ليونة لإطلاق العمل في المطار، وأنّ الظروف السياسية التي تشهد “تقهقر” بعض الأحزاب تُسهم أكثر في دفع المزيد من المساعدات والمساهمات الاقتصادية خصوصاً العربية منها إليه، فتفتح الطريق أمام الحكومة الجديدة للعمل، خلافاً للطريق التي قُطعت عمداً أمام الحكومات المتعاقبة منها وبعهود رئاسية شهدت على وصاية سورية وإيرانية.

رئيس لجنة متابعة تشغيل مطار رينيه معوض “القليْعات” حامد زكريا يُوكّد في حديثٍ لـ “لبنان الكبير” أنّ ملف المطار مقبل على حلحلة وانفراج واضحيْن “لا سيما مع سقوط ذرائع الفريق المعطّل أو حججه، وتراجع الاحتلال السوريّ والإيرانيّ الذي عطّل كلّ الحقوق العكّارية”.

ويستذْكر زكريا أبرز العراقيل التي واجهتها المطالبة بتشغيل المطار، قائلاً: “بشهادةٍ من المدير العام السابق للطيران المدني الدّكتور حمدي شوق، وبعدما كلفه العام 2000 الرّئيس الشهيد رفيق الحريري بمتابعة ملف المطار شمالاً ودراسته، ونظراً الى قرب المطار من الحدود، فإنّ التفاهم مع سوريا كان ضرورياً لتنظيم حركة الطيران، (لأنّ البلديْن عضوان في منظمة الطيران المدني الدّولي” إيكاو”)، والتقى شوق بوزارة النّقل السورية التي لم تُمانع حينها وجود الطيران المنخفض، ونتوقّع أنّ سوريا الجديدة وبإدارة أحمد الشرع لن تُعارض تشغيل المطار، ما ينفي حجّة رفض سوريا العمل فيه”.

أمّا الذريعة الثانية التي “يتحجّجون بها”، فتكمن في تخوّف الممانعين من تحويل المطار إلى قاعدة “متطرّفة”، لتستخدمها المجموعات الدّاعشية وغيرها، وهذا ما يدفع زكريا إلى التساؤل: “لماذا لم يحتلّ تنظيم فتح الإسلام أو الشيطان إذا صحّ التعبير في العام 2007 المطار على الرّغم من قربه منه؟ لكنّ الحجّة واهية للعرقلة فقط”.

فيما يُركّز العائق الثالث على الحجّة المالية التي اكتُشفت حلولها، “اذ تحدّثوا عن وصول تكلفة المطار إلى مليار دولار، وهي تكلفة ضخمة تعجز عنها الدّولة، لكن حين تغيب هذه الأموال عن الخزينة، هناك طريقة أخرى عبر نظام الـ B.O.T، وبعد دراسة أُجريت عن استثمار المطار ونشرتها في العام 2011 المؤسسة اللبنانية للاستثمار (تابعة للدّولة)، تُؤكّد أنّ تشغيل المطار يُكلّف 90 مليون دولار فقط، كان يُمكن للدّولة تلزيمه لقطاع الـ B.O.T لاستثماره، وبالتأكيد أنّ استثمار المطار يُعدّ تجارة مربحة، لأنّ الشركات الدّولية تكترث بتشغيل المطارات”.

ويضيف زكريا: “إنّ الرفض كان سياسياً وطائفياً بالدرجة الأولى لمنع التنمية، ونواب عكّار وكذلك رؤساء الحكومات يتحمّلون مسؤولية صمتهم أمام العرقلة، لكنّنا بتنا نتفاءل خيراً الآن بعد استئصال السرطان الايراني أوّلاً، وبعد إقرار مسودّة البيان الوزاريّ ثانياً، والذي يبدو جدّياً في طرحه إعادة التشغيل، مع العلم أنّها ليست المرّة الأولى التي يُطرح فيها تشغيل المطار في بيانات وزارية أخرى، وكذلك بعد تصريح وزير الأشغال العامّة والنّقل فايز رسامني لحظة التسليم والتسلّم، حين أبدى عزمه على تعيين أعضاء الهيئة النّاظمة للطيران المدني والتي لم تتفعّل لخلاف بيْن زعماء الأحزاب والطوائف على ماهية رئيس الهيئة وطائفته ثالثاً، ما يدفعنا إلى التفاؤل”.

وعن الخطوات الصحيحة لإعادة تفعيل المطار الذي تعمل اللجنة عليها منذ 14 عاماً، يُشدّد على ضرورة تنفيذ القانون رقم 481 الصادر في العام 2002، والخاصّ بإنشاء الهيئة النّاظمة للطيران المدني والذي يُعطي لهيئة الطيران الاستقلالية المالية والادارية، وهي بنفسها تتواصل مع الشركات الدّولية لتفعيل الـ B.O.T وإجراء المزايدات للحصول على أفضل الأسعار للمطار، “فليس من واجب الوزارة القيام بهذه الخطوة”.

وفي وقتٍ تحدّثت فيه معلومات صحافية عن زيارة قريبة لوفدٍ سعوديّ إلى المطار بغية دعمه، يعتبر زكريا أنّ “تشكيل الهيئة النّاظمة وطرح المزايدة وفق الأصول أمام الجميع، سيدفعان السعودية إلى عرض مساهمتها وكذلك غيرها من الدّول كالامارات أو الصين، ونذكر هنا بزيارة السفير الصيني إلى مطار القليْعات برفقة بعض المسؤولين منذ سبعة أعوام وتأكيده استعداد بلاده للعمل على بنائه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى