
انعكست برودة الطقس التي تضرب لبنان مع المنخفض الجوي «آدم» برودة على الحركة السياسية في البلاد التي يبقى حدث تشييع أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله وخلفه السيد هاشم صفي الدين في واجهة الأحداث.
وقد ترأس رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اجتماعاً امنياً لمواكبة هذا التشييع والترتيبات الأمنية المتخذة إضافة إلى الأوضاع الأمنية في الجنوب، وحضر الاجتماع وزير الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، وزير الداخلية والبلديات العميد احمد الحجار، قائد الجيش بالإنابة اللواء الركن حسان عوده، المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، المدير العام للامن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري، نائب مدير عام أمن الدولة العميد حسن شقير، مدير المخابرات العميد الركن أنطوان قهوجي والمستشار الأمني والعسكري لرئيس الجمهورية العميد أنطوان منصور، وتقرر أن تكون الاجتماعات الأمنية دورية وعندما تقتضي الحاجة.
على خط موازٍ، عقد وزير الداخلية اجتماعاً أمنياً في الوزارة إطلع خلاله من القوى الأمنية على الإجراءات والتدابير التي ستتخذها لمناسبة التشييع، وأوضح «أن هدف هذه التدابير الأمنية هو الحفاظ على الأمن والنظام وتأمين أمن المناسبة والمشاركين فيها وأمن كل المواطنين وتسهيل حركة السير».
أما قيادة الجيش فأوقفت العمل بتراخيص التصوير بالطائرات المسيّرة «الدرون» الصادرة عن القيادة في منطقة بيروت ومحيطها اعتباراً من السادسة مساء السبت ولغاية السادسة مساء الاحد.
تزامناً، أعلنت اللجنة العليا لمراسم تشيع نصرالله وصفي الدين، «أن البرنامج الرسمي للتشييع سيبدأ عند الساعة الواحدة ظهراً، وهو مؤلف من 7 فقرات، على أن ينطلق من المدينة الرياضية إلى شارع قاسم سليماني وصولاً إلى شارع المرقد الشريف».
وأفادت بأنه «سيتم نشر شاشات لعرض المراسم في كل الطرقات، ويمكن لمن لم يصل للباحة القريبة أن يتابع عبرها». ولم تشأ اللجنة الدخول في أسماء المشاركين لكنها قالت إن رئاستي الجمهورية والمجلس النيابي أكدتا المشاركة.
حضور مشحون بالعاطفة
وأكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله «أن التحضيرات للتشييع شبه مكتملة، وأن الإجراءات المتخذة فعالة لضمان سير التشييع بشكل منظم، بغض النظر عن الظروف المناخية أو محاولات التهويل من أي طرف كان» معتبراً «أن التشييع سيكون تاريخيًا وغير مسبوق في لبنان والمنطقة العربية، من حيث الحضور الجماهيري الكبير الذي سيكون مشحوناً بالعاطفة السياسية والتعبير عن الموقف والالتزام».
وأوضح «أن شعار «إنّا على العهد» سيكون عنوان التشييع، وهو تأكيد على التزام «حزب الله» بالمبادئ التي وضعها الأمين العام للحزب السابق السيد حسن نصرالله، على مستوى لبنان والمنطقة».
وقال: «النهج الذي رسمه السيد نصر الله سيستمر، وكل الإجراءات اتُخذت لضمان أن يكون التشييع منظماً ويليق بهذين القائدين الكبيرين».
ولفت في حديث اذاعي إلى «التعاون القائم مع الأجهزة الأمنية اللبنانية، بما في ذلك الجيش وقوى الأمن الداخلي، لضمان نجاح العملية، وجميع التفاصيل المتعلقة بالتشييع قد تم إنجازها بشكل كامل لضمان مرور هذا اليوم التاريخي بسلاسة».
عون طلب من وفد الكونغرس ممارسة ضغط على إسرائيل لاستكمال انسحابها من النقاط الخمس
وأكد فضل الله «أن صفحة السيد نصر الله لا تطوى» وأن «الحزب سيواصل السير على نهجه ووصاياه التي وضعها لا سيما وأن «حزب الله» هو حزب ذو قيادة جماعية، حيث أن الأشخاص في الحزب لهم تأثير ودور، لكنه لا يتوقف على حياة هؤلاء الأشخاص، وهذا ما رسمه السيد نصر الله بنفسه». ورأى «أن الحزب استطاع ترميم الخسائر التي لحقت به على الصعيدين التنظيمي والميداني، وأعاد بناء هيكليته القيادية بشكل يتناسب مع حجمه ومتطلبات المرحلة المقبلة، كما أن جمهوره أصبح أكثر ارتباطاً به من أي وقت مضى، وهو ما تجلى في التوافد الكبير للأهالي إلى قراهم بعد وقف إطلاق النار، حيث تحدوا آلة الحرب الإسرائيلية».
أما على الصعيد السياسي الداخلي، فقال فضل الله «إن «حزب الله» لا يزال حاضرًا وقويًا في المشهد السياسي، رغم التغيرات في التوازنات السياسية المحلية».
