تحليل السياسات

لودريان في بيروت تحضيرا لزيارة عون إلى فرنسا ومؤتمر إعادة الإعمار

سعد الياس بيروت- “القدس العربي”:

قبل الزيارة المرتقبة للرئيس اللبناني، العماد جوزيف عون، إلى فرنسا، زار الموفد الفرنسي جان إيف لودريان بيروت، وذلك بعد إنهائه ملف الانتخابات الرئاسية وتسليمه ملف إعادة الإعمار ودعم لبنان. وخلال جولته على كبار المسؤولين، برزت الاستعدادات لعقد مؤتمر دولي تنظمه فرنسا بهدف إعادة إعمار المناطق اللبنانية المتضررة جراء الحرب الإسرائيلية، إضافة إلى مناقشة التحديات التي تواجه اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. كما تم التداول في الطرح الأمريكي المتعلق بالمفاوضات مع إسرائيل، حيث شدد لودريان على أهمية تقديم المسؤولين اللبنانيين ردًا واضحًا وإيجابيًا، بدلًا من التمسك بالمواقف السلبية.

خلال اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بالموفد الفرنسي، بحضور السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو، تم التطرق إلى الأوضاع في الجنوب اللبناني. وأكد الرئيس عون على استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، في انتهاك واضح للاتفاق الذي تم التوصل إليه في نوفمبر الماضي. كما أشار إلى استمرار احتلال التلال الخمس وعدم الإفراج عن الأسرى اللبنانيين الذين احتجزتهم إسرائيل خلال الحرب الأخيرة. ودعا الرئيس عون الجهات الراعية للاتفاق إلى ممارسة الضغط على إسرائيل لضمان التزامها، حفاظا على مصداقيتهم، ولضمان تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، بما يساهم في إعادة الاستقرار ووقف الأعمال العدائية.

لقاء ماكرون

أبلغ الرئيس عون الموفد الفرنسي أنه يتطلع إلى لقائه المرتقب مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الجمعة المقبل في باريس، حيث سيعرب له عن شكره مجددًا على دعمه المستمر للبنان، ودوره البارز في مساعدته على النهوض، ولا سيما في تسهيل إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وأوضح أنه سيناقش مع الرئيس ماكرون القضايا ذات الاهتمام المشترك، إلى جانب سبل تعزيز العلاقات اللبنانية-الفرنسية وتطويرها في مختلف المجالات.

كما شدد الرئيس عون على أن الإصلاحات تأتي في صدارة أولوياته، بالتوازي مع إعادة إعمار البلدات والقرى التي دمرها القصف الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة. وأكد أن العمل مستمر لإعادة بناء الثقة داخليا وخارجيا، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من الفرص المتاحة، وفي مقدمتها الدعم الفرنسي والتحركات التي يقودها الرئيس ماكرون في هذا السياق.

وأكد الرئيس عون عزمه، بالتعاون مع الحكومة، على تجاوز التحديات التي قد تعترض مسيرة الإصلاح، لا سيما في القطاعات الاقتصادية والمصرفية والمالية والقضائية، عبر إيجاد الحلول المناسبة بالتنسيق مع الجهات المعنية. كما أشار إلى انطلاق الاجتماعات مع صندوق النقد الدولي لدراسة الخطوات اللازمة لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة، التي تشكل أولوية وطنية قبل أن تكون مطلبًا دوليًا. وأوضح أن الإجراءات الإدارية المرتقبة ستبعث برسائل إيجابية تعزز الثقة في الداخل اللبناني وعلى الصعيد الدولي.

 

سلام: لا تطبيع

بعد ذلك، التقى لودريان برئيس الحكومة، نواف سلام، الذي أكد أن الضغط الدولي والعربي الدبلوماسي على إسرائيل لوقف اعتداءاتها لم يُستنفد بعد. وأوضح سلام أن التطبيع مع إسرائيل مرفوض من قبل جميع اللبنانيين، مشيرًا إلى أن زيارة المبعوث الفرنسي تركز على بحث ملف إعادة الإعمار. كما لفت إلى أن لبنان يعمل بالتنسيق مع فرنسا والبنك الدولي وكبار الدول المساهمة لتأمين الدعم اللازم، كاشفًا أن البنك الدولي من المتوقع أن يقرّ مبلغ 250 مليون دولار لهذا الغرض بنهاية الشهر المقبل، على أن يُعقد لاحقًا مؤتمر لجمع تمويل إضافي بقيمة مليار دولار.

 

من جهته، نقل وفد من مجلس نقابة المحررين، برئاسة جوزف القصيفي، عن رئيس الحكومة تأكيده أن الوضع في الجنوب ما زال مقلقا في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية، لا سيما بعد إطلاق الصواريخ الأسبوع الماضي. كما شدد على أن النقاط الخمس التي تتمسك إسرائيل بالبقاء فيها لا تحمل أي قيمة عسكرية أو أمنية، وإنما تهدف فقط إلى إبقاء الضغط على لبنان.

وفي سياق آخر، رفض رئيس الحكومة كل التصريحات الإسرائيلية التي تتحدث عن تهجير سكان غزة والضفة الغربية، أو إقامة دولة فلسطينية خارج فلسطين التاريخية، مؤكدا أهمية حشد الدعم العربي والدولي لمواجهة هذا المشروع الخطير.

فيما يتعلق بالوضع الداخلي، جدّد رئيس الحكومة نواف سلام التزامه بالإصلاحين المالي والسياسي، مشيرا إلى أن تحقيقهما يتطلب وقتا. كما شدد على أهمية استقلالية القضاء، موضحا أن المشروع المتعلق بهذا الملف سيُحال قريبا إلى مجلس النواب للنظر فيه وإقراره.

وأكد سلام تمسكه بآلية التعيينات التي أقرها مجلس الوزراء، والتي ستبدأ بتعيين رئيس مجلس الإنماء والإعمار، مشددا على أن جميع التعيينات يجب أن تخضع لهذه الآلية لضمان إصلاح الإدارة بعيدا عن التجاذبات السياسية.

ورداً على سؤال قال “إن “حزب ‘الله لديه جمهوره ونوابه وتمثيله، وما قلته مؤخراً هو أن فكرة معادلة “الجيش والشعب والمقاومة” هي التي انتهت لأنها لم تذكر في البيان الوزاري الذي يشدد على حصرية السلاح بيد الدولة.

وإلى عين التينة، انتقل لودريان وماغرو للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حضور مستشاره محمود بري. وتناول اللقاء تطورات الأوضاع في لبنان والمنطقة والمستجدات السياسية والعلاقات الثنائية بين لبنان وفرنسا.

بعد ذلك، توجه الموفد الفرنسي جان إيف لودريان إلى وزارة الخارجية، حيث التقى وزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي. وتم خلال اللقاء استعراض الأوضاع الراهنة والتحضيرات الجارية لزيارة رئيس الجمهورية إلى باريس، والتي سيرافقه فيها الوزير رجي.

كما جرى التداول في التصعيد الإسرائيلي الخطير والمستمر في الجنوب، إضافة إلى الجهود التي تبذلها فرنسا لضمان تنفيذ إعلان وقف الأعمال العدائية، نظرًا لدورها كإحدى الدول الراعية لهذا الاتفاق وعضويتها في اللجنة الخماسية المكلفة بمراقبة تطبيقه.

وجدد الوزير رجي “التشديد على وجوب انسحاب اسرائيل الفوري والكامل وغير المشروط من الأراضي اللبنانية، ووقف عدوانها، والالتزام بتنفيذ إعلان وقف الأعمال العدائية وقرار مجلس الأمن رقم 1701”.

بدوره، أكد لودريان “دعم فرنسا المستمر للبنان ولتحقيق الاستقرار فيه”، وأثنى “على خطاب القسم لرئيس الجمهورية والرؤية التي تضمنها بشأن لبنان، وعلى جدية عمل الحكومة اللبنانية”، منوهاً “بأهمية الحفاظ على الزخم الدولي الذي واكب العهد الجديد وتشكيل الحكومة، من خلال تنفيذ الإصلاحات اللازمة والحفاظ على وحدة اللبنانيين، وذلك من أجل تعزيز ثقة المجتمع الدولي والعربي بلبنان وجذب الاستثمارات إليه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى