
بدأ «التيار الوطني الحر» بقيادة رئيسه جبران باسيل، وعلى مستوى مختلف أطره التنظيمية، الاستعداد لموقعة الانتخابات النيابية المقبلة التي يُنظر إليها كاستحقاق مفصلي يتوقف عليه حجم دوره وموقعه في معادلات مرحلة ما بعد الانتخابات.
تحت سقف الإعلان عن الاستنفار السياسي والانتخابي، سيلتئم العشاء السنوي للتيار في ذكرى 14 آذار في حضور باسيل الذي سيلقي كلمة شاملة، يطلّ من نوافذها على التحدّيات المطروحة وسبل مواجهتها. وتؤكّد مصادر قيادية في «التيار الحر»، أنّه أطلق منذ نحو شهر حراكه التحضيري للانتخابات البلدية والنيابية، إنّما مع إعطاء أهمية خاصة لتلك «النيابية»، في اعتبار أنّ الطابع العائلي يغلب عموماً على «البلدية». وتكشف المصادر أنّ الكوادر التنظيمية واللجان التنفيذية عقدت الأحد الماضي خُلوات تحضيرية للانتخابات، وأنّ المجلس السياسي عقد بدوره خلوة مماثلة أمس.
وتلفت المصادر إلى أنّها المرّة الأولى التي يبدأ فيها التحضير للانتخابات النيابية على نحو مبكر إلى هذه الدرجة، معتبرة أنّ ذلك يؤشر إلى الأهمية الاستثنائية التي يُوليها التيار للانتخابات المقبلة في ظل وجود اتجاهات واضحة لدى البعض إلى محاولة إضعافه وتقزيمه. وتشير المصادر إلى أنّ من الواضح أنّ الهدف الأساسي لهؤلاء هو ضرب «التيار الحر»، لافتة إلى أنّ طريقة تعاطي رئيس الحكومة نواف سلام معه خلال مرحلة تشكيل الحكومة، سواء بإيماءة خارجية أم لا «إنما تعكس وجود هذا الاتجاه الإقصائي لديه، والذي تقاطع مع مسعى «القوات اللبنانية» الدؤوب لتحجيم التيار في البيئة المسيحية».
وتؤكّد المصادر أنّ التيار سيتصدّى لهذا الاستهداف الذي من المرجّح أن يتصاعد كلما اقترب موعد الانتخابات، مشدّدة على أنّ طموحه ليس الإبقاء على الحجم الحالي لتكتله النيابي، وإنّما زيادة عدد أعضائه. وتوضّح المصادر، أنّ انتقال التيار من السلطة إلى المعارضة استوجب وضع استراتيجية جديدة لمقاربة الاستحقاقات المقبلة ومن بينها الاستحقاق الانتخابي النيابي. كاشفةً أنّ نفضة كاملة ستحصل على مستوى آلية خوض الانتخابات، وأنّ تغييرات ستتمّ على سبيل المثال في طريقة التعاطي مع الإعلام والسوشيال ميديا. وتفيد المصادر، أنّ اتصالات أولية بدأت مع بعض الشخصيات التي يمكن للتيار أن يتحالف معها «وذلك في إطار استشراف احتمالات التعاون الانتخابي»، مؤكّدة أنّ واقع كل منطقة سيفرض طبيعة التحالفات الممكنة «وضمن هذا الإطار من غير المستبعد أن تحصل تقاطعات مع «حزب الله» في عدد من المناطق».
وتعتبر المصادر أنّ تموضع «التيار الحر» في المعارضة سيُسهّل عليه مهمّته في مخاطبة الناس وتظهير حقيقة الأمور لهم «أولاً لأنّ سلوك الحكومة يوحي حتى الآن بأنّها ستقدّم له الهدايا السياسية، وثانياً لأنّ وجوده خارج السلطة سحب البساط من تحت أقدام الذين كانوا يُنظّرون أو يُزايدون عليه». ووفق المصادر، فإنّ التيار سيخوض نوعاً جديداً من المعارضة التي تستند إلى الموضوعية في المقاربة «فينتقد الحكومة حيث يجب ويُصفّق لها حين تستحق ذلك، وإن تكن المؤشرات الأولية تُبيِّن بأنّه لن تكون هناك حاجة كثيراً ليستخدم كفَّيه في التصفيق».
وتُبدي المصادر استعداد وزراء التيار السابقين للتعاون مع الوزراء الجدد الذين تسلّموا الحقائب نفسها، ووضع خبراتهم في تصرّفهم، بمَن فيهم وزير الطاقة الذي يمثل «القوات اللبنانية». وترى المصادر، أنّ نمط تصرّف الحكومة مع ما يحصل عند الحدود مع إسرائيل وسوريا لا يُبشر بالخير، «أمّا الصدمة الأكبر فتتمثل في اعتمادها موازنة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي وُضِعت قبل الحرب الأخيرة ولا تتناسب مع التحدّيات التي استجدّت لاحقاً، فكيف يمكن أن يتحقق الإصلاح والإنقاذ مع موازنة موروثة؟».
وتعتبر المصادر، أنّ «الانتخابات البلدية ستكون كناية عن بروفة للانتخابات النيابية التي سيتمّ التعامل معها وكأنّها ستتمّ هذا الصيف وليس في الصيف الذي يليه»، مشيرةً إلى أنّ «التماس مباشر بين «التيار الحر» والناس في الاختبار البلدي، سيشكّل فرصة لاختبار عناصر القوة والضعف قبل خوض السباق النيابي».