نجل «السيد» محمد مهدي
ولفت تصريح لنجل أمين عام «حزب الله» الشهيد السيد حسن نصرالله، محمد مهدي في فيديو حديث له، يتوجه فيه لمن لن يشاركوا في تشييع والده.
وقال في فيديو حديث له انتشر عبر مجموعات موالية للحزب مساء الخميس إن «الأعداء تكالبوا علينا سعياً منهم لمنع حصول التشييع بكل الوسائل» مضيفًا: «من بذل الجهد والوقت لأجلنا ليس بقليل عليه أن نبذل الجهد والوقت ولو القليل من أجله».
وأضاف «لمن يتوجه إلى التشييع أقول لكم أنتم أهل الوفاء، أما من يستطيع أن يشارك ولن يشارك، ويتحجج بحجج واهية، مثل الإزدحام، مثل «انو التشييع ما رح يوقف عليي» مثل الأمطار أقول له كلمة واحدة فقط، هذا السيد وقف بوجه العواصف العاتية لعشرات السنوات، وقف تحت الأمطار من أطنان المتفجرات كرمالك».
واكد على أن يوم «الأحد ليس مشاركة في التشييع، هو إعطاء موقف، تجديد العهد بـ«لبيك يا نصرالله». وختم قائلا: «كل حدا كان يقول فداك نفسي وولادي وعيلتي يا سيد، عليه أن يترجم الأحد هذه المحبة، وإن الأحد لناظره قريب».
قائد أكبر مقاومة
وأكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان «أن لبنان والعالم العربي والإسلامي وكل حرّ وشريف في هذا العالم، مدعو للمشاركة بتشييع الأمين العام سماحة السيد حسن نصر الله، بصفته قائد أكبر مقاومة في التاريخ المعاصر، وأبرز شخصية أخلاقية مقاومة في هذا العالم».
ورأى قبلان في خطبة الجمعة «أن يوم الأحد يوم السيدين الشهيدين الأكرمين على الله، والضمير الإنساني، واللحظة لحظة وعي وشهادة وانتصار». واعتبر أنه «مع تاريخ 18 شباط/فبراير اندحرت إسرائيل من بقية القرى الحدودية، وسط عجز إسرائيلي كشفت عنه معركة الخيام الحدودية الفاصلة، وبقاء إسرائيل في بعض النقاط الحاكمة على التلال الحدودية مرفوض وإن شاء الله ستخرج منها مندحرة أيضاً، والحكومة مطالبة بتزخيم دورها وتأكيد حضورها السيادي وقدراتها الوطنية».
وشدد المفتي قبلان على «أن البلد في حاجة لتأكيد الأولويات الاجتماعية للنهوض بالقطاعات المختلفة، ولا شك أن أولويات لبنان تختلف بشدة عن أولويات الخارج، وحضور الدولة بقطاع الإعمار ورفع الأنقاض ضرورة وأولوية ماسة لتأكيد وظيفتها ومسؤوليتها، بعيداً عن لعبة الشروط والابتزاز الخارجي؛ والبيان الوزاري يجب أن يعكس هموم لبنان، وقضاياه السيادية والاجتماعية والاقتصادية، وطبيعة وحدته الوطنية، وأولوياته الإنقاذية». وختم أن «ما نحتاجه اليوم قوة وطنية وحكومية تعمل لصالح البلد كوحدة وكيان بعيداً عن الواقع الطائفي والحزبي والمناطقي».
الانسحاب الإسرائيلي
إلى ذلك، تتواصل المساعي الدبلوماسية لتحرير التلال الخمس في الجنوب بعدما أدى اتفاق وقف اطلاق النار في مرحلته الاولى إلى إنجاز انسحاب الجيش الإسرائيلي في مهلة 18 شباط. وجال وفد من الكونغرس الأمريكي برئاسة السيناتور داريل عيسى على رئيسي الجمهورية والحكومة في حضور السفيرة الأمريكية في لبنان ليزا جونسون حيث أكد دعمه للبنان في مختلف المجالات إلى جانب الدعم المستمر للجيش اللبناني.
وطلب الرئيس عون من وفد الكونغرس «أن تمارس واشنطن ضغوطاً على إسرائيل لاستكمال الانسحاب من النقاط الخمس المحتلة وأ، يستمر دعم الجيش اللبناني».
وشدد الرئيس نواف سلام «على ضرورة الضغط الامريكي على إسرائيل كي تنسحب بشكل كامل من النقاط التي لا تزال تحتلها في أسرع وقت، معتبراً انه «ليس هناك أي مبرر عسكري او أمني لذلك، وهو يشكل خرقاً مستمراً لترتيبات وقف اطلاق النار والقرار 1701 والقانون الدولي وانتهاكاً لسيادة لبنان».
انتهاك جديد… المقاتلات المعادية تشن غارة على معابر بين لبنان وسوريا
وثمّن رئيس الحكومة خلال لقائه اعضاء السلك الدبلوماسي العربي برئاسة عميد السلك سفير فلسطين في لبنان أشرف دبور «الدعم العربي للعهد الجديد والحكومة» لافتاً إلى «ان البيان الوزاري يلتزم استعادة لبنان لمكانته بين اشقائه العرب، والحرص على ألا يكون منصة للتهجم على الدول العربية والصديقة». وشدد «على أهمية الموقف العربي الموحد لمواجهة التحديات المشتركة، لا سيما مخطط تهجير الفلسطينيين». وأطلع رئيس الحكومة السفراء على الاتصالات التي اجراها مع المسؤولين العرب بهدف الضغط الدبلوماسي كي تنسحب إسرائيل من كافة الاراضي اللبنانية بأسرع وقت» داعياً من ناحية أخرى «الأشقاء العرب للعودة للاستثمار والسياحة في لبنان، في ضوء الظروف الجديدة التي ستسعى الحكومة لتوفيرها».
بعد اللقاء، قال السفير دبور: «قدمنا لدولته التهاني والتمنيات للنجاح لحكومته والازدهار، وليستعيد لبنان مكانته الطبيعية، كما أكدنا دعم الدول العربية، ووجودنا اليوم كسفراء هو رسالة واضحة بأننا نقف إلى جانب لبنان الشقيق في كل المراحل.
ولفتني موقف دولته وهو ليس بغريب عنه بأن لا استقرار في المنطقة إلا من خلال حل عادل للشعب الفلسطيني وهي قضية الشرق الأوسط، فان استقرار المنطقة يكون بإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه التي أكد عليها إخوتنا العرب، وستصدر عن القمة عربية المقبلة قرارات لنا ملء الثقة بها، وستكون على مستوى التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني المتجذر في أرضه، والرافض رفضاً نهائياً لكافة أشكال التهجير أو التوطين أو الوطن بديل، فهناك موقف عربي موحد رافض لهذه المشاريع، ونتوجه للبنان الشقيق بكل التقدير على احتضانه للاجئين الفلسطينيين، ونؤكد للبنان بأن لا وجهة للشعب الفلسطيني إلا بعودته إلى أرض فلسطين، وكما رفض في السابق كل أشكال التوطين والتهجير هو متمسك بحق عودته إلى وطنه».
انتهاك إسرائيلي جديد
هاجم الطيران الحربي الإسرائيلي ليل الخميس /الجمعة نقاط عبور على الحدود اللبنانية السورية تزعم تل أبيب أن «حزب الله» يستخدمها في محاولات تهريب الأسلحة إلى لبنان. وقال متحدث باسم جيش الاحتلال «إن أنشطة «حزب الله» تشكل «انتهاكاً صارخاً لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان» مشيراً إلى أنه «يواصل العمل على إزالة أي تهديد وسيعمل على منع أي محاولة من جانب «حزب الله» لإعادة بناء قواته. وطالت الغارة الإسرائيلية المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان، واستهدفت معابر غير شرعية بين البلدين من جهة وادي خالد وريف حمص الغربي. وأضاف أنّ «هذه المحاولات تشكّل خرقا فاضحا لتفاهمات وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان» مؤكدا أنّ الجيش «سيواصل العمل لإزالة أيّ تهديد على دولة إسرائيل وسيمنع أي محاولة تموضع لـ«حزب الله». من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ «قصفاً إسرائيلياً استهدف المعابر غير الشرعية بين سوريا ولبنان في وادي خالد وريف حمص الغربي» وأوقع عددا من الجرحى.
وأضاف أنّ «طائرات إسرائيلية شنّت غارات على المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان، واستهدفت الغارات جسر معبر الواويات» في بلدة وادي خالد شمالي لبنان مما أدّى إلى «خروجه عن الخدمة». وأشار الى أنّ «الاستهداف جاء بعد رصد رتل سيارات للتهريب من سوريا في اتجاه لبنان» وقد «أدى لسقوط جرحى» لم يحدّد عددهم. وحسب مدير المرصد رامي عبد الرحمن فإنّ الغارات أوقعت «أضراراً مادية جسيمة في المباني والآليات» في المواقع المستهدفة.
و ذكرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية أنّ طائرات تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي «تحلّق على علوّ مخفوض فوق مدينة الهرمل وقرى البقاع الشمالي» في شرق لبنان قرب الحدود مع سوريا. وقبل عشرة أيام أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه شنّ غارة جوية استهدفت نفقا على الحدود بين سوريا ولبنان يستخدمه «حزب الله» المدعوم من إيران لتهريب أسلحة.
ودخلت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر حيّز التنفيذ هدنة هشّة بين إسرائيل و«حزب الله» بعد مناوشات حدودية استمرت بين الطرفين أكثر من عام وتحوّلت في آخر شهرين منها إلى حرب مفتوحة خلفت نحو 4000 شهيد في لبنان ودمّرت معاقل لـ«حزب الله». ورغم وقف النار، تواصل إسرائيل توجيه ضربات في لبنان، وسط تبادل للاتهامات بين الطرفين بخرق الهدنة.
وشنّت إسرائيل مئات الضربات على سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في هذا البلد عام 2011. وفي كانون الثاني/يناير شنّ الجيش الإسرائيلي غارات جوية على مناطق في شرق لبنان وجنوبه ضد أهداف لـ«حزب الله» بينها طرق تهريب على طول الحدود مع سور.