تحليل السياسات

جنبلاط لأهل جبل العرب: احذروا الاختراق الصهيوني وتذكّروا اللاءات للدولة الدرزية

سعد الياس «القدس العربي»:

على أنغام النشيدين «موطني» و«يعبرون الجسر» أحيت المختارة الذكرى الـ48 لاغتيال الزعيم كمال جنبلاط على يد نظام حافظ الأسد في 16 آذار 1977 تحت شعار «صبرنا وصمدنا وانتصرنا» وسط حشد جماهيري كبير تقدمه السفير السعودي وليد البخاري والسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو والسفير الفلسطيني أشرف دبور ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل ووفد نيابي من القوات اللبنانية برئاسة النائب جورج عدوان، ونائب رئيس المجلس السياسي في «حزب الله» محمود قماطي إضافة إلى ممثلين عن البطريرك الماروني ورؤساء الطوائف.
وقد جلس الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط تحيط به عائلته ونجله رئيس الحزب النائب تيمور جنبلاط وشيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى وحشد من المشايخ الدروز.

ختم التقليد

وقد أعلن جنبلاط في كلمته ختم التقليد باستشهاد والده بعد سقوط نظام بشار الأسد واعتقال الحكم الجديد في سوريا رئيس المخابرات الجوية السابق اللواء إبراهيم حويجي الذي أشرف على تنفيذ الاغتيال. وقال «طوال ثمانية وأربعين عاماً، كنا نجتمع في السادس عشر من آذار/مارس من كل عام، نتلو الفاتحة، ونضع زهرة حمراء على ضريح كمال جنبلاط ورفيقيه حافظ الغصيني وفوزي شديد. طوال ثمانية وأربعين عاماً، كانت هذه المناسبة فرصةً للاستمرار، للتحدي وللمواجهة. وفي أصعب الظروف، كانت مناسبةً للتذكير والبقاء، نستمد منها إرادة الصمود وإرادة الحياة.

ختم التقليد بذكرى اغتيال والده بعدما «أشرقت شمس الحرية على سوريا» واعتقل الحويجي

وأضاف «طوال ثمانية وأربعين عاماً، كنا نقف إجلالاً أمام أرواح الشهداء الأبرياء من أبناء المنطقة، الذين سقطوا ظلماً وغدراً في ذاك النهار المشؤوم. وإذ أشرقت شمس الحرية على سوريا بعد غياب طويل، وإذ سقط نظام القهر والاستبداد بعد نحو أربعة وخمسين عاماً، وتحرّر الشعب السوري، وحيث أنَ الحكم الجديد بقيادة الرئيس أحمد الشرع اعتقل المسؤول عن جريمة اغتيال كمال جنبلاط في ذاك اليوم الأسود، إبراهيم الحويجة المعروف إلى جانب غيره من رموز النظام السابق بالقتل والاجرام في سوريا؛ أعلن باسمي وباسم عائلتي واسم الحزب ختم هذا التقليد كون عدالة التاريخ أخذت مجراها في مكان ما ولو بعد حين ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون».

«مرحلة نضال جديدة»

وأضاف جنبلاط «على هذا، تتطلع المختارة والحزب إلى مرحلة جديدة من النضال والتحدي، وعلى سبيل المثال لا الحصر: التمسك بالاشتراكية الأكثر إنسانية كما نادى بها الشهيد الكبير، حيث يثبت الحزب المبادىء على حساب القشور والشخصنة، الأمر الذي يتطلب ورشة فكرية تنظيمية استثنائية من أصحاب الشأن، التأكيد على يوم المصالحة التاريخي برعاية البطريرك مار نصر الله بطرس صفير في 3 آب/أغسطس 2001، واعتبار هذا الحدث منطلقاً للعلاقات اللبنانية ـ اللبنانية فوق الانقسامات السياسية، كما كانت حالة جبل لبنان من السلم والوئام أيام العصر الذهبي لسيدة القصر نظيرة جنبلاط، التمسك بالهوية العربية للبنان كما عرفها كبار الأدباء والمفكرين والساسة والوطنيين أيام عصر النهضة. هوية شوهتها أنظمة القمع والاستبداد والمخابرات، أهمية تحرير الجنوب من الاحتلال الإسرائيلي، ومتابعة ترسيم الحدود حفاظاً على السيادة اللبنانية وتطبيقاً للقرارات الدولية، إعادة إعمار الجنوب وباقي المناطق المتضررة جراء العدوان الإسرائيلي من خلال وضع آلية موثوقة عربياً ودولياً، إعادة بناء العلاقات اللبنانية السورية على قواعد جديدة بعيداً عن التجارب السابقة، وترسيم الحدود براً وبحراً، التمسك بالحقوق الفلسطينية المشروعة، وفي مقدمها حل الدولتين، والتأكيد على حق العودة واحترام القرارات الدولية، مع رفضنا المطلق لأي سلم أو تطبيع».

رسالة إلى بني معروف

وتوجّه جنبلاط «إلى بني معروف (الدروز) في مئوية سلطان الأطرش ومئوية الثورة الوطنية السورية» بالقول: «حافظوا على هويتكم العربية، حافظوا على تاريخكم النضالي المشترك مع الوطنيين العرب والسوريين في مواجهة الاستعمار والانتداب.
حافظوا على موقفكم في مواجهة احتلال الأرض العربية في الجولان السوري.
إلى أهل جبل العرب حافظوا على تراثكم الاسلامي واحذروا من الاختراق الفكري الصهيوني الذي يريد تحويلكُم إلى قومية، واحذروا من استخدام البعض منكم كإسفين لتقسيم سوريا وباقي المنطقة، تحت شعار تحالف الأقليات الذي عارضه كمال جنبلاط وقد استشهد رفضاً لهذا المشروع. إن الزيارات ذات الطابع الديني لا تلغي احتلال ارض فلسطين والجولان».
وختم «إلى بني معروف، حافظوا على إرثكم الفكري والنضالي والسياسي الذي أرساه كبارنا، وفي مقدمهم سلطان الأطرش وشكيب أرسلان وكمال جنبلاط.
أخيراً، أشكر وفاءَكُم أيها الرفاق، وأيها المناصرون في أصعب الظروف وأحلكها تجاه المختارة…. صبرنا صمدنا وانتصرنا».
بعد ذلك، توجّه جنبلاط والحشود لوضع زهرة على ضريح كمال جنبلاط المحاذي لمسجد شكيب أرسلان.
وتخلل الحفل كلمات مسجلة لعدد من الشخصيات بينها رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي قال «لقد خاض جنبلاط معركة حقيقية ضد التبعية، وكان له دور بارز في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في لبنان».
ولفت إلى «أننا نستحضر اليوم في ذكرى اغتياله تاريخًا طويلامن النضال المشترك مع وليد جنبلاط في سبيل وحدة لبنان، حيث كان الانتماء العربي ركيزة أساسية في هذه المعركة، وكان رفض الاحتلال الإسرائيلي منطلقًا ثابتًا في جميع مواقفه» مضيفاً «أن العلاقة التاريخية التي تجمعه مع جنبلاط الأب والابن ترتكز على الرفض الكامل لأي شكل من أشكال الاحتلال».

بري: النضال مشترك

وفي سياق حديثه عن المرحلة الصعبة التي تمر بها المنطقة العربية، دعا بري جميع اللبنانيين «إلى التأكيد على مواقفهم الراسخة، والتمسك بانتمائهم العربي والإسلامي» قائلاً: «أنتم مدعوون كما كنتم أوفياء لتاريخكم، لتأكيد موقفكم الراسخ للحفاظ على الانتماء العربي والإسلامي، وحرصكم على أن تكونوا جزءًا من الدولة في سوريا ولبنان، والبقاء دائمًا إلى جانب فلسطين». وختم «أطال الله بعمر وليد جنبلاط، وسدّد خطى تيمور للحفاظ على النهج والإرث الكبير الذي تركه لنا كمال جنبلاط».
وكانت مداخلة للرئيسين أمين الجميل وميشال سليمان وللأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوتي ركّزت على العلاقة التي تربط الحزب التقدمي الاشتراكي بفلسطين ودفاعه عن القضية الفلسطينية.

جوسبان

كذلك كانت كلمة لرئيس وزراء فرنسا السابق ليونيل جوسبان تحدث فيها عن لقائه بكمال جنبلاط «الشخصية الاستثنائية».
وقال «كان ذلك في 4 أكتوبر 1976 في باريس، عندما استقبل فرانسوا ميتران، السكرتير الأول للحزب الاشتراكي الفرنسي، في منزله قرب نهر السين، كمال جنبلاط، مؤسس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان. كنت حينها شاباً وأشغل منصب السكرتير الدولي للحزب الاشتراكي لشؤون العالم الثالث، وحظيت بشرف حضور هذا اللقاء.
كان كمال جنبلاط وفرانسوا ميتران سعيدين بلقائهما، وسرعان ما انخرطا في حوار حر ومتأمل يسوده التفاهم والثقة. وعندما تلقينا النبأ الفاجع باغتيال كمال جنبلاط في 16 مارس 1977، طلب مني فرانسوا ميتران أن أمثل الاشتراكيين الفرنسيين في مراسم التكريم التي أقيمت له في لبنان، بحضور العديد من القوى السياسية في المنطقة.
في ذلك اليوم، في بيروت، شعرت بمدى الفراغ الذي سيتركه كمال جنبلاط في لبنان. فقد كان مخلصاً لمجتمعه لكنه لم يكن أسير حدوده، بل كان منفتحاً على الآخرين».

عون: التحرر من السجن الكبير

وحيا رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ذكرى كمال جنبلاط، وقال: «نستذكر اليوم رحيل كمال جنبلاط، زعيماً كبيراً في لبنان، ومناضلاً مؤمناً بحق فلسطين، ومفكراً مشعاً على المنطقة والعالم، وشهيداً في سبيل الحرية والتحرر من ذلك «السجن الكبير».

نؤكد على المصالحة التاريخية مع البطريرك صفير والتمسك بالحقوق الفلسطينية وحل الدولتين

ونستذكر معه، كما قال اليوم بالذات نجله الزعيم وليد جنبلاط، «الشهداء الأبرياء من أبناء المنطقة وخارجها، الذين سقطوا ظلماً وغدراً» إثر تلك الجريمة البشعة.
ونتعلم من تلك الدماء والأيام، أن لبنان، الدولة الجامعة، المنبثقة من إراداتنا الموحدة، هو حمايتنا الأكيدة الوحيدة». واستذكر الرئيس نجيب ميقاتي فكر كمال جنبلاط الإنساني، ولفت إلى «أن المناسبة حدث وطني لشخصية استثنائية ستظل حيّة في الوجدان اللبناني والعربي».
وكان وفد من» تيار المستقبل» زار السبت ضريح كمال جنبلاط في المختارة برئاسة النائبة بهية الحريري، فيما اصدر الرئيس سعد الحريري بياناً توجّه فيه إلى صديقه الكبير وليد جنبلاط جاء فيه «تأتي ذكرى اغتيال القائد كمال جنبلاط هذه السنة على وقع توقيف المتهم الأول في جريمة اغتياله بعد سنوات من الحمايات والمكافآت.
قبل 48 سنة اغتال نظام حافظ الأسد كمال جنبلاط ودخل جيشه إلى لبنان على دمائه. وبعد 28 عاماً خرج هذا الجيش على دماء الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
انتظرنا عدالة الأرض لكمال جنبلاط ولرفيق الحريري ورفاقهما، فلم تنصفنا، لكن عدالة رب العالمين لا يمكن لأحد أن يهرب منها».

الحريري: دماء كمال ورفيق

واضاف الحريري «شاء القدر أن تكون دماء كمال جنبلاط ورفيق الحريري، ومن سبقوهما ومن لحقوهما، دفاعاً عن لبنان السيد الحر المستقل وتمسكا بالدولة ومؤسساتها، وشاءت الأقدار أيضاً أن نتشارك تحمل مسؤولية الاستمرار في هذه المسيرة، للحفاظ على الإرث الكبير رغم ما تعرضنا له من قتل ومحاولات إلغاء».
وأكد «أننا اليوم أمام مرحلة جديدة تتطلب منا جميعاً التعاون على إنجاحها، تحت عنوان بناء دولة طبيعية يكون فيها السلاح حصراً بيد الجيش والقوى الأمنية الرسمية، ويكون الدستور الفيصل بين الجميع، وأن ينضوي الجميع تحت سقف الدولة، فقط الدولة، ليكون لبنان أولاً قولاً وفعلاً».
وختم «صحيح أن دماء كمال جنبلاط ورفيق الحريري جمعتنا، ولكن يبقى القاسم المشترك الأكبر بيننا هو السعي لتحقيق حلمهما بالعمل مع الجميع من أجل ربيع دائم للبنان».
وفي وقت لاحق، وزعت رسائل بعث بها من السويداء كل شيخ العقل الشيخ يوسف جربوع والشيخ أبو وائل حمود الحناوي والشيخ ليث البلعوس تؤكد على «ضرورة إفشال مخططات التقسيم والحاجة إلى فكر كمال جنبلاط» وتحيي «الاستاذ وليد جنبلاط الذي حمل الراية بأمانة وكانت دائماً بوصلته ما خطه كمال جنبلاط من اتجاه وطني عروبي».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى