
حين يُذكر العطاء، تتلألأ أسماءٌ في سماءِ المجدِ كنجومٍ أبدية، لا تخفتُ أنوارها ولا تنطفئُ آثارُها. هم أولئك الذين لا تُحصى ثرواتهم بعدد الأصفار في حساباتهم، بل بمقدار ما نقشوهُ في قلوبِ الناس، بما زرعوه من خيرٍ في دروب الحياة، وبما تركوهُ من بصماتٍ لا تمحوها السنون.
هناك رجالٌ يمرّون في الدنيا عابرين، لا يُحدثون أثرًا ولا يتركون ذكرى، وهناك رجالٌ كُتب لهم أن يكونوا مناراتٍ مضيئة، تُلهمُ الأجيال وتُخلّد أسماؤهم في صفحات التاريخ. رجالٌ جعلوا من الكرامةِ نهجًا، ومن العطاءِ رسالة، ومن النجاحِ وسيلةً لا غاية، فكانوا حيثما حلّوا بناةً، سادةً، وداعمي خيرٍ.
والشيخُ كميل سري الدين هو أحد هؤلاء الكبار، الذين خاضوا معركة الحياةِ ليس فقط بذكاءِ التاجر، بل أيضًا بنُبلِ الإنسان، وشهامةِ المُعطي، وصدقِ صاحب الرسالة. في كل خطوةٍ خطاها، كان يؤمن أن المال ليس غاية، وإنما وسيلةٌ لبناءِ مستقبلٍ أكثر إشراقًا، ومساندةِ من يحتاج، وردِّ الجميلِ للوطنِ الذي منه خرج وإليه يعود القلب ولو ابتعدت المسافات.
هو رجلٌ لم يُعرف فقط بما أسّسه من مشاريعٍ ناجحة، بل بما غرسهُ في قلوبِ الناسِ من محبة، وبما خطّهُ من مواقفَ لا تُنسى، حمل فيها همّ أبناء بلده، ودعمَ المغتربين، ورفعَ رايةَ الإنسانية أينما كان. لم يكن مجرد رجل أعمال، بل كان جسرًا بين النجاح والخير، بين الطموح والمسؤولية، وبين المجد والتواضع.
إن الحديث عن الشيخ كميل سري الدين، ليس سردًا لسيرةِ رجلٍ نجحَ في عالم التجارة فحسب، بل هو روايةُ كفاحٍ، وقصةُ التزام، وملحمةُ عطاءٍ ستبقى حيّةً ما دام الخيرُ يُروى بجهدِ الرجال العظام.