
قال النائب فيصل كرامي في برنامج “لقاء الأحد” عبر صوت كل لبنان، إن ذكرى 13 نيسان، ورغم رمزيتها، إلا أن التحضير للحرب الأهلية سبقها بسنوات، واصفًا ما جرى عام 1975 بـ”الانفجار الكبير” الذي ما زالت تداعياته قائمة حتى اليوم.
واعتبر أن مواجهة آثار الحرب لا تُحلّ بالشعارات والعواطف، بل بالمصارحة والاعتراف بالحقيقة، مشددًا: “لا بدّ أن نجلس كلبنانيين على طاولة حوار ونقول كل ما يدور في أذهاننا”.
وأكد أن جهوزية اللبنانيين النفسية والسياسية للانخراط في الحرب، إضافة إلى التدخلات الخارجية، كانت من أبرز الأسباب التي أدت إلى اندلاعها.
ووجّه كرامي نقداً صريحاً لاتفاق الطائف، خصوصًا لفكرة “عفا الله عمّا مضى”، معتبرًا أن غياب العدالة هو العلّة الأساس لاستمرار الانقسام اللبناني. وقال:
“روح اتفاق الطائف كانت قائمة على الحوار وإلغاء الطائفية السياسية، وحلّ الميليشيات… لكن ما حصل هو العكس: الدولة تم حلّها، واستُبدلت بمنظومة مذهبية ميليشياوية هيمنت على المؤسسات العامة لخدمة مصالحها المالية.”
وأشار إلى عودة الخطاب الانقسامي في الخطاب السياسي والإعلامي، مطالبًا بتعزيز الانصهار الوطني عبر:
1. دعم المؤسسات العسكرية.
2. التربية الوطنية غير الطائفية.
3. قيام قضاء عادل ومستقل.
أشاد كرامي بشخصية العماد جوزاف عون، مشيرًا إلى أن الالتفاف الشعبي حوله يعود إلى أدائه المتوازن خلال قيادته الجيش اللبناني، واعتبر أن اللبنانيين يبحثون عن مؤسسات أمنية تحميهم من دوامة الانقسام.
ولفت إلى أن الخطاب الطائفي يعود عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُستعاد أدبيات الحرب الأهلية، محذّرًا من خطر هذا التوجه على السلم الأهلي.
شدّد كرامي على أن الرهان الوحيد المتبقي هو على الدولة ومؤسساتها: الجيش، القوى الأمنية، القضاء، والنظام التربوي. وقال:
“اتفاق الطائف هو الأساس، لكن الالتفاف عليه بقانون انتخاب طائفي يُعيد إنتاج أمراء الحرب”.
وأضاف أنه رغم فوزه في انتخابات 2018، أعلن من أول خطاب له في المجلس النيابي رفضه للقانون الانتخابي الحالي، لأنه – كما وصفه – “ينسف الاتفاق الطائفي ويمهّد لحرب أهلية جديدة”.
تحدث كرامي عن تجربة طرابلس التي كانت لعقود صندوق بريد للرسائل السياسية، ودفعت ثمنًا ديموغرافيًا واقتصاديًا باهظًا. لكنه نوّه إلى أن الوعي الشعبي الطرابلسي تغيّر، قائلاً:
المدينة لم تنجرّ إلى العنف، رغم التوترات الإقليمية وتداخلها مع ملف النزوح السوري.”
وأكد أن طرابلس عبّرت عن تضامن وطني وعربي، ورفضت الانجرار خلف مشاريع التحريض والانقسام.
أشار كرامي إلى أن الوعي لا يكفي إذا لم يُترجم بعدالة اجتماعية وإنماء حقيقي، قائلاً:
“لا يمكن الحديث عن أمن واستقرار دون تحقيق العدالة الاقتصادية.”
وأوضح أن طرابلس، كما مناطق أخرى، بحاجة إلى إنماء متوازن يشعر أبناؤها بأنهم شركاء فعليون في الدولة.
أعاد كرامي التأكيد على تمسكه باتفاق الطائف كإطار صالح، لكنه شدّد على ضرورة توضيح بعض البنود، ومنها:
مسألة تكليف رئيس الحكومة دون مهلة واضحة.
قانون الانتخاب.
الاستراتيجية الدفاعية.
ورأى أن هذه المسائل لا تُحلّ إلا بالحوار الوطني الجامع، مذكّرًا بأن الطائف نفسه وُلد من رحم الحوار بين اللبنانيين.
وفيما خصّ سلاح حزب الله، رأى كرامي أن المنطق يفرض أن يكون السلاح بيد الدولة، لكنه تساءل:
“كيف نحمي لبنان من الأطماع الإسرائيلية وغير الإسرائيلية؟”، معتبرًا أن التخلي عن السلاح دون ضمانات حقيقية لحماية لبنان، أمرٌ خطير.
ودعا إلى حوار وطني يشمل كل القضايا، وألا يقتصر على مسألة سلاح المقاومة فقط.
تطرّق كرامي إلى القرار الدولي 1701، مؤكدًا أن لبنان التزم به، لكن إسرائيل لم تفعل، مشددًا على أهمية التطبيق المتوازن بضمانات دولية.
وقال: “نحتاج إلى حوار شامل يتناول كل الأزمات، من السيادة إلى مكافحة الفساد، لا فقط سحب السلاح.” وختم قائلاً:
“أخطر ما دمّر لبنان ليس فقط السلاح، بل الفساد وسوء الإدارة وغياب التخطيط.”