تحليل السياسات

80 غارة إسرائيلية على جنوب لبنان والبقاع واغتيال قيادي في صور وعنصر في «عيتا الشعب»

سعد الياس بيروت ـ «القدس العربي»:

شهدت نهاية الأسبوع في لبنان أحداثاً مقلقة تمثلت في إطلاق 5 صواريخ نحو المنطقة المطلة في إصبع الجليل استغلتها إسرائيل لتتمادى في عدوانها على لبنان الذي خرقته مراراً منذ اتفاق وقف اطلاق النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي ولتشن يوم السبت حوالى 80 غارة على مواقع في النبطية وبنت جبيل وصور وجزين والنبي شيت والهرمل وليرفع وزير حربها يسرائيل كاتس معادلة «المطلة يقابلها بيروت» بعدما كانت المعادلة سابقاً «تل أبيب يقابلها بيروت».

تصعيد خطير

وقد نفى «حزب الله» مسؤوليته عن إطلاق الصواريخ، ورأى «أن ادعاءات العدو الإسرائيلي ‏تأتي في سياق الذرائع لاستمرار اعتداءاته على ‏لبنان والتي لم ‏تتوقف منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار» مؤكداً «التزامه باتفاق وقف إطلاق النار، ‏ووقوفه خلف الدولة اللبنانية في ‏معالجة هذا التصعيد الصهيوني ‏الخطير على لبنان».‏
وواصلت الآلة العسكرية الإسرائيلية اعتداءاتها أمس الأحد، وشنت مسيّرة غارة بصاروخ موجه على سيارة في بلدة عيتا الشعب، ما أدى إلى استشهاد عنصر من «حزب الله» يدعى حسن نعمة الزين هو الثاني في غضون 24 ساعة بعد استشهاد القيادي رضوان سليم عواضة في صور، كما أغار الطيران الإسرائيلي على اللبونة، وحلّقت طائرة استطلاع على علو متخفض فوق الضاحية الجنوبية، وفي أجواء منطقتي بعلبك والهرمل وفي اجواء مدينة صور وبلدات القضاء وصولاً حتى ضفاف الليطاني ـ منطقة القاسمية.
وألقت محلقة إسرائيلية عددا من القنابل على غرفة جاهزة في الناقورة كان وضعها احد أبناء البلدة فوق ركام منزله المدمر. إضافة إلى ذلك، استهدف الجيش الإسرائيلي عدداً من البيوت الجاهزة في بلدتي الناقورة وشيحين دون وقوع إصابات.
وسجل قصف مدفعي إسرائيلي استهدف اللبونة بين علما الشعب والناقورة. فيما قامت قوة إسرائيلية معززة بدبابات وجرافات تتوغّل إلى وادي قطمون وتستحدث سواتر ترابية.
وصدر عن قيادة الجيش مديرية التوجيه البيان الآتي: «رفع العدو الإسرائيلي وتيرة اعتداءاته على لبنان متخذًا ذرائع مختلفة، فنفّذ عشرات الغارات جنوب الليطاني وشماله وصولاإلى البقاع، مُوقعًا شهداء وجرحى فضلاعن التسبب بدمار كبير في الممتلكات».
وأضاف «لم يكتفِ العدو بهذا القدر من الاعتداءات، فقد اجتازت آليات هندسية وعسكرية مختلفة تابعة له السياج التقني صباح الأحد، ونفذت أعمال تجريف في وادي قطمون في خراج بلدة رميش، كما انتشر عناصر من قوات المشاة المعادية داخل هذه الأراضي اللبنانية، في انتهاك فاضح للقرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار.

«حزب الله» انتقد اكتفاء الدولة بالتصريحات وطالب سلام بتوضيح معادلته

في المقابل، عزز الجيش انتشاره في المنطقة، وحضرت دورية من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل» لتوثيق الانتهاكات، فيما عادت القوات المعادية إلى الداخل المحتل».
وختم «تُتابع قيادة الجيش التطورات بالتنسيق مع اليونيفيل والجهات المعنية لاحتواء الوضع المستجد على الحدود الجنوبية».
تزامناً، واستكمالاً للاتصالات التي أجراها كل من رئيس الجمهورية العماد جوزف عون ورئيس الحكومة نواف سلام للحد من التصعيد وعدم العودة إلى دوامة العنف، اتصل وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي بأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والممثلة العليا للسياسة الخارجية الاوروبية ونائب رئيس المفوضية كايا كالاس طالباً تدخلهما وإجراء الاتصالات اللازمة لوقف الهجمات الإسرائيلية، والضغط لإعادة الهدوء وإنهاء الاعتداءات المستمرة على لبنان.

فضل الله: أوهام 1982

على خط «حزب الله» برزت حملة من مناصريه على وزير الخارجية ونائب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني. ووجّه عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله انتقاداً لاكتفاء الدولة بالتصريحات، سائلاً بعد موقف رئيس الحكومة عن المعادلة التي ستحمي لبنان من العدوان الإسرائيلي (الجيش والشعب بلا مقاومة).
واعتبر «أن تصعيد الاحتلال الإسرائيلي لاعتداءاته المستمرة على لبنان يُعد محاولة جديدة لفرض معادلة الترهيب بالدم والنار على اللبنانيين». وقال في بيان «يستغل الاحتلال التزام لبنان الكامل بوقف إطلاق النار، ويستفيد من ضعف الدولة وإمكاناتها وافتقارها إلى شجاعة اتخاذ قرار واضح في التصدي لغطرسته، بخاصة بعد الاتفاق على مسؤوليتها الكاملة عن جنوب الليطاني. كما يستفيد العدو من بعض الأصوات اللبنانية الداخلية التي تتبنى بالكامل الادعاءات الإسرائيلية، وتروّج للحرب الإسرائيلية على لبنان، معتبرة ذلك فرصة للتخلص من المقاومة، متمنية العودة إلى أوهام مرحلة عام 1982».
وأضاف: «على الحكومة، وفق ما يمليه عليها الدستور، اتخاذ قرار وطني لحماية السيادة والتصدي للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة باستخدام كل الوسائل المتاحة، كما التزمت في بيانها الوزاري». ودعا إلى «بذل جهد جدي لوقف هذه الاستباحة الإسرائيلية للبنان بدل الاكتفاء بالمواقف والتصريحات التي لا تسهم إلا في إضعاف الموقف الوطني بمواجهة العدو».

توضيح موقف الدولة

وأشار إلى أن «رئيس الحكومة، ومن موقع مسؤوليته الدستورية، مطالب بإبلاغ اللبنانيين عن المعادلة التي ستحميهم من العدوان الإسرائيلي المستمر، وعن توقيت بدء العمل بها لوقف سفك الدماء». كما دعاه «إلى توضيح الموقف الفعلي للدولة مما يجري في جنوب لبنان». وقال: «مع العلم أن الجنوبيين منذ عام 1948، يطالبون دولتهم بالدفاع عنهم وحمايتهم وإلى الآن لم يجدوها، ولذلك كانت المقاومة التي حررت الوطن ودعت الدولة لتحمل مسؤولياتها في الدفاع عنه». وأكد «أن المقاومة ليست مجرد كلمة تكتب بحبر رسمي يمكن شطبها أو طي صفحتها بتصريح أو مقابلة، سواء من قبل مسؤول حالي أو سابق» مضيفاً «المقاومة ليست وظيفة رسمية محدودة بزمن، بل هي دم مقدس سقى أرض لبنان عزاً وكرامة. هي فعل شعبي تراكم مع الزمن، حملته أجيال من اللبنانيين الذين يؤمنون بهذا الخيار ويتمسكون به، ويرفضون التنكر له أو التخلي عنه».
وختم فضل الله: «المقاومة هي الماضي والحاضر والمستقبل، ووجودها وتضحياتها وإنجازاتها راسخة بوجود الشعب اللبناني الشجاع والمضحي، الذي لا يزال صابراً بثبات رغم غياب الدولة عن واجباتها وتقاعسها عن مسؤولياتها. ولولا ثقة هذا الشعب بمقاومته وحرصها على مصلحة لبنان، لما استمر هذا الثبات والصمود».

الوزير رجي تواصل مع الجامعة العربية والمفوضية الأوروبية لوقف الهجمات

وانتقد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب إبراهيم الموسوي «الأصوات الداخلية التي سارعت إلى اتهام «حزب الله» بإطلاق الصواريخ، مبررة بذلك للعدو الإسرائيلي». وأكد أن «الحزب موحد ومتماسك، وأي عملية ينفذها يعلن عنها بوضوح وبكل شجاعة» موضحاً «أن هذه الادعاءات تهدف إلى تشويه الحقائق ولن تنجح في التأثير على موقف الحزب أو جمهوره». وأكد «أن هذه الاتهامات لن تفت في عضد الحزب أو تغيّر من ثباته على طريق المقاومة» مشيراً إلى «أن حزب الله سيواصل التزامه بالمبادئ التي ضحى من أجلها الشهداء، مهما تعاظمت التحديات والمخاطر».

عودة: قيامة لبنان

ورفع متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة الصلاة من أجل أن يحفظ الرب شعب هذا البلد الحبيب، الذي يحمل الصليب منذ خمسين سنة، ولا يزال، علّ قيامة لبنان تزهر قريباً». وقال في عظة الأحد «نصف قرن من التناحر والتباين والتحارب كافية ليدرك الجميع أن مظلة الدولة وحدها تحمي الجميع، وأن جيش الوطن وحده يذود عن الجميع. عدم الانتماء إلى الدولة وعدم الولاء لها يدمران البلد ويشدانه إلى الهاوية. لذا على الجميع، أحزاباً وجماعات وأفراداً، أن يتعقلوا ويفتحوا أعينهم ليروا كل البشاعات الحاصلة، ويدركوا أن إضعاف الدولة يضعفهم وهلاك الدولة يعني هلاكهم وأن عليهم عدم المساومة على سيادة وطنهم وأمن أولادهم». وختم: «سمعنا في إنجيل اليوم: «ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟» فلنشتر الوقت ونعمل جميعنا من أجل حفظ وطننا واحترام جيشه الذي يحمي الوطن. لنجاهد من أجل خلاص بلدنا لنخلص نفوسنا».
أما البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فتوقف عند ما عبّر عنه رئيس الجمهورية في كلمته الوجدانية على مائدة الإفطار في القصر الجمهوري منذ ثلاثة أيام، وقال «إن كلمة فخامة الرئيس جديرة بأن تكون في يد كل مواطن وكل مسؤول في الدولة، لأنها تقدّم التفسير الأفضل والأوضح والوجداني لمادتين من الدستور. إنها بمثابة دعوة لتنقية الذاكرة من رواسب الماضي المؤلم والجارح في آن. تمامًا كما دعانا القديس البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي: «رجاء جديد للبنان» حيث كتب: «بعد سنين من الآلام وفترة الحرب الطويلة التي عرفها لبنان، يُدعى شعبه وسلطاته الحاكمة إلى القيام بمبادرات شجاعة ونبوية في سبيل الغفران وتنقية الذاكرة». وأضاف الراعي «من المؤكَد أنه يجب إبقاء ذكرى ما حدث حية، كي لا يتكرّر ذلك أبداً. ولئلا يتسلط، بعد الآن البغض والظلم على أمم بأسرها ويدفعان بها إلى أعمال تبررها وتنظمها إيديولوجيات ترتكز على ذاتها أكثر منها على حقيقة الإنسان. لا يمكن إعادة بناء مجتمع، ما لم يسعَ كل من أفراده، وعائلاته ومختلف الجماعات التي تؤلفه، إلى الخروج من العلاقات النزاعية التي وصمت زمن العنف، وإلى إخماد كل رغبةٍ في الانتقام» مؤكداً «لقد آن الأوان لنبدأ معًا في تنقية الذاكرة عبر الحوار الصادق الصريح والعمل على التقارب وتعزيز المشاركة المتوازنة في الحكم والإدارة، بهدف خلاص لبنان وإعادة بنائه وطن الرسالة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى