
تصدّر ملفا الطاقة وجهود استقرار العراق أمنياً لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية، المباحثات التي جرت خلال اتصال هاتفي جمع رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، ومستشار الأمن القومي الأمريكي، مايكل والتز، في ساعة متأخرة من ليلة الأحد/ الإثنين، وسط محاولات أمريكية للاستعانة بالعراق في زيادة الضغط على إيران.
وقال مكتب السوداني في بيان، إن الأخير تلقى اتصالاً هاتفياً من والتز، حيث أكد الجانبان «التزامهما بتعزيز وتعميق الشراكة الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة».
وركزت المناقشات على «تعزيز التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والأمنية» حيث أكد رئيس مجلس الوزراء «التزام العراق بتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة» مشجعاً الشركات الأمريكية على «الاستثمار في السوق العراقية المتنامية» كما استعرض الإصلاحات والمبادرات المهمة التي نفذتها حكومته لتهيئة بيئة أكثر استقراراً وشفافية وجاذبية للمستثمرين.
فيما شجع مستشار الأمن القومي الأمريكي، حسب البيان «رئيس مجلس الوزراء على الاعتماد بشكل أكبر على الشركات الأمريكية، والعمل على حل المشاكل وتذليل المعوقات التي تواجه تلك الشركات العاملة في العراق، بضمنها إقليم كردستان العراق لتشجيعها على العمل والاستثمار في العراق».
وشدد الجانبان على أهمية «الجهود المشتركة لبناء عراق قوي قادر على الاعتماد على نفسه» حسب البيان، الذي أكد أن المناقشات تضمّنت أيضاً دور الشركات الأمريكية العاملة في هذا المجال».
وفي هذا السياق، جددت الولايات المتحدة «التزامها بدعم استقلال العراق في مجال الطاقة» وأعربت عن استعدادها «للتعاون في تسريع تحقيق هذا الهدف».
وفي ما يتعلق بالملف الأمني، أكد والتز «التزام الولايات المتحدة الثابت بأمن واستقرار العراق في مواجهة التحديات الإقليمية والدولية» كما شدد الطرفان على أهمية «استمرار التعاون لضمان سيادة العراق واستقراره على المدى الطويل، لا سيما في ظل الأوضاع المضطربة التي تشهدها المنطقة». وأضاف والتز أن «إنهاء استثناء الكهرباء المجهزة من إيران يرتبط بسياسة الضغط الأقصى، مما يؤكد أهمية التنسيق الثنائي لتفادي أي آثار سلبية محتملة على استقرار العراق».
ووفق المسؤول الأمريكي فإن «الضغط على إيران سيزداد إذا استمرت في تطوير قدرات الأسلحة النووية ودعم الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة» بما في ذلك في العراق.
جاء ذلك في «تدوينة» لوالتز نشرها عقب مباحثاته مع السوداني.
وأعرب والتز عن مخاوفه بشأن «الفيضانات الأخيرة في بغداد» التي تشهد موجة أمطار غير مسبوقة منذ أيام، كما أكد أهمية «التحرك نحو تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين مبنية على المصالح الأمنية والتجارية».
وأشار إلى أن «قرار عدم تجديد الإعفاء من العقوبات على صادرات الكهرباء الإيرانية، يتوافق مع استراتيجية (الضغط الأقصى) للرئيس ترامب على إيران، وأن الضغط على طهران سيزداد إذا استمرت إيران في تطوير قدرات الأسلحة النووية ودعم الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك في العراق».
الطرفان أكدا على أهمية التعاون لضمان الاستقرار وسط أوضاع المنطقة المضطربة
ورحب بـ«جهود السوداني لتحقيق استقلال الطاقة للعراق» وشجع حكومته على «الترحيب بمزيد من شركات الطاقة الغربية والأمريكية في قطاعي النفط والغاز في العراق».
كما حث الحكومة العراقية على «العمل مع حكومة إقليم كردستان لمعالجة النزاعات الخاصة بالعقود ودفع المتأخرات المستحقة لشركات الطاقة الأمريكية».
وطلب أيضاً من الحكومة العراقية «الاحتفاظ بمنسق استثمار للعمل مع الشركات الأمريكية التي تسعى إلى الاستثمار والعمل في العراق».
وشكر مستشار الأمن القومي، رئيس الوزراء على التزامه بـ«العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق» وأكد «التزام إدارة ترامب بتعميق العلاقات في مجال الطاقة والاقتصاد بين البلدين بما يعود بالنفع على الشعبين الأمريكي والعراقي».
وينشغل الشارع العراقي بقرار ترامب الأخير القاضي بإنهاء استثناء العراق من استيراد الطاقة الإيرانية، وإمكانية أن يمتد ذلك إلى وقف الغاز الإيراني الذي يعوّل عليه العراق كثيراً في توليد الطاقة الكهربائية.
ويوضح الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، الخطوات القانونية التي يمكن للعراق اتباعها لتلافي آثار قطع الغاز الإيراني، معتبراً أن «المادتين 26 و27 من الاتفاقية الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية لعام 2008 نصت على أنه إذا تعرض العراق لأي خطر أمني أو اقتصادي فإن ذلك يتيح له التشاور مع الجانب الأمريكي لطلب المساعدة والمعونة في ذلك، وهذه الاتفاقية مودعة في الأمم المتحدة بموجب المادة 102 من الميثاق الأممي، أي واجبة الاتباع والتنفيذ من الطرفين بحكم هذه المادة».
وأشار في بيان صحافي إلى أن «بموجب المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة، التي أتاحت للدول التي تحارب تنظيمات موضوعة تحت الفصل السابع، أن تطلب المساعدة من مجلس الأمن الدولي» لافتاً إلى أن «داعش كان موضوعا تحت الفصل السابع للميثاق الأممي بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2170 لسنة 2014، وهذا مهم في هذه المرحلة الحرجة».
ووفق الخبير العراقي، فإن «الجوانب الإنسانية مؤكد عليها دائما في الاتفاقيات الدولية (جنيف الأربع ولاهاي وفيينا) كلها تستثني الجوانب الإنسانية من الحروب والعقوبات الاقتصادية، كونها تتعلق بحق الحياة المنصوص عليه في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق العهد الدولي، وهذه نقطة الاساس في المطالبة العراقية التي توجب على الحكومة العراقية التحرك داخليا وخارجيا لإيجاد البدائل».
ورأى أن «البدائل الخارجية هي التعاقد مع دول مثل قطر أو تركمانستان أو دول الخليج، وأيضا داخليا من خلال تفعيل الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء والغاز المصاحب (لاستخراج النفط) وأيضا منصات الغاز العائمة البحرية، وكلها حلول يمكن أن تكون موقتة لحين إيجاد الحلول الداخلية الأكثر أهمية من الاستيراد».